طنجاوي
فجأة، استفاق "الإخوان" من غيبوبتهم السياسية على أعتاب 2021 والطريق إلى الامتحان، يستصرخون ويصرخون، وقد اكتشفوا أن "طنجة تعاني" !.
فبعد بيات سياسي دام حوالي خمسة أشهر، دبجت الكتابة الإقليمية لحزب العدالة والتنمية بطنجة، المتحكم في دواليب تدبير شؤون مجلس المدينة ومجالس مقاطعاتها الاربع، بلاغا ظلوا فيه اوفياء لاسلوب الاستغلال السياسوي للازمات والجوائح، حاولوا من خلاله تقمص دور المدافع عن المدينة والغيور على ساكنتها، والغاية الحفاظ على تعويضات وحصانة وامتيازات المناصب والكراسي من بوابة انتخابات 2021.
لماذا البلاغ في هذا التوقيت بالضبط؟!
لن نكشف سرا بالقول ان الأخوان يشعرون بأنهم مهمشون، وبأنهم ليسوا فاعلين ومؤثرين في الساحة منذ ان ابتليت بلادنا بهاته الجائحة، ومن يعرف العقلية المتحكمة في مفاصل القرار داخل حزب المصباح يدرك جيدا أنهم لن يقبلوا بان يسحب البساط من تحت ارجلهم، وهم الذين يتقنون استغلال الازمات لاكتساح صناديق الاقتراع ..
فمع تفشي الجائحة، لم يتورع حزب "صوتكم همزتنا" عن المطالبة بإشراك المنتخبين في تنزيل القرارات التي اتخذتها الدولة، وهو المطلب الذي يخفي وراءه طموحه للركوب على جهود مؤسسات الدولة لاستثمارها انتخابيا ليس إلا.
وكان رد الدولة حازما: لن يتم السماح بأي شكل من الأشكال لأي تنظيم حزبي كيفما كان لونه بتوظيف الجائحة لتحقيق مكاسب انتخابية...
اليوم، وبعد ان بدأت الجهود المضنية التي بذلتها السلطات الولائية بطنجة تؤتي ثمارها، خاصة الدور الكبير والحاسم الذي قام به الوالي مهيدية لتعزيز العرض الصحي بالمدينة، وهو ما تجسد في الرفع من قدرات المستشفيات العمومية على مستوى وحدات الانعاش، والتسريع بافتتاح مختبر كلية الطب، وإعادة تجهيز مختبر معهد باستور، بعد تهميش دام لعدة عقود، ناهيك عما ابانته السلطات المحلية من قدرات تنظيمية ولوجستيكية محكمة، وتنسيق وثيق مع هيئات المجتمع المدني لتقديم الدعم الاجتماعي للاسر المعوزة.
وعندما اتضح للإخوان أن الدولة ماضية في اتخاذ التدابير الرامية إلى محاصرة تفشي الوباء، وعزمها على الأخذ بزمام المبادرة، عاد الحزب من بعيد ليلعب بورقة المجتمع المدني، مطالبا بتفعيل المقاربة التشاركية التي هو الأبعد عن تفعيلها!.
لكن،
في الوقت الذي تجندت فيه فعاليات المجتمع المدني بالمدينة دون قيد أو شرط للتطوع دعما لجهود الدولة، في مواجهة هذا الوباء من دون خلفيات سياسية ولا بحثا عن تموقع انتخابي، وساكنة طنجة تعرف اليوم الجهود التي بذلها نشطاء المجتمع المدني الغيورين على مدينتهم، وتعرف حجم الدعم الذي قدموه للتخفيف من معاناة ساكنة المدينة، وعلى علم وبينة من إصرارهم على طرق الابواب قي الرباط للترافع من أجل أن تستفيد طنجة من الدعم الذي تستحقه على مختلف المستويات، - في هذا الوقت - كان هاجس الحزب الذي يقود المدينة البحث عن موطئ قدم لتسويق نفسه انتخابيا، ولذلك اختار موقع المتفرج، يتحين الفرصة والوقت المناسبين للركوب على هاته الازمة..
ولأن سلطات طنجة، بإشراف مباشر من الوالي مهيدية، لم تغلق يوما الباب في وجه المجتمع المدني المؤمن بالتطوع خدمة للوطن والمواطن، وبالانخراط في دعم جهود الدولة دون طموح انتخابي، فقد أدرك حزب البيجيدي ان اذرعه الجمعوية باتت هي الأخرى على الهامش، وستفقد من دون شك تغلغلها داخل فئات شعبية عريضة، مستغلة الفقر والهشاشة، لذلك سارع لتأليب الرأي العام على سلطات المدينة ببلاغ ملغوم، متغاضيا عن حجم التعاون والانخراط المشترك بين السلطات و المجتمع المدني للخروج من الأزمة، قاطعين بذلك الطريق على متصيدي الفرص ومبتزي الدولة والشعب.
والحال، كان يتوجب على مسؤولي البيجيدي محليا وجهويا، على السواء، التوجه رأسا إلى الرباط ليزبدوا ويرغدوا في وجه العثماني وقيادات الحزب المنتفعين من الامتيازات الحكومية منذ ثمان سنوات، منتقدين التهميش والإهمال والتقصير الحكومي في الاهتمام بقطاع الصحة العمومية بمدينة طنجة، حيث كشفت الجائحة هول الخصاص الذي يعرفه على مستوى البنيات التحتية والتجهيزات الطبية والموارد البشرية، ولكان عليهم أن يطالبوه بتوضيح القرارات التي اتخذها بصفته رئيسا للحكومة في حق ساكنة طنجة، تفعيلا لدورهم الدستوري الذي تغنوا به في بلاغ لا يستحق ثمن الحبر الجاف الذي كتب به.
ولأن مدبجي البلاغ مهووسون بتقديم النصح وإعطاء الدروس، ألم يكن حريا بهم الاعتذار عن صورة العبدلاوي رفقة التوابيت، التي شكلت صدمة لساكنة المدينة وهم يرون عمدتهم يبشرهم بالموت القادم لامحالة، ولاضير في استثماره انتخابيا، مثلما عليهم الاعتذار لعائلات الموظفين بجماعة طنجة، بعدما خطفت كورونا ارواحهما، بسبب الإهمال والتقصير في توفير مواد وأدوات الوقاية والتعقيم، ما تسبب في حصد الاروح وتفشي الوباء بين الموظفين..
أخيرا،
على أصحاب البلاغ أن يدركوا بأن الجري وراء المكاسب الانتخابية عبر الركوب على الأزمات، والاستثمار في الجوائح، يخفي حتما مطبات وألغام، قد تجعل من صناديق الانتخابات توابيت لدفن مخطط الاكتساح الانتخابي المنتظر.