أخر الأخبار

حيون يكتب: ما هو الأفضل لساكنة طنجة لركن السيارة.. أداء درهمين أم 30 درهما للجماعة؟

طنجاوي- بقلم: عبد العزيز حيون 

 

حددت جماعة طنجة تسعيرة جديدة لركن السيارات في شوارع مدينة البوغاز سينطلق العمل بها ابتداء من يوم الأربعاء القادم، وهو قرار لا أدري إن كان على المؤسسة المنتخبة الافتخار به أم الشعور بالذنب بسببه، لأنه على العموم يبقى قرارا مجحفا لساكنة المدينة كما لزوارها، وسيكون له وقع سلبي مباشر على الحياة اليومية للمواطن والحركة التجارية.

 

تنظيم عملية ركن السيارة في طنجة لا يجب أن يقوم بالضرورة على الرفع من التسعيرة إلى 30 درهما  في اليوم (من يونيو إلى شتنبر) عوض درهمين التي كان يتلقاها حراس السيارات الذين نطلق عليهم  "أصحاب الجيليات الصفراء "، فلا تنسوا يا مسؤولي الجماعة أن طنجة مدينة سياحية تستقطب الآلاف من الزوار ومن حق هؤلاء السياح، المغاربة منهم والأجانب، التوقف بوسط المدينة من أجل الجلوس بمقهى أو بمطعم أو التجول أو التبضع، خاصة وأن أغلب المرافق الخدماتية والمحلات التجارية تقع وسط المدينة، التي تنعت بالحاضرة السياحية بامتياز.

 

وقد تفتقت عبقرية وقريحة وذهن مسؤولي جماعة طنجة وأبدعت رأيا مثيرا للجدل يقضي بفرض تسعيرة ليست بالبسيطة عوض البحث عن حلول عملية، كما يفعل مسؤولو المدن الأوروبية ذات التوجه السياحي الحقيقي، إما بتشييد مواقف السيارات متعددة الطوابق أو ما يعرف بمواقف السيارات العمودية أو مواقف تحت أرضية أو توسيع أرصفة بحيث تسع للراجلين كما للسيارات بطريقة فنية بديعة ( التوقف بشكل قطري)، كما هو الحال في موسكو وفارسوفيا وبودابست والكثير من المدن الإسبانية والألمانية مثلا التي يزورها مسؤولو الجماعة باستمرار من أجل تبادل الخبرات، عوض أن نبيع الأراضي الجماعية للمنعشين العقاريين بأثمنة تفضيلية ويحول الأمر دون استغلالها في أمور نافعة.


ويعلم مسؤولو جماعة طنجة أنهم، وهو يوسعون عرض الأرصفة، كما هو حال شارع  المنصور الذهبي على سبيل المثال وليس الحصر، فإنما يشجعون الذين اعتادوا على استغلال الملك العام دون وجه حق وبلاهوادة ودون أن يلقوا الردع، أما وأن نوسع الأرصفة لتضييق الطريق حتى لا تتوقف السيارات فهذا إجراء واجتهاد لن ينفع في شيئ لأن الراجلين يضطرون للمشي على الطرقات، والأمثلة في طنجة كثيرة جدا.

 

ما أسهل أن نجبر الساكنة والزوار على أداء تسعيرة "خيالية" للتوقف وسط المدينة، بجرة قلم ،مع العلم أن الفضاءات التي تفرض فيها التسعيرة هي مملوكة للساكنة أي ملك عام، وبالتالي لا يمكن أن يكون تجويد مداخيل الجماعة على حساب الناس وهم أصلا من دافعي الضرائب ،في انتظار أن تفرض الجماعة ربما مستقبلا ضريبة على استنشاق الأوكسجين وأخرى على المشي والتجوال والتمتع بالنظر الى البحر  والجلوس في المقاهي.

 

وللأسف دائما الحائط الأقصر لاتخاذ القرارات "الظالمة" هو المواطن، وحتى الزوار في الغالب هم مواطنون مغاربة، ومن حقهم التمتع بمدن المملكة في كل فصول السنة، وعلينا أن نشجعهم على زيارة طنجة لدعم الحركة السياحية والاستمتاع بمدينة البوغاز.

 

والغريب أن قرار تحديد تسعيرة ركن السيارات في شوارع طنجة بمبلغ يصل إلى 30 درهم لليوم الواحد في فترة الصيف والعطل سمي  بـ"نظام جديد " و"قرار تنظيمي"، مع العلم أن مضمون الإعلان لا هو جديد، إذ سبقت هذا القرار قرارات مجحفة  شبيهة الكل يعلمها، ولا هو بالقرار التنظيمي لأنه لا ينظم بل يزيد الأمر عشوائية لأن هذا الحل هو حل يبتز الساكنة والزوار  ويعتمد الحلول السهلة "المدرة للربح الكبير "  أو الدخل الإضافي الذي يتحقق دون جهد أو استثمار حقيقي ،الذي يعرف عند المغاربة بـ"الريع".

 

وما أضحكني شخصيا بشأن القرار رغم أن القرار يثير الغضب، هو أن تدبير عملية التوقف "الجديدة" ستعتمد "معايير النجاعة والرقمنة والشفافية وتحسين العلاقة مع المرتفقين"، مع العلم أن هذا النظام لا يمكن أن ندرجه ضمن القرارات الشفافة ولا الحكيمة ولا الرشيدة لأنها أوصاف لا تصلح لنعت هذا القرار، كما أن هذا القرار  لن يحسن العلاقة مع المرتفقين لأن القرار يثقل كاهل أصحاب السيارات وغالبيتهم من الطبقات الوسطى، ولا يضمن التناوب والمساواة في الركن بين جميع المرتفقين، حسب تعبير الجماعة، بل يكرس عدم العدالة وعدم المساواة باعتبار أن من له الإمكانات المالية سيتوقف طيلة النهار بالمكان الذي يريده دون أن يوجه له أي سؤال ،المهم أن تدفع المال والسلام.

 

وأشدد مرة أخرى على أن هذا "القرار التنظيمي"، في عز موسم الصيف والسياحة، هو أسهل حل يمكن أن تقرره الجماعة، في الوقت الذي كان حريا بها أن تبحث عن الحلول الحقيقية والناجعة  والمستدامة، لتساهم من موقعها  في تعزيز جاذبية المدينة ليس بفرض الأداءات والإتاوات والضرائب والرسوم الإضافية، عبر حلول تدفع الناس إلى زيارة المدينة باستمرار وهم في قمة الراحة والإطمئنان والسعادة.

 

ووجب التذكير أن الفضاء العمومي يجب أن يكون ملكا للجميع، ولا نقاش في أنه يستوجب التنظيم وفق قيم الاحترام والعيش المشترك بآليات خلاقة، وما على المنتخبين وممثلي المواطنين إلا أن يفكروا في تعزيز النصوص التشريعية والتنظيمية المرتبطة به لحماية الساكنة أولا وأخيرا، لأن المواطن هو الذي يجب أن يكون في صلب كل قرار فيه اجتهاد وعقلاني ومنطقي وواقعي.

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي 'tanjaoui.ma'

تعليقات الزوّار (0)



أضف تعليقك



من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

أخر المستجدات

تابعنا على فيسبوك

النشرة البريدية

توصل بجديدنا عبر البريد الإلكتروني

@