طنجاوي
تواجه المملكة المغربية حربا إعلامية وتضليلية لضرب موانئها باعتبارها أحد أهم بنياتها الاقتصادية بالنظر لمكانتها عالميا.
ريادة
هذا المعطى، ما فتئت تعكسه التصنيفات الدولية التي تبرز مواصلة ميناء طنجة المتوسط تعزيز مكانته الريادية عالميا وقاريا، إذ أظهر تصنف لشركة Alphaliner العالمية المتخصصة التي تصنف أكبر 100 ميناء بحري في العالم حسب عدد الحاويات المنقولة، أنه يعد الأول في إفريقيا، والـ17 في التصنيف العالمي، متقدما على ميناء هامبورغ وخلف أنتويرب.
وبالقدر الذي تجعل هذه المكانة المتميزة من الميناء
مفخرة حقيقية وصرحا اقتصاديا، وأحد تمظهرات التقدم الذي حققته المملكة المغربية في عهد الملك محمد السادس، من الواضح أنها باتت تشكل إزعاجا للحلفاء كما الأعداء.
سردية تآمرية
هذا الوضع وصل حدا نسج خيوط سردية تآمرية على المصالح الاقتصادية العليا للبلاد، على غرار قصة
مرور سفن شحن تنقل أسلحة أو قطع غيار لطائرات F-35 لصالح وزارة الدفاع الإسرائيلية، عبر الميناء المتوسطي.
مؤامرة حيكت بليل، عبر تلفيق دول بعينها عبر أذرعها الإعلامية إقليميا تهما واهية وترويج أخبار مفبركة لا تمت للواقع بصلة خارجيا، مع شحذ سيوف تنظيماتها المستلابة إيديولوجيا واستعمالها للطعن في مصداقية البلاد تحت يافطات وشعارات الدفاع عن القضية الفلسطينية التي هم أول من باعها في سوق الصفقات البئيسة.
ومن له مصلحة في هذا اللعب البئيس وبعثرة الأوراق غير قطر ومعها الجزائر وإيران للنيل من المملكة والمزايدة عليها وتبخيس مواقفها خدمة للقضية الفلسطينية دونما تعارض مع أمنها القومي ووحدتها الترابية.
غير ان ما يبعث على الصدمة والألم في آن واحد، ان ينخرط بعض ممن يجمعنا معهم سقف هذا الوطن في تنفيذ الأجندة القطرية، حيث تابع المغاربة باندهاش كبير كيف استغلت الجماعة المحظورة مأساة الشعب الفلسطيني لتقود مؤامرة استهداف رئة الاقتصاد الوطني، عبر تجييش الاتباع للتشويش على الموانئ المغربية، وفق مخطط مدروس تم اتخاذ القرار بشأنه في الدوحة ويتم تنزيله في المغرب، الأمر الذي يضع منفذيه في خانة الخونة الذين وجب التصدي لهم بكل صرامة حماية للأمن القومي للمملكة الشريفة.
حمد بن جاسم.. شاهد من أهلها
ولئن كانت الحاجة هنا إلى دليل وبيان، فليس أفضل في هذا المقام ما قاله حمد بن جاسم آل ثاني، رئيس الوزارء ووزير الخارجية القطري السابق، الذي كشف صراحة ودونما خجل أو وجل ديدن بلده في شراء الذمم من بائعي أوطانهم.
وهنا نذكر بما أكده بن جاسم آل ثاني في مقابلة مع قناة القبس قبل سنتين تقريبا من بلاده كانت تدفع مالا لصحافيين.
وقال المسؤول القطري السابق إن "بعضهم صاروا نوابا الآن، وبعضهم صاروا وطنيين أعرفهم أنا في دول كثيرة".
وتابع بالقول "كانوا في ناس نشرهم كل سنة وفيه ناس لهم مرتبات".
حملة مسعورة!
وهذا بالضبط ما تعريه هذه الحملة المستعرة رغم نفي شركة "Maersk" الدنماركية العملاقة في مجال النقل البحري، بشكل قاطع المزاعم التي راجت مؤخراً حول تورطها في نقل أسلحة أو قطع غيار لطائرات F-35 لصالح وزارة الدفاع الإسرائيلية.
ووصفت الشركة أن هذه الادعاءات "لا أساس لها من الصحة"، مؤكدة أنها بصدد إعداد ملف قانوني شامل لملاحقة الجهات التي تقف وراء نشر هذه المعلومات "غير الدقيقة".
وأكدت أن جميع عملياتها التجارية، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، تخضع لإجراءات رقابية صارمة تمنع شحن الأسلحة أو الذخيرة إلى مناطق النزاع النشطة، التزاماً منها بالقوانين الدولية، وسعياً لتفادي أي تورط مباشر أو غير مباشر في تأجيج الصراعات الإقليمية.
وشددت على أنها تعمل كشركة مسؤولة عالمياً في مجال الخدمات اللوجستية، ملتزمة بالحياد، والامتثال للمعايير القانونية الدولية، واحترام حقوق الإنسان في جميع أنشطتها.
ووصفت ما تم تداوله بكونه "حملة تضليلية" تهدف إلى زعزعة سمعتها وتشويه سجلها الحيادي في واحدة من أكثر المناطق حساسية في العالم.
وفي قراءاته لما جرى، أفرد أحمد الدافري الأكاديمي والخبير الإعلامي حيزا مهما من صفحته على الفايس بوك لتفنيد هذه الادعاءات بحجج وأدلة دامغة.
دافري.. بالحجة والبرهان
واعتبر أن في إحدى تدويناته المطولة أن الموقف القطري من شركة "ميرسك" ردا على "خيانة شركة ميرسك العظمى لدولة قطر"، مؤكدا أن الانتقام القطري ضد ميرسك لابد أن يمر عبر الجزائر وإيران.
وينطلق دافري في إحدى تدويناته بهذا الخصوص من سؤال "لماذا تدفع قطر وإيران أتباعهما لعرقلة سير الموانئ المغربية وخلق أزمة فيها عن طريق الإشاعات وباللعب على العواطف الهشة والذهنيات الضعيفة؟".
واستدل الخبير الإعلامي في دحضه للمزاعم المتداولة بعدة تقارير التي تكشف انزعاج قطر من "تحالف المملكة العربية السعودية والمملكة المغربية وشركة ميرسك فيما بينها ضد المصالح الاقتصادية لقطر، والخائن الأكبر هنا بالنسبة إلى قطر هو شركة ميرسك؟"
ولتفسير هذا الأمر يورد دافري أن "شركة ميرسك خانت قطر خيانة عظمى، لأنه يوم 27 يوليوز 2023 أطلقت قطر من ميناء حمد بالدوحة بتعاون مع شركة ميرسك الخط البحري المسمى ME6 (الشرق الأوسط 6 ) الذي ينطلق من ميناء حمد نحو ميناء طنجة المتوسط، مرورا بموانئ في السعودية، والإمارات وسلطنة عمان ومصر".
ويضيف متسائلا "فكيف تدخل شركة ميرسك في صفقة أخرى مع ميناء جدة السعودي المتنافس مع ميناء حمد في قطر، وتقدم خدمات بين ميناء جدة في السعودية وميناء طنجة المتوسط؟".
بل - يضيف دافري - "إن شركة ميرسك لم تقف عند هذه الخيانة بالنسبة إلى قطر، وها هي تعلن يوم 21 غشت 2024 الماضي عن تدشين أكبر منطقة لوجستية متكاملة في الشرق الأوسط، وذلك برعاية الأمير خالد بن فيصل بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة ومستشار خادم الحرمين، وبحضور الأمير سعود بن مشعل بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة مكة المكرمة، وبحضور وزير النقل والخدمات اللوجستية، صالح الجاسر، ورئيس الهيئة العامة للموانئ، عمر حريري".
وفي معرض تدوينته يرى المصدر ذاته أن شركة ميرسك خانت قطر اقتصاديا، لأن "قطر كانت تنظر إلى شركة ميرسك الدنماركية على أساس أنها مجرد عميلة تتعامل معها من خلال تعاملاتها التجارية مع شركة كيوتيرمينالز QTerminals القطرية المسؤولة عن إدارة وتشغيل ميناء حمد في قطر".
وخلص إلى أن الأمر يتعلق بـ"حرب قذرة تخوضها قطر ضد المغرب، وقودها أشخاص مغاربة مجرورون لضرب المصالح الاقتصادية لبلدهم، ولا مشكل لقطر في هذه الحرب الاقتصادية أن تتحالف فيها ضد المغرب مع الجزائر وإيران".
ساري: حرب حقيرة
من جهته، اعتبر رشيد ساري، الخبير الاقتصادي ورئيس المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة أن
"موانىء المغرب خط أحمر ولن ننساق وراء ما يحاك لنا من مؤامرات".
وقال ساري في تدوينة نشرها على صفحته في فيسبوك إن "المغاربة يجب أن يتحروا الحقيقة عوض الانسياق وراء ما يتم الترويج له من مغالطات".
ونبه إلى أن الأمر يرتبط بـ"حرب اقتصادية حقيرة للحد من النجاحات التي نحققها وحققناها أكثر من عقدين من الزمن".
ورأى أن "شركة MEARSK ليست بليدة للحد الذي يجعلها تشوه سمعتها وقبلها المغرب ليس بغبي لدرجة السماح لاسلحة العدو لترسو بميناء طنجة"، داعيا إلى "المزيد من الحذر واليقظة لما يحاك ضدنا".