أخر الأخبار

رسائل "البسيج" بطنجة

محمد العمراني

العمليات النوعية التي يقودها المكتب المركزي للأبحاث القضائية، المعروفة اختصارا ب "البسيج"، منذ أيام بمدينة طنجة، بقدر ما خلفت ارتياحا عارما في صفوف المواطنين، الذين أخذوا يسترجعون أنفاسهم، ويشعرون بالطمأنينة والإحساس بالأمان، بقدر ما كشفت أن عروس الشمال، ياحسرة، تحولت إلى ملاذ آمن للشبكات الإجرامية المنظمة والخطيرة..

الاعتقالات التي نفذتها عناصر "البسيج" فضحت الفشل الذريع للمقاربة الأمنية، المنتهجة من طرف ولاية أمن طنجة في مجال محاصرة العصابات الإجرامية، وأكدت حقيقة التخوفات والتحذيرات والتنبيهات الصادرة عن المواطنين ووسائل الإعلام، التي لطالما دقت ناقوس الخطر حول استفحال مظاهر الجريمة بمدينة طنجة..

إن هاته المدينة بحكم موقعها الجغرافي الاستراتيجي، كنقطة حدودية تربط القارة الإفريقية بالأوربية، وتطل على أحد المضايق الأكثر أهمية وحساسية على المستوى العالمي، كان ولا بد أن تثير لعاب الشبكات الإجرامية المنظمة، التي راهنت للاستقرار بها، لأجل ممارسة أنشطتها الإجرامية بها (تهريب، سطو مسلح، اختطاف، التهجير السري، تبييض الأموال..)..

ويبدو أن الأمر ازداد خطورة مع ظهور مؤشرات قوية تفيد بوجود ارتباطات وعلاقات تبادل للمصالح بين هاته العصابات الإجرامية وشبكات ذات ميول إرهابية مرتبطة بتنظيم  داعش الإرهابي..

كل هاته المعطيات تفترض من القائمين على تدبير شؤون ولاية طنجة استيعابا جيدا للتحديات المطروحة على مدينة تنمو بوثيرة جد متسارعة، هي الأولى على المستوى الوطني، بما يترتب عنها من استفحال خطير لظاهرة الهجرة الداخلية، وانتشار سرطاني للعشوائيات، ناهيك عن المشاكل التي باتت تطرحها هجرة الأفارقة المتحدرين من جنوب الصحراء، حيث بدأت تظهر أنواع جديدة من الجرائم مرتبطة بهاته الفئة، خاصة من طرف النيجيريين..

غير أن واقع الحال، يؤكد أن الوضع الأمني يزداد استفحالا بالمدينة، ولعل من أبرز تجلياته هاته الفوضى التي تعم المدينة على جميع المستويات..

لوبي الشيشة يفرض الأمر الواقع، في تحد خطير للمصالح الأمنية المختصة، حيث تحولت مقاهي الشيشة إلى أوكار لممارسة الجنس، وتعاطي المخدرات، بل بلغ التحدي إلى درجة تقديم الخمور للزبائن، أمام صمت مريب ومثير لولاية أمن المدينة.

انتشار مخيف لشبكات ترويج المخدرات الصلبة والأقراص المهيجة، التي أصبحت تفرض سيطرتها المطلقة على العديد من الأحياء، وتبيع سمومها  للمستهلكين على مرمى ومسمع من الجميع، حتى أن سعر الكوكايين انخفض إلى مستويات غير مسبوقة (400 درهم للغرام)، بل إنها باتت تستعرض عضلاتها بشوارع المدينة مستعملة سيارات فاخرة أغلبها يحمل لوحات مزورة، دون أن تتجرأ مصالح أمن الولاية على التصدي لهاته العصابات، اللهم بعض التدخلات المحتشمة!..

وردا على الذين يدفعون بعدم توفر ولاية الأمن على العناصر البشرية الكافية والمؤهلة، والإمكانيات اللوجستيكية اللازمة (سيارات ومعدات تقنية)، من حقنا أن نتساءل:

ما الذي يمنع القائمين على شؤون ولاية أمن طنجة رفع تقارير إلى عبد اللطيف الحموشي، المدير العام للأمن الوطني، تضع أمامه حقيقة الوضع الأمني، وتطلب تمكينها من الإمكانيات اللازمة، وتدخل عناصر الفرقة الوطنية وحتى البسيج المجهزين على أعلى مستوى، والمدربين على التصدي لمثل هاته العصابات الخطيرة؟!..

هل من الضروري التذكير بأن مدينة طنجة لها حساسية خاصة لاعتبارات جغرافية واستراتيجية، ناهيك عن الاهتمام البالغ الذي تحضى به من طرف أعلى سلطة في الدولة، والذي يراهن عليها لتصبح قطبا يضاهي كبريات المدن بالحوض المتوسطي..

ومدينة بحجم هاته التحديات يستحيل تدبيرها أمنيا بنفس المقاربة التقليدية المنتهجة حاليا..

لقد عرت تدخلات المكتب المركزي للأبحاث القضائية عن حقيقة التدبير الأمني لمدينة طنجة، ولاشك في أن الساهرين على أمن المملكة سيرتبون القرارات اللازمة على ضوء النتائج المستخلصة من عمليات اجتثاث جذور الجريمة المنظمة بعروس الشمال.

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي 'tanjaoui.ma'

تعليقات الزوّار (0)



أضف تعليقك



من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

أخر المستجدات

تابعنا على فيسبوك

النشرة البريدية

توصل بجديدنا عبر البريد الإلكتروني

@