محمد كويمن العمارتي*
طنجة تحتضن ميد كوب، وهي فرصة لمنتخبيها وناخبيها أيضا من أجل الاهتمام بالمتغيرات المناخية، الطارئة بمختلف أحيائها ومواقعها الطبيعية والأثرية، فالمجالس المنتخبة التي لا تتأثر بالتقلبات المناخية بعيدا عن المواسم الانتخابية، لا يمكن أن يكون لها أي تأثير على متغيرات الشأن المحلي و الجهوي، وتبقى فقط مجرد آلية للتلوث البيئي المجتمعي، من خلال ما ينتجه مجموعة من المنتخبين من "الغازات الدافئة" في حروبهم الباردة..
ولعل طنجة، وهي المدينة التي عانت كثيرا من المتغيرات المناخية المصلحية لمجالسها المنتخبة، بعدما فقدت مساحات شاسعة من مجالها الغابوي وشريطها الساحلي باسم تشجيع الاستثمارات السياحية والعقارية، دون حسيب ولا رقيب، وعانت أيضا من تلوث شواطئها ومطارحها، كما ذاقت مرارة ندرة المياه الصالحة للشرب، بالرغم من حجم التساقطات المطرية التي تشهدها المنطقة، قبل أن يتجاهل اليوم أصحاب الغازات الدافئة بالمجالس الجماعية أهمية هذه المادة الحيوية، التي من أجلها يناقش العالم التغيرات المناخية، وتصبح الموارد المائية للمدينة تحت ضغط الاستعمال المفرط، بطريقة غير عقلانية، كما هو الحال بالنسبة لعملية سقي العشب (الكازو)، الأمر الذي أضحى يستنزف كمية مهمة من المياه الصالحة للشرب. وقد أشار إلى ذلك التقرير الأخير لمرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية، حين رصد الارتفاع المتزايد على استهلاك الماء، وفق ما تعكسه أرقام المبيعات من الماء التي تقدمها شركة أمانديس المفوض لها تدبير الماء والكهرباء وتطهير السائل، إذ سجلت زيادة سنوية بنسبة 5.4 %، وتصل حجم الميزانية التي تخصصها الجماعة الحضرية لفاتورة استهلاك المدينة للماء والكهرباء حوالي 70 مليون درهم سنويا، وهي مرشحة للارتفاع مع مشاريع التأهيل الحضري لطنجة الكبرى.
وإذا كان ميد كوب سيناقش المتغيرات المناخية بالحوض المتوسط، وهي مناسبة لمأسسة البعد البيئي في تدبير الشأن المحلي لطنجة باعتبارها قاطرة الجهة، أمام الرهان الكبير لجعلها نموذجا بين أهم الحواضر المتوسطية، فإن المدينة مقبلة كذلك على مناقشة المتغيرات الانتخابية، لكي لا تبقى الشعارات البيئية تحت تأثير الشعارات الانتخابية، ونكتشف في نهاية المطاف أن الغازات الدافئة، التي يفرزها الجسم السياسي، نتاج الواقع الانتخابي الملوث..
*عن أسبوعية "لاكرونيك"