أخر الأخبار

"إل باييس" تكتب: "طنجة تعود إلى المستقبل"

طنجاوي  ـ غزلان الحوزي

خصصت جريدة "إل الباييس" تقريرا جديدا خاصا عن مدينة طنجة تحت عنوان " طنجة، تعود إلى المستقبل"، باعتبارها أحد أشهر المدن الأسطورية في العالم، مدينة مر عبرها الفينيقيون والرومان واليهود والنصارى، جواسيس ومثقفون. وبعد أعوام من الإهمال، راهن الملك محمد السادس على جعلها رمز المغرب الجديد.

مدينة بيضاء، سماؤها زرقاء، وبحر يكاد يكون أسودا، نقطة عبور بين أوروبا وأفريقيا، إنها طنجة الساحرة، تشهد هذه المدينة الأسطورية اليوم ازدهارا اقتصاديا وديموغرافيا  شاملا،  تبحث عن المعاصرة دون التخلي عن أصالتها، فهي ثمرة لتاريخ يعود لآلاف السنين، فيسفساء من التعايش السلمي والاحترام  بين جميع اللغات والثقافات والديانات والمعتقدات، شيئا فشيئا، بدأت طنجة تستعيد عافيتها و تلملم جراحها عقب سنوات عديدة من الإذلال السياسي  والإهمال الاقتصادي.

وبعد حصول المغرب على الاستقلال سنة 1956، فقدت المدينة امتيازات طابعها الدولي، مهجورة ومنسية من قبل الحكومات المتعاقبة، خصوصا في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، كانت تتجه نحو الهاوية، إلى أن بلغت الحضيض خلال العقدين الأخيرين من القرن الماضي، حيث كانت تختمر ذاكرتها السوداء.  

ومنذ اعتلائه العرش، باتت أنظار الملك محمد السادس موجهة نحو مدينة طنجة، التي هي اليوم مثال حي على تقدم المغرب والجهة بسرعة مذهلة، تاركة خلفها الحلم الفرعوني المتمثل في ربط القارتين عبر نفق بحري يمر من أعماق جبل طارق.

اليوم هي مشاريع صناعية وسياحية وثقافية معروفة: "طنجة المتوسط" و"مارينا باي" و"طنجة سيتي سانتر" وطنجة الكبرى التي أصبحت واقعا، هذه المبادرة الحكومية فتحت المجال أمام الاستثمارات الخارجية، إنها أمل كبير بالنسبة للعديد من الشباب الذين يرون إلى حدود اليوم أن مستقبلهم يكمن في الهجرة.

خلال فترة الصيف، عاد العديد من المغاربة إلى بلاد المهجر عبر ميناء طنجة الذي كان صغيرا حتى الأمس، ميناءا صغيرا مختنقا بتضاعف عدد السكان.

   ومع بناء الميناء الجديد طنجة المتوسط الموجه لنقل البضائع والسيارات و المسافرين عبر المضيق، أمكن التخفيف من الاكتظاظ، و تم تطوير "طنجة مرينا باي" الذي ساهم في تطوير الميناء القديم، واسترجاع روابطه مع المدينة القديمة.

وستسمح الأرصفة الجديدة باستقبال أحدث البواخر والعبارات، وبرسو 1.400 قارب ترفيهي، وسيوفر الميناء الجديد عرضا سياحيا يتضمن إنشاء فنادق ومطاعم ومراكز تجارية وفضاءات ثقافية، وكذا مناطق سكنية و مكاتب ذات مستوى عال ستمتد على طول كورنيش المدينة وخليجها المتميز برماله الذهبية.

ومن بين الإجراءات المتخذة بخصوص باحة السور، الواقع بأبواب المدينة، هو طريق مسدود خاص بالممر البحري، الذي كان حتى وقت قريب مكانا خاصا بركن الشاحنات والحاويات، وبتحرير هذا المكان مع مراعاة مقر الجمارك القديمة المتواجدة أسفل فندق الكونتينيتال، تحولت هاته المنصة إلى منتدى حضري، ويرجع الفضل لهذا التحول إلى المهندس إسبيناس المنحدر من برشلونة، الذي كان هدفه " وضع تقييم مجموع عناصر الهندسة المعمارية المتواجدة بذلك المكان من أسوار ومنحدرات و أحصنة، تمكن من رؤية باب المرسى من أجل استرجاع الجوهر القديم لهذا المكان".    

لكن للأسف، إجراءات أخرى، كانت تندرج ضمن المشروع  الشامل، لم تحترم بعض المعايير التي أسفرت عن تشويه واختفاء جزء من معالم المدينة الحضرية، تغيرات لاحظها سكان طنجة القدامى والتي تعتبر رموزا لماضيها الدولي، لم يتبق شيئا يذكر عن شارع إسبانيا الجميل، وعن ممرها المزين بالنخيل القادم من مدينة إلش البلانسية، ولا عن المنتجعات القديمة مثل ماريمار و نيبتونو وميسترال، والفنادق الممتدة على طول برج المراقبة،  أيقونة حقيقة للمدينة، وكذلك اختفى نادي غندوري، الذي حل مكانه إقامات سكنية رفيعة المستوى والموجهة للمستثمرين القادمين من أوروبا وبلدان الخليج.  

لكن ليس كل في ما في طنجة، قد هدمته الجرافات، فالمدينة حافظت على بعض المعالم مثل فيلا هاريس، و حي المرشان الذي استطاع الصمود في وجه مضاربي العقار، بفضل اهتمام العاهل محمد السادس، الذي حافظ على خصوصية المكان، وجعل منها العاصمة الدبلوماسية كما كانت في السابق.

  وبتركيز  تطورها فقط  على الاستثمارات الكبرى، وفي ظل تسارع النمو الصناعي، بدأت المدينة تشهد مشكل عدم الاستقرار على صعيد العمل، وانخفاض الأجور التي لا تغطي  حاجيات الأساسية لجزء من الساكنة المحلية.

وسيكون من المحزن أن يساهم هذا المجهود الكبير في تعميق الفجوة الاجتماعية والاقتصادية التي تشبه إلى حد كبير مميزات طنجة الدولية.

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي 'tanjaoui.ma'

تعليقات الزوّار (0)



أضف تعليقك



من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

أخر المستجدات

تابعنا على فيسبوك

النشرة البريدية

توصل بجديدنا عبر البريد الإلكتروني

@