طنجاوي
كشف مؤشر السلام العالمي (GPI) لعام 2025، الصادر حديثًا عن معهد الاقتصاد والسلام العالمي، عن وضع المغرب في المرتبة 85 عالمياً من أصل 161 دولة، ليُصنّف بذلك ضمن قائمة الدول ذات مستوى السلام “المتوسط”. ويأتي هذا التصنيف في وقت دق فيه التقرير ناقوس الخطر بشأن تدهور السلام العالمي إلى مستويات مقلقة، معتبراً أن العديد من مؤشرات النزاع بلغت ذروتها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
حصلت المملكة المغربية على تنقيط 2.012 في المؤشر، الذي يعتمد على 23 مقياساً كمياً ونوعياً لتقييم حالة السلم عبر ثلاثة محاور أساسية: مستوى الأمان والسلامة المجتمعية، مدى النزاعات القائمة، ودرجة العسكرة. وعلى الصعيد الإفريقي، حلّ المغرب في المرتبة العاشرة، بينما تصدرت موريشيوس (26 عالمياً) قائمة الدول الأكثر سلاماً في القارة، تلتها بوتسوانا (43 عالمياً)، ثم سيراليون (57 عالمياً).
على قمة التصنيف العالمي، واصلت إيسلندا ريادتها كأكثر دول العالم سلاماً للعام السابع عشر على التوالي، متبوعة بإيرلندا ونيوزيلندا. وأرجع التقرير هذا الاستقرار إلى تمتع هذه الدول بمستويات عالية من “السلام الإيجابي”، وهو المفهوم الذي يشير إلى وجود الهياكل والمواقف التي تعزز المجتمعات وتجعلها أكثر مرونة وقدرة على حل خلافاتها سلمياً.
لكن الصورة العالمية العامة تبدو أكثر قتامة، حيث أظهر المؤشر تدهوراً في متوسط السلام العالمي بنسبة 0.36%، وهو التدهور الثالث عشر خلال 17 عاماً. وقد شهدت 87 دولة تراجعاً في مستويات السلام لديها، مقابل تحسن 74 دولة فقط. وحذر التقرير من أن العالم يشهد تصاعداً في التوترات الجيوسياسية وزيادة في النزاعات وتفككاً في التحالفات التقليدية، مما يدفع المزيد من الدول نحو زيادة عسكرتها.
ويعزو التقرير هذا التدهور إلى حقائق مثيرة للقلق، أبرزها وجود 59 نزاعاً مسلحاً نشطاً في العالم، وهو الرقم الأعلى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. كما أصبحت هذه النزاعات أكثر استعصاءً على الحل؛ حيث انخفضت نسبة الصراعات التي انتهت باتفاقيات سلام من 23% في سبعينيات القرن الماضي إلى 4% فقط في العقد الأخير، مما يشير إلى فشل متزايد في آليات الوساطة والتسوية.
وخلص معهد الاقتصاد والسلام الأسترالي إلى أن النزاعات أصبحت أكثر تدويلاً، حيث تورطت 78 دولة في نزاعات خارج حدودها. ويفسر التقرير هذا التصعيد بـ”التفتت الجيوسياسي”، وتزايد التنافس بين القوى الكبرى، وصعود نفوذ القوى المتوسطة التي أصبحت أكثر نشاطاً وتأثيراً في مناطقها، مما يزيد من تعقيد الأزمات ويجعل حلها أكثر صعوبة.