طنجاوي
انتصار قانوني جديد لصالح النساء المغربيات العاملات بصفة عابرة للحدود ، بعد أن أصدرت محكمة العدل العليا في إقليم الأندلس حكمًا يخول لهن تسوية أوضاعهن القانونية عبر مسطرة "الاندماج المهني" (arraigo laboral)، بعد معاناة دامت سنوات بسبب تداعيات إغلاق الحدود خلال جائحة كوفيد-19.
واحتفت جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان بالأندلس (APDHA) بهذا الحكم، معتبرة إياه خطوة "نحو إنصاف هؤلاء النساء اللاتي وُضعن في أوضاع غير إنسانية"، بعد أن وجدن أنفسهن محاصرات داخل مدينة سبتة المحتلة منذ مارس 2020، دون إمكانيات قانونية للعودة إلى بيوتهن في المغرب أو لتسوية وضعهن داخل إسبانيا.
من الجائحة إلى النسيان
وبحسب تقديرات الجمعية، فإن أكثر من 3500 عاملة مغربية تأثّرن بشكل مباشر بإغلاق الحدود، معظمهن كن يشتغلن في القطاع المنزلي أو بأعمال غير مهيكلة، ما جعلهن عرضة للتهميش، دون عقود رسمية أو حماية قانونية.
ورغم مناشدات متكررة من الجمعيات الحقوقية داخل إسبانيا، استمر "تجاهل" هذه الفئة طيلة عامين، وفق ما أفادت به الجمعية في بيانها، مشيرة إلى أن النساء المعنيات "لم يُسمح لهن بتسوية أوضاعهن رغم توفرهن على روابط عملية حقيقية داخل التراب الإسباني".
في عام 2021، أطلقت الجمعية حملة وطنية بعنوان "عاملات عابرات للحدود... لهن حقوق"، بدعم من أكثر من 100 منظمة حقوقية ومدنية، وطالبت السلطات بتوفير حل قانوني لوضعية هؤلاء النساء، ووصفت ما تعرضن له بأنه "تخلي مؤسسي ممنهج".
تفاصيل الحكم: الاعتراف بالاندماج المهني رغم "الإقامة القسرية"
الحكم القضائي الجديد اعتبر أن الإقامة الطويلة القسرية في سبتة، والمثبتة بعقود عمل سابقة، تخول لهؤلاء العاملات التقدم بطلب تسوية وضعهن عبر مسطرة الاندماج المهني، حتى لو لم يكنّ يقمن بشكل دائم داخل إسبانيا قبل الجائحة.
وجاء في توضيحات الجمعية أن "العبث في القانون الإسباني للأجانب يتمثل في كونه يجبر الشخص على أن يكون في وضعية غير قانونية لمدة عامين حتى يتمكن من تسوية وضعيته، رغم وضوح الروابط الاجتماعية والمهنية التي تربطه بالمكان". وأضافت: "قبل الجائحة، كانت العاملات يعبرن يوميًا من المغرب للعمل، دون أن يتوفرن على إقامة دائمة، وهو ما حرمهن من حق التسوية لاحقا".
آثار نفسية واجتماعية عميقة
وأبرزت الجمعية في بيانها أن كثيرًا من النساء عشن أوضاعا مأساوية: "منهن من فقدن أقاربهن دون أن يتمكنّ من وداعهم، أو عانين من الاكتئاب والقلق، وبعضهن عشن لأشهر طويلة على أدوية نفسية"، مشيرة إلى أن "الدولة تركتهن في العراء، بلا حماية ولا مساندة".
"نصر للكرامة... وصوت من الهامش"
واعتبرت APDHA أن الحكم القضائي الأخير هو "انتصار للكرامة والعدالة"، واعتراف بنضال العاملات أنفسهن، اللواتي نظمن وقفات واحتجاجات أمام مقر مندوبية الحكومة في سبتة، متحديات الخوف والتجاهل.
وقالت الجمعية: "لقد أظهرن شجاعة كبيرة. فهذه المعركة لم تكن معركة محامين أو منظمات فقط، بل كانت أولا وأخيرا معركتهن، وهن من رفعن الصوت حين صمت الجميع".
وأضافت الجمعية أن "عددا كبيرا من هؤلاء النساء كن يساهمن فعليا في الاقتصاد الإسباني، ويدفعن اشتراكات الضمان الاجتماعي منذ سنوات طويلة، وهو ما يفرض على السلطات احترام حقوقهن القانونية والإنسانية".