طنجاوي
يتواصل الجدل حول استيراد الأبقار البرازيلية لتموين السوق الوطنية وسد الخصاص، والحد من ارتفاع سعر اللحوم.
وفي هذا السياق، اعتبر عبد الصادق لفراوي، رئيس الجمعية المغربية لحماية وتوجيه المستهلك بجهة مراكش-آسفي، أن “قرار استيراد الأبقار البرازيلية جاء بعد بحث ميداني قامت به لجنة مختلطة تتكون من ممثلي مربي الماشية، والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، وآخرين عن مجموعة من القطاعات، قضوا مدة بالبرازيل لمعاينة هذا القطيع، وتمكنوا من الاطمئنان على سلامته الصحية بجميع الطرق الممكنة بعين المكان ولحظة دخوله إلى المغرب”.
وأضاف لفراوي، في تصريح أدلى به لموقع "هسبريس" الاخباري، أن “ما يتخوف منه المعنيون بحماية المستهلك، هو وقوع تلوث جيني بين الموروث من الأبقار المحلية والمستوردة، لهذا نطالب بأن تخصص هذه الأبقار للذبح فقط، وليس للتوالد والتزاوج أو تغيير جينات الأبقار المحلية، أما جودتها فلا نستطيع الحكم عليها، لأن هناك جهات معنية بذلك، مثل والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية”.
من جهته، أرجع محمد أمحمود، رئيس النقابة الوطنية للأطباء البيطريين الخواص، العوامل التي كانت وراء أزمة اللحوم، ما جعل الكيلوغرام الواحد من لحم البقر يصل إلى ما بين 85 و90 درهما داخل المجازر البلدية وإلى 120 درهما لدى البائع بالتقسيط في بعض المدن والأحياء، إلى أن “توجها عاما ظهر عند الكسابة أدى إلى عدم تجدد القطيع الوطني”.
ورأى أن سبب هذا التوجه الذي ساد قطاع تسمين الأبقار، قال البيطري ذاته “الجفاف وارتفاع الأسعار، ما جعل الفلاحين يوجهون البقرات نحو مسالك الذبح”، مردفا أن “غياب إشراك التأطير الصحي البيطري أدى إلى مشاكل في التوالد، وجعل كثيرا من البقرات المستوردة لإنتاج الحليب ينتهي بها المطاف في المسالخ”.
وأكد أن تحقيق الأمن الغذائي للمغرب، “يتطلب تطوير وتجويد الإنتاج الوطني”، لافتا إلى أن “السياسة الحالية قائمة على دعم الكسابة لإنتاج عجول وعجلات من سلالات اللحم عبر التلقيح الاصطناعي، لأن الحل الحقيقي ليس هو الاستيراد، بل إقرار منظومة صحية خاصة بالتوالد، يتم فيها تتبع حالة الإناث الإنجابية، لأنها الرصيد الذي يتجدد به القطيع الوطني”.
أما عبد الفتاح عمار، رئيس غرفة الفلاحة لجهة الدار البيضاء-سطات في الولاية السابقة، فأوضح، من جهته، أن “السلالة المستوردة من البرازيل جيدة، وتعتبر من الأصناف الممتازة، كما أن لحمها لذيذ لكونها من المواشي التي ترعى على العشب على طول السنة”، وأرجع اللجوء إلى الاستيراد إلى قلة التساقطات المطرية، وارتفاع أسعار الأعلاف إثر ارتفاعها في السوق العالمية، والزيادة في تكاليف إنتاج اللحوم الحمراء.
وشدد عمار، وهو كسّاب متخصص في تسمين الأبقار بدكالة، على أن الغاية من استيراد الأبقار هي “تعزيز تموين الأسواق باللحوم”، نافيا إمكانية الانتقال إلى تلاقحها مع الموروث المحلي، لأن “الأمن الغذائي للمغرب يمكن تحقيقه عن طريق العمل على تحسين الإنتاج الوطني وتجويده، وتوفير الغذاء الكافي بطريقة مستدامة تتماشى مع تقلبات السوق والظروف الجوية. ومن أجل ذلك، اتخذت الحكومة المغربية عدة إجراءات ستمكن المغرب من وضع نهج متكامل يهدف إلى ضمان وفرة المواد الغذائية، وتعزيز التنمية الفلاحية”.
وتابع قائلا “نحن كمستثمرين يمكننا ضمان جزء من الأمن الغذائي، بتطوير وتجويد اللحوم الحمراء المحلية، بحيث يجب أن تتم معالجة هذا التحدي بشكل شامل لجميع الأصناف الغذائية، كما نجد أن واحدة من أهم جوانب الجيل الأخضر هي دعم الفلاحين عن طريق توفير التدريب والتعليم حول الممارسات الزراعية المستدامة، والتكنولوجيا الحديثة المتاحة، وتوفير الأدوات والموارد اللازمة لتنزيل هذه الممارسات، ويمكن دعم الفلاحين من خلال توفير الدعم المالي لتحديث المعدات الزراعية وتطوير مشاريع فلاحية مستدامة”.
وكان وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي، أكد أن الأبقار المستوردة من البرازيل من الأصناف الممتازة ويتم تسويقها بمجموعة من الدول، مبرزا أن خيار استيرادها من الخارج جاء من أجل الحفاظ على أسعار اللحوم الحمراء، وحماية القطيع الوطني المخصص للذبح.