طنجاوي
" تقشف" هو عنوان فيلم قصير من اليونان ، عرض البارحة على الشاشة السينمائية روكسي، ضمن فعاليات المسابقة الرسمية لمهرجان الفيلم القصير المتوسطي، في دورته الثالثة عشرة الجارية بطنجة ، الفيلم شهد له النقاد بالتميز في مضمونه، و الطريقة التي حاول بواسطتها المخرج " رينوسكافريس " أن يعبر بها عن الظروف الصعبة ، التي تعيشها اليونان خلال السنوات الأخيرة جراء الأزمة ، يحكي الفيلم قصة " كفاح رجل للحفاظ على كرامته في أوقات عصيبة إبان الأزمة الإقتصادية التي عصفت باليونان، و ثورته ضد تدابير التقشف القاسية التي فرضت على الشعب اليوناني".
حاول المخرج اليوناني، بواسطة الكاميرا، تجسيد المعانات الصعبة التي يعيشها الشعب اليوناني، في ظل سياسة التقشف التي فرضت على المواطنين ، و من بين المشاهد التي أثرت بشكل واضح على الجمهور أثناء العرض ، مشهد الرجل المكافح و هو ينتحر أمام البرلمان ، كحل للتخلص من معاناته بعدما أصابه اليأس و الإكتئاب .
و أثناء مناقشة المخرجين لأفلامهم مع الجمهور و النقاد، خلال الندوة التي تقام كل صباح في قاعة الندوات بفندق شالة، أجمع كل الحاضرين ، على أن الأفلام المعروضة هده السنة تخيم عليها السوداوية، نظرا لما تعيشه دول حوض البحر الأبيض المتوسط من ظروف صعبة ، فيما عبر أحد النقاد على أن هده الوضعية التي تعيشها البلدان المتوسطية تؤثر على أحاسيس المخرجين ، و هذه المعانات بدورها تؤثر على الإبداع الفكري والسينمائي .
فيما قال المخرج الألباني " بكيم كوري " صاحب فيلم " قطرة دم " في مداخلته أثناء الندوة ، أنه لا يمكن تجاهل ما يحصل من حولنا، و السينما بشكل عام هي تجسيد للواقع، و أنه كلما أصبح الواقع مظلما أصبحت السينما مظلمة ، إلا أن هناك دائما نقطة مضيئة و هي الأمل ، مضيفا أن الأزمات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية التي عاشتها العديد من الدول الأوروبية ، تؤثر بشكل مباشر على الإنتاج السينمائي.
مضيفا أن فيلمه " قطرة الدم "، الذي عرض أمس ضمن المسابقة الرسمية ، حاول من خلاله طرح مشاكل كونية بواسطة الفن السابع ، ومنها المشاكل التي لم تعالج لحد الآن ببلدان حوض البحر الأبيض المتوسط، مثل مشكلة " العذرية " و " الزواج القسري " و" زنى المحارم ". هدا الفيلم الذي يروي قصة أب محافظ مبدأه هو " إذ لم تحافظ ابنته على شرف العائلة، فإن الرصاصة ستعطي لزوجها الحق في قتلها ليلة زفافها ". و يبين المخرج من خلال فلمه، التناقض الذي يعيشه هذا الأب، حيث قام بالاعتداء على شرف ابنته الصغرى .. لينتهي الفيلم بجريمة قتل ، حيث قامت الابنة الكبرى بقتل أبيها بعد علمها باغتصابه لأخته الصغرى .
في ذات الندوة، شارك الناقد السينمائي عز دين الوافي، بمداخلة له حول الجانب المادي في الأفلام السينمائية، و ما تشهده بعض الدول الأوربية، و بلدان البحر الأبيض المتوسط من أزمات. الوافي عبر بشكل واضح عن فضوله لمعرفة حجم تأثر الجسم السينمائي بالظروف و المشاكل التي تعيشها هده البلدان، و انعكاسها على الفن و الإبداع، طارحا تساؤلات عدة حول كيفية الاستثمار و الإنتاج السينمائي في هده الظروف، علما أن الأخير يحتاج إلى تمويل و دعم كبير، وكانت الأجوبة واضحة من لدن المخرجين الحاضرين المشاركين في الندوة ، الذين أجمعوا على أن التمويل جد ضعيف، و أن معظم الأفلام المشاركة بالمسابقة ممولة من طرف الجمهور على شكل تبرعات تطوعية، بواسطة المواقع الاجتماعية، حيث اختاروا هذه الوسيلة لكونها سريعة في إيصال المعلومة و نشرها .