طنجاوي
تحوّل البحر الفاصل بين السواحل المغربية ومدينة سبتة المحتلة، منذ أمس السبت، إلى مسرح لمشاهد مأساوية وصراع شرس بين الحياة والموت، حيث واجهت قوات الحرس المدني الإسباني وضعًا بالغ الخطورة في محاولاتها لإنقاذ عشرات المهاجرين الذين ألقوا بأنفسهم في المياه في محاولة لعبور الحدود سباحة، رغم سوء الأحوال الجوية وارتفاع الأمواج.
ووفقا لشهادات ميدانية، فإن البحر بات يشكل "فخا قاتلا" لمهاجرين أغلبهم من الشباب المغاربة، بعدما تلاشت الحدود بين النجاة والغرق وسط أمواج عاتية ورياح قوية جعلت عمليات العبور أكثر خطورة من أي وقت مضى.
نداءات استغاثة في عرض البحر
طوال الليل ويوم السبت، لم تتوقف وحدات البحرية التابعة للمغرب أو للحرس المدني الإسباني عن تنفيذ عمليات إنقاذ متواصلة في ظروف شديدة القسوة.
أصوات الصراخ والاستغاثة القادمة من عرض البحر كانت تُسمع بوضوح في منطقة باب سبتة الحدودية، حيث حاولت فرق الإنقاذ الوصول إلى مهاجرين يائسين يقاومون الغرق بوسائل بدائية.
إحدى أخطر الحوادث وقعت حوالي الساعة الثانية بعد الظهر، حين شوهد شابان يصارعان الموت وسط الأمواج ويصرخان طلبًا للمساعدة. وتمكن أحدهما من الوصول إلى الشاطئ بصعوبة بالغة، فيما أنقذت فرق الإغاثة الشاب الثاني في اللحظات الأخيرة قبل أن يختفي تحت المياه.
هذه الحادثة، التي وقعت في وضح النهار وأمام أنظار عشرات الشهود، لم تكن سوى واحدة من سلسلة من الوقائع المشابهة التي شهدتها ليلة الجمعة، ما جعل يوم امس"حرجًا بكل المقاييس" في ملف الهجرة غير النظامية نحو سبتة.
وما يزيد من خطورة الوضع أن كثيرًا من المهاجرين باتوا يعتمدون مسارات أكثر التفافًا في البحر لتفادي رصدهم أو اعتراضهم، ما يجعل رحلتهم أطول وأكثر تهديدًا للحياة.
وأكدت مصادر ميدانية أن فرق القوات البحرية لم تتوقف عن سحب الغرقى ونقلهم إلى اليابسة في عمليات متواصلة تمت وسط ظروف بحرية صعبة للغاية.
لكن هذه الجهود تصطدم بواقع ميداني معقد، إذ تعاني قوات الإنقاذ من نقص في عدد الأفراد والموارد، في حين تستمر عمليات العبور بوتيرة مرتفعة، وتحت ضغط متواصل من البحر الهائج الذي أودى بحياة العديد من المهاجرين خلال الأيام الأخيرة
مأساة متواصلة لا توقفها الجثث
رغم المآسي المتكررة، لا تزال محاولات العبور مستمرة. ففي الوقت الذي كانت قوات المراقبة التابعة للبلدين تنفذ عمليات الإنقاذ، جرت امس مراسم دفن شاب توفي غرقا، كما عُثر بالأمس على جثة مهاجر آخر في عرض البحر.
لكن هذه الصور المأساوية – التي باتت مشهدًا شبه يومي – لم تردع الشباب عن المجازفة بأرواحهم في سبيل الوصول إلى الضفة الأخرى.