طنجاوي ـ يوسف الحايك
في أول انعقاد له منذ تنصيب حكومة عزيز أخنوش، صادق المجلس الوزاري برئاسة الملك محمد السادس، أول أمس الأحد (17 أكتوبر)، على مشروع قانون تنظيمي يقضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي المتعلق بالتعيين في المناصب العليا.
ومن بين ما تضمنه مشروع القانون إضافة الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي، إلى لائحة المؤسسات العمومية الاستراتيجية التي يتم التداول في شأن تعيين مسؤوليها في المجلس الوزاري.
خطوة هامة
وأكد الحسين والطالب، الباحث في سياسة المخدرات وحقوق الانسان على أهمية مصادقة المجلس الوزاري على إحداث الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي.
وقال والطالب في تصريح لـ"طنجاوي" إن هذا القانون في إشارة إلى القانون 13.21 المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، "لا يناقش أي مسألة متعلقة بالاستهلاك ولكن يحيل ذلك على القانون الزجري لـ21 ماي لسنة 1974"، موضحا أن "المقصود هنا هي الأنشطة الطبية والاقتصادية والتي ليس لها أي علاقة مع الاستهلاك".
وذكر بأن المغرب صادق على الاتفاقية الفريدة والوحيدة لسنة 1961، والتي كان بين أهدافها القضاء على المخدرات بشكل كامل بما فيها القنب الهندي، إلى جانب المخدرات الأخرى ثم وصول الأدوية للجميع.
وسجل المتحدث ذاته وجود "علاقة وطيدة بين المخدرات والأدوية سواء كانت مخدرات نباتية من قبيل الهيروين، وكذلك بالنسبة للقنب الهندي، ومن يتحكم في سوق المخدرات فهو يتحكم في الأدوية".
ورأى أنه على مستوى تصنيف المخدرات على حسب الجداول المعتمدة لدى الأمم المتحدة، قد وقع تغيير في تصنيف الحشيش، وهذا "مؤشر مهم التقطه المغرب بقوة والذي أدى الى إقرار هذا القانون المتعلق بالاستعمالات الطبية لنبتة القنب الهندي".
الحشيش.. رفض وقبول
واعتبر أن المغرب رغم سياسة الحرق والرش التي مارسها لسنوات من أجل تقليص المساحات المزروعة بنبتة القنب الهندي إلا أنه لم يستطع القضاء على الحشيش، بل في المقابل ظهرت مساحات كثيرة جدا؛ خصوصا في بداية الألفية الحالية، حيث تم زرع مساحات واسعة بهذه النبتة.
وَبيَّن والطالب أن ارتفاع المساحات المزروعة بالقنب الهندي كان مرتبطا بارتفاع الطلب على مخدر الحشيش في السوق الأوروبية.
وقال في هذا السياق إن هذا الأمر دفع بعض الخبراء الدوليين إلى القول إنه "اذا أردنا القضاء على الحشيش في المغرب فيجب أن نقنع الأوروبيين بتدخين الجزر بدل الحشيش"، في إشارة إلى إقبال الأوروبيين الكبير على الحشيش؛ مما أدى الى ازدياد المساحات المزروعة وظهور نوع من الاقتصاد الذي يضر بالاقتصاد الوطني من خلال عمليات غسيل الأموال والتهرب الضريبي.
وأضاف أن "الحشيش في مرحلة ما كان مقبولا اقتصاديا ومرفوضا سياسيا؛ لاعتبارات دولية ووطنية، والآن وبعد تقنين الكيف بالقوة الرمزية للمجلس الوزاري بما يمثله من خلال ترأسه من طرف الملك، فقانون تقنين الكيف أخذ صبغة سياسية؛ وأصبح بالتالي مقبولا اقتصاديا وسياسيا كذلك في كل ما يتعلق باستعمالاته على المستوى الطبي والاقتصادي على غرار مجموعة من الدول الأخرى".
من "الحرب" إلى التنمية
وذهب إلى اعتبار إدراج الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي ضمن لائحة المؤسسات العمومية الاستراتيجية التي يتم التداول في شأن تعيين مسؤوليها في المجلس الوزاري "يحمل مؤشرا قويا من حيث انتقال المغرب من الحرب على الحشيش إلى جعله قاطرة للتنمية خصوصا في المناطق الشمالية".
وتوقف عند الانعكاسات الممكنة لعائدات الاستعمال الطبي للكيف في تنمية هذه المناطق، بـ"شرط الا نعيد نفس الممارسة السابقة في تمركز هذه الشركات في طنجة أو الدار البيضاء؛ بل يجب أن تعود عائدات هذه الصناعة إلى الساكنة المحلية، ووضعها في إطار مؤسسات ذات طبيعة استراتيجية يتمركز أساسا في بعده التنموي والشمولي وقطع الطريق أمام مجموعة من المافيات التي أضرت بالاقتصاد الوطني؛ من خلال شبكات التهريب".
ونبه المتحدث ذاته إلى أن "الخطير في الحرب على المخدرات هو ظهور عصابات منظمة تعمل على استنزاف الثروة الوطنية؛ وعليه فإن الغاية من إعطاء البعد الاستراتيجي على المؤسسة هو "التحكم في حجم الإنتاج وفي طبيعة البذور وفي مخزون المنتوج حتى يتم تصريفه في كل ما هو تنموي بالدرجة الأولى".
وأبرز أن المشرع المغربي إلى جانب اعتماده من خلال هذا القانون على المقاربة الاقتصادية، حافظ على المقاربة الزجرية، بالتزامن مع إحداث مجموعة من مراكز العلاج التي أحدثتها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ذات طابع طبي واجتماعي، و"هنا يبقى النص القانوني متخلفا عن الواقع، ويجب مراجعة الظهير بمثابة قانون لماي لسنة 1974، وإلغاء الطبيعة الزجرية عن استعمال القب الهندي في مقابل إضفاء الطبيعة الطبية والعلاجية عليه".
مقاربات.. زجر وعلاج
ولفت إلى أن المقاربة الزجرية "تساهم في ازدياد الاقبال على تعاطي الحشيش وليس العكس؛ وبالتالي ضرورة تغيير المشرع لمقاربته، واعتماد رؤية طبية واجتماعية تعتمد على المواكبة الشاملة؛ لأن المقاربة الزجرية لا تخدم في التعامل مع فئة متعاطي الحشيش".
ودعا والطالب إلى مراجعة وتعديل قانون 21 ماي لسنة 1974 خصوصا في المادة 8 منه، والقانون الجنائي في فصوله 80 و81، و82، وكذلك الفصل 320، والتي تشكل مجتمعة مدونة قانونية تتعامل مع الأشخاص متعاطي المخدرات.
وشدد على أن هذه النصوص القانونية التي رغم الإحالة على ما هو طبي إلا أن هناك مجموعة من النواقص من بينها العلاقة ما بين القضاء والأطباء؛ في ما يخص التعاون بينهم والسر المهني وإمكانية إحالة مراكز الشرطة والنيابة العامة على المصالح الطبية، وهي إشكالات كبيرة جدا.
وحث على "ضرورة تغيير المنظومة الزجرية في التعامل مع الأشخاص المتعاطين للمخدرات؛ لأن التجارب أثبتت على غرار دولتي البرتغال وهولندا أنه كلما كانت هناك مقاربة طبية واجتماعية كلما قلت نسبة تعاطي المخدرات، وما يصاحبها من امراض نفسية واجتماعية".
وقال والطالب إن "التكلفة الاجتماعية والصحية لاعتقال الأشخاص بسبب تعاطي المخدرات تكلف ميزانية الدولة بكثير مما يكلفه العلاج إذا اعتمدنا مقاربة طبية واجتماعية".
مؤتمر طنجة
وعلى صعيد متصل، قال البروفيسور رضوان ربيع، رئيس الجمعية المغربية الاستشارية لاستعمالات القنب الهندي، إن استعمال القنب الهندي في الصناعات الطبية والصناعية الرامية للاستفادة من مختلف مميزات النبتة المتوفرة بالمغرب "أصبح قاطرة لنشاط صناعي متجدد".
وأضاف ربيع، في بلاغ صحافي، بمناسبة احتضان مدينة طنجة لأول مؤتمر دولي حول استعمالات القنب الهندي لأغراض علمية وطبية بين 22 و 24 أكتوبر الجاري، بالقول إننا "نتوقع من هذا اللقاء أن نثير الانتباه إلى أهمية التسريع باستعمال القنب الهندي في الصناعات ذات الصلة والهادفة إلى الاستفادة من مختلف المميزات التي تعرفها هذه المادة المتوفرة بالمغرب".
واعتبر أن حسن استغلال هذه النبتة "قد يصبح قاطرة لنشاط صناعي متجدد، وذلك في الإطار التنموي المنشود المعبر عنه في النموذج الجديد للتطور الاقتصادي بالمغرب".
وتابع رئيس الجمعية أن "الوقت يداهمنا وعلينا مباشرة الإجراءات العلمية بعد أن توفرت لدينا الجوانب القانونية التي تتيح فرصة تحقيق مكاسب متعددة سيما بالنسبة للمناطق المغربية حيث تتوفر زراعة هذه النبتة بشكل فريد وملحوظ”، معربا عن الأمل في أن “تولي الحكومة الجديدة إلى هذا الموضوع ما يستحق من رعاية ومواكبة للشروع في اتخاذ التدابير العلمية من أجل تحقيق النتائج المتوخاة من استغلال هذه المادة على مستويات متعددة”".
وتنظم الجمعية المغربية الاستشارية لاستعمالات القنب الهندي من 22 إلى 24 أكتوبر الجاري، مؤتمرا دوليا حول الاستعمالات العلمية والصناعية والعلاجية للقنب الهندي، وهو المؤتمر الدولي الأول من نوعه الذي يعقد في المغرب بعد صدور تقنين استعمال القنب الهندي بالمغرب.
وتكمن أهمية هذه التظاهرة العالمية في عدد ونوعية المشاركين فيها والذين ينتمون إلى عدة دول، لاسيما من الولايات المتحدة وكندا وإسبانيا وهولندا، إضافة إلى شخصيات علمية وطنية مشهود لها بالكفاءة والنزاهة العلمية، وباحثين ورجال أعمال وصناعة.
منظومة قانونية
وصادق مجلس النواب، في جلسة عمومية، في الـ27 ماي الماضي، بالأغلبية على مشروع القانون رقم 13.21 المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي.
وحظي مشروع القانون، الذي يروم تحسين دخل المزارعين وخلق فرص واعدة وقارة للشغل، بموافقة 119 نائبا ومعارضة 48 آخرين.
وأكد عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية في معرض تقديمه لمضامين مشروع القانون أن هذا النص القانوني يأتي انسجاما مع التحولات التي عرفها النظام العالمي لمراقبة المخدرات، وفي سياق دقيق متسم بإقبال غير مسبوق لدول العالم من أجل تطوير زراعة القنب الهندي والاستفادة من العائدات المالية التي توفرها الأسواق لمنتجاته المشروعة.
وأكد أن المشروع "يعتبر المزارع كحجرة الزاوية لهذا الورش حيث سمح له دون غيره الحصول على رخصة الزراعة تسلمها الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي المحدثة بموجب مشروع هذا القانون".
ودعما لقدرات المزارعين التفاوضية تجاه المصنعين، يقول الوزير، فقد اعتمد النص القانوني تنظيمهم في إطار تعاونيات يوكل لها إبرام العقود مع المصنعين والحرص على ضمان حقوق المزارعين، مضيفا أن الوكالة أنيط بها أيضا دعم المزارعين وتمكينهم من تبني الممارسات الفضلى للزراعة المستدامة والانفتاح على الخبرات العالمية، وكذا الحصول بذور وشتائل ذات جودة عالية.
وأشار لفتيت إلى أن مشروع هذا القانون اعتمد كذلك مقاربة النوع بحيث أوكل للوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي النهوض بأوضاع المرأة القروية لهاته المناطق.
كما صادق مجلس الحكومة برئاسة سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة السابق، في الـ23 غشت الماضي، على مشروع مرسوم رقم 2.21.642 بتطبيق المادتين 32 و35 من القانون 13.21 المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي.
وينص القانون 13.21 وبالتحديد في مادته 31 على إحداث الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي.
وحدد مشروع المرسوم في مادته الأولى تحديد الجهة التي تتولى الوصاية على الوكالة ممثلة في وزارة الداخلية، مع مراعاة السلط والاختصاصات المخولة للسلطة الحكومية المكلفة بالمالية بموجب القوانين والأنظمة المطبقة على المؤسسات العمومية.
ونص في مادته الثانية على تحديد تركيبة الوكالة التي روعي فيها إدراج مختلف المؤسسات والهيئات التي لها اختصاصات من مختلف الأنشطة المنصوص عليها في القانون السالف الذكر، وبالتالي سيمكن مشروع هذا المرسوم من ممارسة مهامها في تفعيل هذا القانون.
وأعطى القانون رئيس الحكومة سلطة رئاسة المجلس الإداري للوكالة، في حين يتكون مجلس إدارتها من وزير الداخلية أو من يمثله، ووزير الخارجية أو من يمثله، ووزير المالية أو من يمثله، ووزير الفلاحة أو من يمثله، ووزير الصحة أو من يمثله، والوزارة المكلفة بالماء أو من يمثلها، والوزارة المكلفة بالبيئة أو من يمثلها، والمدير العام للوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات، والمدير العام للمكتب الوطني للسلامة الصحية والمنتجات الغذائية.