طنجاوي

لم يكن أحد يتوقع أن يتحول شجار عابر داخل صالون حلاقة بمنطقة النجمة في مدينة طنجة، في أواخر أبريل 2021، إلى بداية كشف خيوط نزاع خفي بين شخصين جمعتهما سنوات من العمل المشترك في مجال تهريب المخدرات، وانتهت صداقتهما بحقد واتهامات متبادلة فاجأت الحاضرين بإحدى جلسات غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بطنجة.

تفاصيل الواقعة بدأت عندما اقتحم "محمد.م" محل الحلاقة حيث كان يوجد "سعيد.أ"، واندلع بينهما شجار عنيف تسبب في إصابة الأخير بكسر استدعى تدخلاً طبيا ليضع شكاية لدى المصالح الأمنية، متهما "محمد" بمحاولة اختطافه والاعتداء عليه بمعية أشخاص آخرين. غير أن أطوار المحاكمة، التي جرت إحدى جلساتها يوم 13 ماي 2025، قلبت الرواية رأسا على عقب وكشفت عن تاريخ مشترك غارق في أنشطة غير قانونية بين الطرفين.

وفاجأ "محمد" المتهم الرئيسي المحكمة بتصريحات مثيرة حين أقرّ بضلوعه رفقة سعيد في تهريب أزيد من طن من الحشيش نحو إسبانيا قبل سنوات، مضيفا أن شريكه السابق لا يزال مدينا له بكمية تصل إلى 500 كيلوغرام من ذات الشحنة، فضلاً عن صفقة حديثة اقترحها سعيد لتهريب كمية جديدة بقيمة 250 مليون سنتيم، كما اتهمه بالتملص من دفع مبلغ 140 ألف يورو مقابل سيارات فارهة تم بيعها في وقت سابق.

ونفى سعيد كل تلك الادعاءات، مؤكدا أنه طوى صفحة الماضي منذ عودته إلى المغرب، حيث استقر وبدأ حياة جديدة بعيدا عن أي نشاط غير قانوني، مؤكدا بأن محمد ظل يطارده ويطالبه بالمال، وحين رفض الخضوع للابتزاز، لجأ هذا الأخير إلى العنف.

القضية التي بدت في ظاهرها نزاعا شخصيا تطورت لتصبح ملفاً معقداً يُرجّح أن يكشف عن معطيات جديدة بشأن شبكات تهريب المخدرات بين المغرب وإسبانيا، وطبيعة العلاقات المتشابكة بين أعضائها.

وحاول دفاع المتهم التخفيف من خطورة الملف، مؤكداً أن القضايا المرتبطة بالاتجار بالمخدرات مشمولة بالتقادم، وأن الخلاف الحالي لا يتجاوز كونه نزاعا مدنيا حول معاملة مالية مرتبطة ببيع سيارات.

وفي ظل التناقض الصارخ بين روايتي الطرفين، وغياب أدلة حاسمة، قررت المحكمة تأجيل الجلسة إلى نهاية شهر ماي، في انتظار الاستماع إلى شهود جدد قد يحملون مفاتيح لفك هذا اللغز المعقد.