طنجاوي - غزلان الحوزي
عقد مجلس الوزراء الإسباني أول اجتماع له، صباح يوم أمس الثلاثاء، بحضور جميع الوزراء ال_22 الذين حجوا باكرا إلى قاعة الاجتماعات بقصر “لا مونكلوا”.
واكتسى اجتماع اليوم دلالة بروتوكولية خاصة، فهو الأول الذي تعقده حكومة ائتلافية فريدة من نوعها في ظل العهد الديمقراطي؛ تضم حزبين يساريين، توحد وتباعد بينهما قضايا خلافية كثيرة، استطاع زعيماهما: بيدرو سانشيز وبابلو إيغليساياس تذليلها، وتوجاها بتوقيع اتفاق مشترك، كما أحدثا لجنة مشتركة من عشرة أعضاء، تتولى المراقبة واليقظة واستباق المشاكل والخلافات قبل اندلاعها، ما من شأنه تأمين سير الفريق الحكومي المختلف السرعات في طريق وعرة.
وإذا كان التباين في وجهات النظر غير مستبعد في تجربة حكومية غير مسبوقة، بل هو مطلوب في أي نظام ديمقراطي؛ فإن الحكومة الإسبانية الجديدة بدأت في تلقي ضربات من المعارضة قبل تنصيبها، إذ انتقدت بصورة عنيفة تعيين وزيرة العدل السابقة دولوريس ديلغادو، في منصب النائب العام، والذي استقبلته الأوساط القضائية من جهتها بعدم الارتياح على اعتبار أن المنصب يجب أن تتولاه شخصية قضائية مستقلة غير منتمية لحزب أو تكتل سياسي، وليس لها نشاط حزبي معلن، بينما شغلت “ديلغادو” وزارة العدل وكانت نائبة في البرلمان في لائحة الحزب الاشتراكي.
وتجمع الآراء على الإشادة بكفاءة وقدرة السيدة ديلغادو، ومسارها الحافل، غير أنهم رأوا في اختيارها شبه نزوع من رئيس الوزراء نحو الهيمنة على النيابة العامة بجعلها تحت سلطة الحكومة، تأتمر بأوامرها، علما أن ذلك لا يمكن أن يحدث في إسبانيا حيث الفصل واضح بين السلطات، وهذا ما أكد عليه سانشيز في ندوته الصحافية الأولى.
ويبدو أن رئيس الوزراء اختار سيدة هي محل ثقته، بالنظر لما تتمتع بخبرة طويلة في معالجة القضايا الشائكة والصعبة، ولاسيما ملفات الإرهاب؛ كما أن معرفتها القانونية ليست موضع شك إطلاقا من أحد؛ وربما يعود سبب اختيارها، إضافة إلى الاعتبارات السابقة؛ يعود إلى خشية رئيس الوزراء من تفاعلات محتملة للأزمة السياسية في إقليم كتالونيا، التي ورثها سانشيز عن حكومة الحزب الشعبي السابقة، حيث يتقاطع في الأزمة مساران (سياسي وقضائي)، علما أن الحكومة السابقة لجأت إلى القضاء الذي أصدر أحكاما قاسية على قيادات انفصالية بتهمة الفتنة وعصيان القوانين.
ويؤمن رئيس الوزراء الاشتراكي بأن حل المشكل لا يمكن أن يتم عبر الإجراءات والمساطر القضائية فحسب، ولذلك التزم بفتح قناة تفاوض مع حكومة الإقليم التي يسيطر عليها دعاة الانفصال، في ظل تنديد قوي من اليمين بلغ حد التخوين و اتهامم بتعريض وحدة البلاد إلى الخطر.
ويدرك سانشيز، أنه سيخوض تجربة تفاوض صعبة محفوفةبالمخاطر، كونه يواجه هجوما شرسا من المعارضة اليمينية حد الاتهام، وتشددا حد التطرف من الجهات الانفصالية.
وكان لقاؤه مع الصحافة فرصة لتأكيد خبر اجتماعه مع رئيس حكومة اقليم كاطلونيا كيم تورا، الذي اقترح على سانشيز لقاء أوليا على انفراد ، وهو الطلب الذي وافق عليه رئيس الوزراء ، موضحا أن المستغرب وغير المنطقي أن لا يجتمع برئيس حكومة أي إقليم في إسبانيا ، مجددا أمله في المسار التفاوضي.
وفي ظل أجواء سياسية ملبدة بالغيوم، شدد رئيس الوزراء في أول اجتماع، وزع فيه رسالة منه؛ على وحدة وتضامن فريقه لمواجهة العواصف القادمة، مذكرا بما سبق أن صرح به “حكومة بلغات متعددة وصوت واحد”.
ومن بين التدابير الأولى التي أقرها المجلس، تغيير موعد اجتماع الوزراء، من يوم الجمعة إلى الثلاثاء، بالنظر إلى أن نهاية الأسبوع لا تتيح تغطية إعلامية لقرارات هامة تتخذها الحكومة وتثير نقاشا وتعليقات وسط الرأي العام، خلاف ما هو متاح خلال الأيام المتبقية بعد يوم الثلاثاء.
وكان سانشيز، قد أعرب عن الرغبة في تغيير الموعد في ولايته السابقة، لكنه وجد معارضة إدارية من العاملين بقصر الحكومة إلى أن تمكن من ضبط الترتيبات واستبدال العادات الإدارية بين أعضاء طاقم الموظفين العاملين معه.