عبد المنعم الرفاعي
محام بهيئة المحامين بطنجة
تعتبر المادة 86 من قانون المحاماة الإطار القانوني المنظم لشروط الترشيح لمنصب النقيب بحيث تنص على أنه :
( لا ينتخب نقيبا إلا المحامي الذي تتوفر فيه الشروط التالية :
1- أن يكون مسجلا في الجدول منذ خمسة عشر سنوات على الأقل.
2- أن يكون قد مارس من قبل مهام العضوية بالمجلس.
3- أن لا يكون قد صدرت في حقه عقوبة تأديبية.
4- أن لا يكون محكوما عليه أو متابعا في قضية تمس بالشرف أو المروءة.)
إن قراءة سريعة لمقتضيات المادة 86 من قانون مهنة المحاماة تدفع إلى ضرورة التمييز ما بين القضايا الزجرية التي تكفي فيها مجرد المتابعة لإعتبارها مانعا من موانع الترشيح و القضايا التأدببية التي يتعين صدور عقوبة تأديبية بشأنها حتى تعد كذلك ويمكن تعليل هذه القراءة كما يلي :
إن الشرط الثالث جاء واضحا ولا يحتاج إلى تفسير بحيث أن صدور عقوبة تأديبية في حق المترشح لمنصب النقيب هو الذي يعد مانعا من الترشيح وليس المتابعة لأنها بكل بساطة لم ترد في المادة ولا يمكن أن يكون التفسير بالإضافة وإلا سقطنا في التشريع ولو كان المشرع يقصد حتى وجود المتابعة كشرط مانع للترشح لمنصب النقيب لنص على ذلك صراحة.
إن الشرط الرابع يتعلق بوجود حكم زجري أو متابعة زجرية ضد المترشح (في موضوع يتعلق بالمس بالشرف أو المروءة) وما يؤكد ذلك هو أن عبارة( محكوما عليه ) تنصرف الى المحكمة ولا يمكن أن تنصرف الى مجلس الهيئة إذ أن مجلس الهيئة باعتباره مجلسا تأديبيا لم يستعمل المشرع في أي مادة من مواد قانون المحاماة عبارة مماثلة للدلالة عليه أو للدلالة على ما يصدر عنه وإن كان فعلا هو درجة من درجات التقاضي في القضايا التأديبية للمحامين.
إن ما يصدر عن مجلس الهيئة لا يسمى حكما وإنما قرارا أو مقررا بحيث تبتدئ على سبيل المثال لا الحصر المادة 92 بعبارة ( كل المداولات والمقررات التي تتخذها أو تجريها الجمعية العمومية او مجلس الهيئة ) وتبتدئ المادة 93 بعبارة ( تبلغ قرارات النقيب ) وعبارة ( يجري تبليغ مقررات مجلس الهيئة وقرارات النقيب ).
وتبعا لذلك فإن قصد المشرع من عبارة الشرط الرابع هو صدور حكم أو وجود متابعة جارية في المادة الزجرية في قضية تمس بالشرف أو المروءة.
وحتى على فرض ( و هو إحتمال جد مستبعد ) أن المشرع بمقتضى الشرط الرابع يقصد صدور حكم أو وجود متابعة في القضايا التأديبية والزجرية معا فإن المنطق القانوني السليم يفرض التفسير التالي :
أن يكون الحكم بالمؤاخذة أو بالإدانة وليس بعدم المؤاخذة أو البراءة سواء كان ابتدائيا أو نهائيا وأن تكون المتابعة جارية وليست منتهية لأن بانتهائها ننتقل إلى شرط وجود حكم لأن انتهاءها لا يكون إلا بحكم.
خلاصة القراءة : المشرع من خلال المادة 86 يميز بين المادة التأديبية التي لا تكفي فيها المتابعة ولا بد فيها من صدور عقوبة تأديبية والمادة الزجرية حيث تكفي فيها المتابعة فقط في قضية تمس بالشرف أو المروءة لمنع المترشح من الترشح لمنصب النقيب.
لكن محكمة النقض في قضية الأستاذ محمد صباري المحامي بهيئة المحامين بمراكش كان لها رأي مناقض بحيث توسعت في تفسير مقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 86 وجعلتها تشمل القضايا التأديبية والزجرية معا بل وأمعنت في التوسع بحيث اعتبرت المتابعة التأديبية المنتهية بعدم المؤاخذة مانعا من موانع الترشح لمنصب النقيب وهي بذلك تكون قد صادقت على قرار محكمة الإستئناف القاضي بإلغاء انتخاب الأستاذ محمد صباري.
ولعل وقائع قضية انتخاب الأستاذ هشام الوهابي كنقيب لهيئة المحامين بطنجة تتطابق أو تتشابه مع القضية موضوع قرار محكمة النقض- إلا إذا كانت المتابعة التأديبية لا زالت جارية أي لا زال لم يصدر بشأنها حكم - ومن شأن الطعن في انتخابه أن يثير نفس الجدال القانوني المثار سلفا و الذي حسم بقرار فضائي نهائي صادر عن غرفتين مجتمعتين بمحكمة النقض.
وهنا تجدر الإشارة إلى ضرورة تعديل مقتضيات المادة 95 من قانون المحاماة بجعل الهيئة التي تبت في القضايا التأديبية وكل الطعون المقدمة في مواجهة مقررات مجلس الهيئة والطعون المتعلقة بانتخاب النقيب والمجلس مشكلة من محامين ومستشارين حتى تكون القرارات الصادرة عن غرفة المشورة قرارات منسجمة مع روح القانون ومع مقاصد المشرع المتعلقة بتنظيم مهنة المحاماة وأجهزتها المسيرة.