طنجاوي _ يوسف الحايك
حلت أول أمس الاثنين، الذكرى 19 للأحداث الارهابية التي هزت مدينة الدار البيضاء في 16 ماي سنة 2003.
وتوقف يونس دافقير، الكاتب الصحافي في صحيفة "الأحداث المغربية"، والمحلل السياسي عند هذا الحدث.
واعتبر دافقير في مقال له بعنوان "أمير المؤمنين" أنه من "البديهي ان تقدم كل الدول، وبدرجات متفاوتة في الجودة والمشروعية والفاعلية، أجوبة أمنية على أسئلة التهديد الإرهابي، المغرب تفوق في ذلك. هذا أمر مفروغ منه".
ورأى أن"ما ميز الحالة المغربية تحديدا في معالجتها للحظة 16 ماي 2003 هو عدم اكتفائها بالجواب الأمني، بل قدمت أيضا أجوبة دينية، ونقلت المعركة من ملعب المجرمين إلى رحاب جمهور المؤمنين".
في هذا عاد المغاربة إلى "أمير المؤمنين حامي الملة والدين"، هذه الفرادة في النظام السياسي المغربي تظهر أهميتها في لحظات غير متوقعة، يقول كاتب المقال.
وأضاف أنه و"بعد ان لعبت دور اللحمة في توحيد الأمة واختياراتها الروحية، استدعيت من جديد في وظائف جديدة: مواجهة الجريمة الايديولوجية المنظمة".
وذكر بأنه "عاما بعد الأحداث الأليمة تم إرساء مرجعية اعتدال واضحة المعالم تقوم على ركائز إمارة المؤمنين، المذهب المالكي، العقيدة الأشعرية والتصوف الجنيدي، وابتداء من يونيو 2004 انطلقت هيكلة العلماء وتكوينهم عبر العشرات من المجالس العلمية، نظمت المساجد وتم استبعادها من التوظيف السياسي والايديولوجي...".
وتابع أنه"بينما تم إغلاق منافذ العشوائية في نظام الإفتاء من داخل المجلس العلمي الاعلى، يمثل كتاب " دليل الواعظ والإمام والمرشد" واحدا من المئات من الأدبيات الدينية التي تم إنتاجها لتوضيح مختلف مناحي الإسلام المغربي المعتدل".
وفي الجانب السياسي سجل دافقير أن المواجهة الروحية مع الجريمة الايديولوجية أعطت بعدا ونفسا جديدين لمؤسسة إمارة المؤمنين، أجمل في ثلاث نقاط:
أولها، انتقال المؤسسة من حقل الإشكال الدستوري المنظم بدساتير 1962 إلى 1996 الذي يتوسع فيه المقدس على حساب المدني وتتركز فيه السلط مما جعلها مثار جدل سياسي ودستوري، إلى حقل الحليف الموضوعي لقوى الحداثة.والحامية للحق في الحياة ولمكتسبات الديمقراطية في مواجهة مشاريع التخريب الايديولوجي الدموي.
وثانيها، تجاوزت تجديدات مؤسسة إمارة المؤمنين حدودها الوطنية، واصبحت رأسمال غير مادي عابر للحدود، من أوروبا والعالم الاسلامي وأفريقيا ستبدإ رحلة " الإسلام المغربي المعتدل" ، وبعد تراجع المشاريع الدينية السياسية المشرقية، سيصعد نجم إمارة المؤمنين، كرافعة لإسلام آخر غير متطرف وغير عنيف،، في "السوق الدولية" لمعروضات الإصلاحات الدينية.
أما الثالثة بحسب كاتب المقال هي التراكمات التي حازتها إمارة المؤمنين في إطار الاستراتيجية الجديدة لاعادة هيكلة الحقل الديني، والتوسع الكبير في قواعدها الجماهيرية مع حسم اشكالات الشرعية والمشروعية، هو ما جعلها في 2011 تكون مهيأة لمسايرة التوجه الديمقراطي الجديد في المجتمع، ولذلك انتهت مرحلة " قدسية الملكية" واعتبار إمارة المؤمنين دستورا فوق الدستور. ومن جديد عادت إلى وظائفها الدينية، وتركت للملك الدستوري والحكومات المنتخبة صلاحيات الشؤون الدنيوية.
وخلص دافقير إلى أن هذا الأمر شكل تحولا كبيرا تطلب قرابة 20 سنة، "ويمكن ان له كعنوان كبير : أمير المؤمنين .. إسلام في خدمة الديمقراطية والتسامح والإعتدال" .