طنجاوي – هشام الراحة
في أحد أزقة سوق الداخل، ما بين "حومة الشرفة" و "ساحة عيساوى" يوجد جامع عتيق، كان في أيام مضت جميلا و أنيقا. إنه الجامع الجديد، ثالث أشهر جوامع المدينة العتيقة بطنجة، بعد الجامع الكبير، وجامع الناصرية. " شَرَعَ أهل طنجة في بنائه منتصف القرن التاسع عشر الميلادي (1236هـ/1847م) ثم توقّف العمل، وبعد ذلك جاء الأمر السلطاني إلى النائب بطنجة السيد محمد الخطيب بتكميل بنائه عام 1860م "، حسب الباحث في تاريخ المدينة، الدكتور رشيد العفاقي.
قرن ونيف على بنائه، جعلته يعرف تصدعات وتشققات، إلى أن جاء الأمر من السلطات المختصة بإغلاقه، قصد إعادة تهييئه وترميمه، بعد فاجعة مسجد مكناس في فبراير 2010. الأمر الذي خلق إنزعاجا لدى سكان الحي، يقول سي محمد، أحد سكان الحي لموقع طنجاوي: " خمس أعوام من إغلاق المسجد، مما يفرض علينا الذهاب إلى مساجد الأحياء المجاورة، كان الجامع الجديد يحتضن عددا مهما من المصلين، وتقام الصلاة به بالتأخير ربع ساعة حتى يلتحق الجميع. كنا نستمتع بسماع قراءة الحزب، أما الآن تحول إلى فضاء تغزوه الحشرات والفئران الضخمة ".
ولمعرفة رأي الجهات المختصة، أكد الأستاذ أحمد كنون، رئيس المجلس العلمي بطنجة، لموقع "طنجاوي" أن " الجامع الجديد يدخل في البرنامج الوزاري من أجل إعادة ترميم المساجد التي تعاني من الإهتراءات، وسينطلق العمل على ترميمه في الأسابيع المقبلة".
تصريح رئيس المجلس العلمي لم يحدد تاريخا محددا للشروع في الأشغال، ولا متى ستنتهي، مما يفتح الباب أمام التساؤلات حول الأسباب الحقيقية لكل هذا التأخر، علما أن التعليمات الملكية كانت واضحة بضرورة الإسراع في ترميم المساجد المغلقة في أقرب وقت ممكن.
وأيا كانت الأسباب الكامنة وراء هذا التأخر في انطلاق أشغال الترميم، فإن الواقع يشهد على جريمة بشعة ترتكب في حق هاته المعلمة الأثرية، الأمر الذي يضع الساهرين على تدبير شؤون المدينة أمام مسؤولياتهم، ويدفع المتتبعين إلى التساؤل بحرقة عن أسباب التعامل بمكيالين مع مشاريع طنجة الكبرى ففي الوقت الذي تنجز فيه أوراش إنارة الشوارع الكبرى وتعبيد الطرقات بسرعة قياسية، يتم التعاطي ببطئ شديد مع مشاريع تأهيل المباني الأثرية و الفضاءات الدينية والثقافية.