أخر الأخبار

خلفيات وتحديات.. لماذا قرر ترامب الآن تغيير اسم وزارة الدفاع الأميركية إلى الحرب؟

طنجاوي

 

يتجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى اعتماد تسمية "وزارة الحرب" بدل وزارة الدفاع.

 

وفي هذا السياق نشر موقع "الجزيرة. نت" مقالا بعنوان "لماذا قرر ترامب الآن تغيير اسم وزارة الدفاع الأميركية إلى الحرب؟" لتحرير أبعاد هذا القرار وخلفياته. 

 

واعتبر المقال أنه "الآن،  بعد ثمانية عقود أعاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب فتح الدفتر ذاته، لكن بنظرة مختلفة ترى أن كلمة "الدفاع" أوهنت صورة بلاده، وأن استخدام كلمة "الحرب" يتماشى مع نهج يستعيد أمجاد عصر القوة.

 

فمع وصول ترامب إلى البيت الأبيض مطلع عام 2025، أصدر سلسلة قرارات تركز على أسماء وتواريخ يعتبرها جزءا من عصر الانتصارات الأميركية، فغيّر اسم "خليج المكسيك" إلى "خليج أميركا" وأعاد تسمية قواعد عسكرية سبق أن غيرها الرئيس الأسبق بايدن، وأخيرا في الخامس من شتنبر الجاري، أصدر أمرا تنفيذيا بإعادة تسمية وزارة الدفاع لوزارة الحرب، ضمن خطاب رسمي يحمل نبرة هجومية تجاه المنافسين.

 

وذكر بأنه سبق أن لمّح ترامب -خلال حديثه في المكتب البيضاوي يوم 25 غشت الماضي- برغبته في إعادة وزارة الدفاع إلى اسمها السابق "وزارة الحرب" الذي يعود إلى عام 1789. 

 

واعتبر أن الاسم الحالي ليس جيدا بما يكفي، ومفضِّلا نغمة "الحرب" لأنها أقوى، ولارتباطها في ذهنه بانتصارات الولايات المتحدة في الحربين العالميتين الأولى والثانية.

 

وأوضح ترامب أن الاكتفاء بالدفاع لا يليق بدولة اعتادت -على حد قوله- أن "تفوز في كل الحروب"، وشدد على ضرورة أن يعكس الاسم نزعة هجومية. ووجه ترامب حديثه إلى وزير الدفاع بيت هيغسيثقائلا: "إذا كنتم تريدون تغييره مرة أخرى إلى ما كان عليه عندما اعتدنا على الفوز في الحروب طوال الوقت، فلا بأس بذلك".

 

وفور صدور الأمر التنفيذي من الرئيس، انخرطت المؤسسة العسكرية في تنفيذ القرار بسرعة لافتة. فقد أعيدت تسمية الحساب الرسمي للبنتاغون على منصة إكس، في حين استخدم هيغسيث لقب "وزير الحرب" في المراسلات الرسمية.

 

وأكد هيغسيث أن الخطوة تتعدى كونها مجرد تعديل شكلي في الألفاظ، بل "تتعلق بتعزيز روح المحارب في البنتاغون"، وبما يتواءم مع شعارات إدارة ترامب "أميركا أولا، السلام من خلال القوة"، في حين شدد المتحدث باسم البنتاغون شون بارنيل على أن هذا التغيير ضروري بحجة "أن كسب الحروب يشكل جوهر المهمة الأساسية للجيش، وأن الدفاع وحده لا يكفي، بل يجب الاستعداد للهجوم على أعدائنا والهيمنة عليهم".

 

من جهته، أوضح دان كالدويل، المساعد السابق لهيغسيث، أن الولايات المتحدة لم تتوقف عن شن الحروب والتدخلات منذ عام 1947، أن العودة إلى الاسم القديم ليست سوى اعتراف بحقيقة الدور الفعلي لوزارة الدفاع خلال السنوات الثمانين الماضية، فالولايات المتحدة لم تتوقف عن شن الحروب.

 

رغم الضجيج الذي أثارته خطوة ترامب، فإنها لا تحمل في ذاتها قوة قانونية مُلزمة، فتغيير اسم وزارة الدفاع رسميا يظل رهنا بقرار الكونغرس، إذ لا يزال الاسم الحالي منصوصا عليه في القانون.

 

ومما ورد في المقال أن ترامب لا يبدو معنيا بالقيود التشريعية بقدر ما يركز على البعد الرمزي والسياسي لخطوته، في وقت تحرك فيه بعض حلفائه في الكونغرس لتمهيد الأرضية التشريعية أمامه، فقدّم رئيس لجنة الرقابة في مجلس النواب جيمس كومر مشروع قانون يسهل على الرئيس إعادة تنظيم الوكالات الحكومية وتغيير أسمائها، وبادر جمهوريون آخرون -مثل ريك سكوت ومايك لي- إلى طرح تشريعات لدعم التغيير، في محاولة لإضفاء غطاء قانوني على ما يصفونه بعودة الوضوح والقوة إلى لغة الدولة الأميركية.

 

وعند العودة للحاضر، نجد أن قرار الرئيس ترامب أثار موجة انتقادات حادة من الديمقراطيين الذين وصفوا الخطوة بأنها مسرحية سياسية تهدف لصرف الأنظار عن القضايا الدفاعية الجوهرية.

 

فإعادة تسمية الوزارة -وفق رأيهم- لا تُضيف شيئا إلى القدرات الأميركية ولا تُقوي التحالفات ولا تُضعف الخصوم، وتأتي في وقت تواجه فيه الولايات المتحدة تحديات معقدة مثل تحديث ترسانتها النووية وردع كل من روسيا والصين.

 

كما أثارت الخطوة استياء واسعا بين مسؤولي البنتاغون السابقين، الذين حذروا من أن الأمر سيكلف مبالغ باهظة مقابل تغيير شكلي يستهلك وقتا وجهدا في تعديل الأختام واللافتات على أكثر من 700 ألف منشأة في 40 دولة.

 

ولعل المقارنة تصبح أوضح عند استحضار خطة إدارة بايدن السابقة لإعادة تسمية 9 قواعد عسكرية تُخلّد قادة الكونفدرالية، التي قُدرت تكلفتها بنحو 39 مليون دولار. 

 

ومن ثم، ففاتورة إعادة تسمية وزارة الدفاع بأكملها يتوقع أن تصل إلى مليار دولار.

 

ولم تقتصر الانتقادات على الداخل الأميركي، بل برزت انتقادات من الحلفاء مثل والترد لادويج الذي كتب -في مقال نشره في المعهد الملكي البريطاني- أن "الأخطر هو أن التسمية الجديدة تحمل رسائل عدوانية تقلق الحلفاء وتشجع الخصوم، وتمنح الدعاية الصينية والروسية مادة مجانية لتصوير أميركا كقوة مهددة للاستقرار العالمي… إن حلفاء الولايات المتحدة لا يستخدمون مصطلح وزارة الحرب، مثل وزارة الدفاع البريطانية، ووزارة القوات المسلحة الفرنسية، ووزارة الدفاع الوطني الكندية، ووزارة الدفاع الأسترالية. 

 

ويفعل خصوم أميركا الشيء نفسه، بدءا من وزارة الدفاع الوطني الصينية ووزارة الدفاع الروسية، وصولا إلى وزارة الدفاع الوطني في كوريا الشمالية، ووزارة الدفاع واللوجستيات للقوات المسلحة الإيرانية".

 

فهذه تسميات تعكس رغبة في التمسك بشرعية الردع، وتنسجم مع ميثاق الأمم المتحدة الذي نص منذ عام 1945 على حظر الحرب كأداة للسياسة.

 

في المحصلة، يعبر الجدل حول إعادة تسمية وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب عن الصراع الأعمق داخل الولايات المتحدة حول مفهوم القوة ودورها في العالم. فأنصار ترامب يرون في التغيير استعادة لروحالانتصارات الحاسمة ورسالة ردع لا لبس فيها، بينما يعتبرها خصومه خطوة شكلية مكلفة تعكس نزعة عدوانية وتمنح الخصوم مادة دعائية مجانية.

وبين هذين الموقفين، يتابع العالم المعارك التي يشنها ترامب داخل الولايات المتحدة وخارجها، حيث تشمل تأثيراتها الكثيرين وإن بعد مكانهم عن واشنطن.

 

في المحصلة، يعبر الجدل حول إعادة تسمية وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب عن الصراع الأعمق داخل الولايات المتحدة حول مفهوم القوة ودورها في العالم. فأنصار ترامب يرون في التغيير استعادة لروحالانتصارات الحاسمة ورسالة ردع لا لبس فيها، بينما يعتبرها خصومه خطوة شكلية مكلفة تعكس نزعة عدوانية وتمنح الخصوم مادة دعائية مجانية.

وبين هذين الموقفين، يتابع العالم المعارك التي يشنها ترامب داخل الولايات المتحدة وخارجها، حيث تشمل تأثيراتها الكثيرين وإن بعد مكانهم عن واشنطن.

 

 

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي 'tanjaoui.ma'

تعليقات الزوّار (0)



أضف تعليقك



من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

أخر المستجدات

تابعنا على فيسبوك

النشرة البريدية

توصل بجديدنا عبر البريد الإلكتروني

@