الدكتور الغاشي عصام*
و هذه الأمور لن تؤتي أكلها إلا إذا قام الفاعلين بتقديم عروض ترويجية خاصة و مغرية خاصة فيما يتعلق بالسكن الاجتماعي و المتوسط، مع تقديم تخفيضات تشجيعية غير مسبوقة و تسهيلات متنوعة في السداد الطويل الأجل و هي خطوات من شأنها أن تساعد على ضخ دماء جديدة في القطاع تساهم في تطويره و دفعه إلى تجاوز الآثار الجانبية للجائحة.
II. الإجراءات الإدارية المصاحبة لدعم قطاع العقار بعد الجاىحة.
وعيا بالأدوار التي يضطلع بها قطاع العقار بالمغرب على مستوى التنمية الاقتصادية و الاجتماعية لبلادنا، مما يدعو الحكومة إلى اتخاذ حزمة من الإجراءات على مستوى الإدارة و التشريع لتجاوز الآثار السلبية لجائحة كورونا على قطاع العقار.
1_ مراجعة بعض التشريعات العقارية و المراسيم التطبقية:
فعلى مستوى التشريع يجب مراعاة هده الظرفية و مراجعة بعض التشريعات التي تساهم في دعم القطاع من دلك تخفيف الشروط على مستوى السكن الاجتماعي خاصة ما يتعلق بنظام الاجال(من ذلك إقرار تمديد لمدة ستة أشهر الأجال القانونية المحددة لتقديم رخصة البناء بعد التوقيع على إتفاقية السكن الإجتماعي). مع سن مراسيم تطبيقية عاجلة هدفها تسهيل الإجراءات الإدارية للحصول على الموافقة أو الرفض أو المصادقة السريعة على المشاريع و البرامج السكنية بما يسهم في تنمية السوق العقارية.
و بفعل انتشار هذه الجائحة التي أبانت عن ضعف الخدمات الرقمية التي تقدمها الإدارات العمومية، يتعين تقنين تشريعات تعنى بهته الخدمات و طرق تفعيلها وطنيا من خلال استغلال و توظيف تكنولوجيا المعلومات و الإتصال عن بعد، و تفعيل قاعدة التوقيع الالكتروني . ذلك بهدف الرفع من أداء المرفق العام و الارتقاء به إلى مستوى النجاعة و الفعالية و تبني مفهوم الإدارة الرقمية المبني على تأهيل الكوادر و تطوير البنية التحتية التكنولوجية لتحقيق أهداف الجودة و السرعة و تعزيز الشفافية.
2_ التواصل مع المهنيين و الفاعلين بالقطاع العقاري:
يتعين على الحكومة و الإدارات المعنية توفير منصة رقمية للتفاعل مع المهنيين و الفاعلين في القطاع بغية تسهيل مهامهم و الاستجابة لمقترحاتهم و استفساراتهم خاصة تلك المتعلقة بمشاريع البناء و المساطر و التراخيص الإدارية المجمدة. مع التسريع باعتماد نظام الرقمنة و التوقيع الالكتروني على العقود و التصديق عليها عبر الوساط الجديدة باعتبارها خيارا وطنيا واستراتيجي لمرحلة ما بعد كورونا.
3_ إقرار تدابير ضريبية :
و على المستوى الضريبي و تجاوبا مع المرحلة التي قد تضر بمصالح الاقتصاد الوطني، يتعين إطلاق تدابير ضريبية تحفيزية تراعي خصوصية الظرفية، على رأسها التخفيض من نسب الضرائب على تسجيل العقارات إلى نسب معقولة، مع مراجعة شاملة لدليل القيم الخاص بالعقارات حتى يستجيب لضرورة المرحلة أو تعليق النظام المرجعي للأسعار إلى غاية تعافي الاقتصاد الوطني من أضرار الجائحة.
دون أن ننسى فرض إعفاءات ضريبية لفائدة الشركات و المقاولات التي تشتغل في مجال البناء، خاصة إدا ما علمنا بحجم الأضرار الناتجة عن فترة الطوارئ الصحية التي امتدت قرابة ثلاثة أشهر و قد تزيد لأكثر من ذلك، و لاسيما و أن إعادة التشغيل التدريجي لأنشطة مختلف القطاعات خاصة قطاعي البناء و السكن يسير ببطء شديد.
4_ مراجعة شاملة لأسعار الخدمات العقارية :
و على مستوى إدارة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية و المسح العقاري و الخرائطية التي تعتبر شريكا هاما و فاعلا اقتصاديا وطنيا يقوم بأدوار تنموية رائدة، و التي كانت سباقة إلى تطبيق مجموعة من الإجراءات التي تواكب المرحلة و خصوصيتها من قبيل رقمنة جميع خدماتها التي تقدمها عبر المنصة الرقمية الخاصة بالمهنيين و الزبناء على حد سواء. و هي خطوات الهدف منها تجنب إيقاف تقديم الخدمات التي تقدمها إدارة الوكالة في مجال التحفيظ و التقييدات و العمليات الهندسية المختلفة.
و تجدر الإشارة إلى أن إدارة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية و المسح العقاري و الخرائطية كانت سباقة إلى عقد اجتماع مع الاتحاد العام للمنعشين العقاريين قصد الإنصات إلى مشاكل المهنيين و استفساراتهم بخصوص مختلف الخدمات التي تقدمها لهم إدارة الوكالة، مع تأسيس هده الأخيرة للجنة خاصة تواكبهم بخصوص مراجعة الأسعار.
و بالنظر إلى خصوصية المرحلة يتعين على مسؤولي الوكالة مراجعة دليل الأسعار الخاص بالخدمات العقارية تجاوبا مع ما تفرضه الأزمة و دعما للمنعشين العقاريين و المستهلكين على حد سواء.
5- الدعم المالي و البنكي للشركات و المقاولات العقارية:
و إسوة بجميع الدول التي أقرت مجموعة من الإجراءات التحفيزية لدعم اقتصاديتها و تجاوز الآثار السلبية للجائحة يتعين على الحكومة دعم الاقتصاد الوطني على المستوى المالي، مع تسهيل القرض الحسن للشركات و المقاولات لتتمكن من الصمود منعا لإفلاسها. مع تسريع وثيرة تفعيل القرض *ضمان أوكسجين* لتحسين التدفق النقدي لمقولات البناء و المنعشين العقاريين، خاصة بالنسبة للمقاولات و المنعشين الصغار الذي هم على حافة الإفلاس المالي.
و في ظل هده الظروف الحرجة التي أثرت سلبا على المقاولات الصغيرة خاصة تلك التي تعرف مديونية كبيرة في حجم استثماراتها، يتعين على المؤسسات البنكية التخفيف من حجم المديونية على الشركات التي تعرف صعوبات مالية. من ناحية أخرى و لتحسين السيولة المالية لدى الشركات التي تعمل في إطار السكن الاجتماعي يجب تسريع أداء استرجاع الضريبة على القيمة المضافة. مع تشجيع أصحاب المشاريع سواء في القطاع العمومي أو الخاص على تبسيط مساطر أداء مستحقات مقاولات البناء عبر خفض أجال أداء الفواتير المتحقق منها، و كدا منح تسبيقات على الفواتير التي هي في طور التحقق من صحتها.
و في الختام لابد أن نقر بان المغرب كغيره من البلدان ستعرف أسواقه العقارية ركودا محتملا بفعل حالة الطوارئ التي ستفرض على المسؤولين المغاربة ضرورة نهج طرق جديدة لتدبير القطاع العقاري في الفترة الموالية لرفع حالة الطوارئ، مع وضع خيارات اقتصادية استعجاليه للحد من تداعيات أزمة كورونا و تجاوز خسائرها على قطاعي العقار و التعمير و التخفيف من حجم التباطؤ الذي أصاب الاستثمارات العقارية و مختلف العمليات المرتبطة بها.
و على الرغم من التحديات العالمية التي أفرزت أزمة اقتصادية ستكون لها أبعاد خطيرة على اقتصاديات الدول، إلا أن الأفاق المتاحة أمام القطاع العقاري المغربي تبدو ايجابية نوعا ما في مرحلة ما بعد كورونا، حيث سيستفيد هدا القطاع من الدعائم المتينة للاقتصاد الوطني الذي اظهر مرونة عالية في التعامل مع الأزمات الطارئة خاصة مع التدخلات الحكومية و الجهود المستمرة لتعزيز الاستقرار الاقتصادي.
و ما يعزز النظرة الايجابية أعلاه ما تشهده حركة التداول العقاري من نشاط ملموس رغم حجم التداعيات الاقتصادية الناجمة عن انتشار فيروس كورونا المستجد، نهيك عن كون دوي الدخل المتوسط يمثلون القوة الدافعة للطلب العقاري خلال المرحلة القادمة.
فمن شان نهج سياسة استعجاليه برؤية واضحة و خطط عملية و واقعية لدعم القطاع العقاري ببلادنا تمكن هدا القطاع من استرداد مكانته كأحد أهم محركات النمو الاقتصادي، و تعزيز توازن السوق العقارية و تحويل الأزمة إلى فرص استثمارية واعدة و آمنة، خاصة و أن القطاع العقاري المغربي يوفر خيارات جاذبة للمستثمرين و المستهلكين على حد سواء.
* الكاتب العام لمركز ابن بطوطة للدراسات والأبحاث العقارية
المصــــــادر:
• تصريح احمد الحليمي المندوب السامي للتخطيط لوكالة بلومبيرغ الاقتصادية الاربعاء 11 مارس 2020.
• دراسة ل CGE M ترصد تاثير وباء كوفيد 19 على المقاولة المغربية منشور بجريدة الصحراء المغربية الاثنين 27 ابريل 2020.
• البيان الصحفي رقم 4 لرابطة الاقتصاديين الاستقلاليين حول تتبع تداعيات وباء COVID 19 على الاقتصاد الوطني.
• حوار صحفي لرئيس جامعة الغرف المغربية للتجارة و الصناعة و الخدمات المنشور بجريدة AUJOURDHUI
الثلاثاء 02 يونيو 2020.
• منشور وزير الاقتصاد و المالية و إصلاح الإدارة رقم 4 بتاريخ 22 مايو 2020
• المواقع الالكترونية:
www .finances.gov.ma
www.cgem.ma
www.siyassi.com
www.hcp.ma