طنجاوي - بقلم: عبد العزيز حيون
شرعن سائقو الطاكسيات الصغيرة (درجة ثانية) بطنجة لأنفسهم حق زيادة تسعيرة تنقل المواطنين، وربطوا قرارهم "بلا حشمة" وبدون مسؤولية بترخيص حصلوا عليه من السلطات المحلية، التي لم يطلع أحد على وثيقة لها ترخص للمعنيين تطبيق الزيادة، مع العلم أن السلطات، وكما جرى العرف وكما عهدناها، هي الأحرص على تطبيق القانون، خاصة في مثل هذه الحالات التي تهم تدبير الشأن العام.
وفعلا وقع المواطن في الإلتباس، خاصة حين تحجج أصحاب الطاكسيات وبعض تمثيلياتهم النقابية بوثيقة صادرة عن السلطات المحلية، التي حسب علمنا، لم تعمم أي قرار بخصوص زيادة التسعيرة حتى يطلع عليه المواطن المعني الأول والمتضرر الأول من أية زيادة، ما يتوجب على السلطات الحد من هذا "التسيب" الذي وإن كان في مصلحة أصحاب الطاكسيات فإنه يضر بالمواطن والسلم الاجتماعي ويؤثر على قدرة هذا المواطن الشرائية، التي تزداد اضمحلالا مع توالي ارتفاع أسعار غالبية المواد الاستهلاكية.
شخصيا، لا أفهم كيف تجرأ أصحاب الطاكسيات وبعض تمثيلياتهم النقابية على حشر السلطات في هذه الزيادة اعتمادا على وثيقة "غير مؤشر عليها" وعلى أقل ما يقال عنها أنها غير قانونية حتى لا نقول شيئا آخر أفظع قد يجر من عممها إلى المحاسبة والمساءلة القانونيتين، لأن الأمر يهم تدبير الشأن العام ويهم قضايا المواطنين ويهم مؤسسات مشهود لها بالكفاءة والانضباط، بذريعة أن وضع قطاع الطاكسيات صعب بسبب كلفة التشغيل "المرتفعة" و"اتساع رقعة الخدمة داخل المجال الحضري"، دون أن تأخذ هذه النقابات، التي يطلق عليها اسم "الشركاء الاجتماعيين"، بعين الاعتبار وضع الزبون الرئيسي الذي هو المواطن محدود الدخل، والذي يكتوي بنار الزيادات في كل الأمور.
فالذي يطلق على نفسه "الشريك الاجتماعي" فكر في نفسه أولا وأخيرا ونسي أن شريكه الاجتماعي الحقيقي هو المواطن العادي، الذي زادت هذه التسعيرة الخناق عليه، في وقت كان على التمثيليات النقابية ملامسة مشاكل أخرى مهمة والتفاوض مع الجهات الخاصة الأخرى المعنية بالتأمينات والبنزين وقطع الغيار، وما إلى ذلك من أمور تعني أصحاب الطاكسيات ويقولون أنها تؤرقهم، وليس البحث عن جيب المواطن فقط.
وتأتي هذه الزيادة أيضا موازاة مع قرار جماعة طنجة وضع تسعيرة جديدة لركن السيارات في شوارع مدينة البوغاز، مما يدفع الكثير من الناس الى عدم استعمال سياراتهم الخاصة، وهي القرارات التي تأتي في عز فصل الصيف، الذي يقصد فيه المدينة السياح المغاربة والأجانب بكثرة .
وكان حريا وجديرا أن يبادر أصحاب الطاكسيات وتمثيلياتهم النقابية الفئوية بتنظيم المهنة حتى تكون في مستوى التحديات الآنية والمستقبلية، وخير دليل على ضعف خدمة الطاكسيات ما نراه قرب محطة القطار السريع والمحطة الطرقية وما إلى ذلك من الأمكنة الخدماتية، ومحاولة بعض أصحاب الطاكسيات فرض شروط التنقل على المواطنين لا يقبلها العقل، مع عدم احترام القانون المنظم للمهنة من حيث السلوك والملبس…
يا أصحاب الطاكسيات، طنجة مدينة عالمية ونموذج في التحضر منذ زمن بعيد، ويعرف أهلها جيدا كيف يدبر قطاع الطاكسيات في الضفة الأخرى من حوض البحر الأبيض المتوسط، كما أن الدولة المغربية خصت المدينة باحتضان تظاهرات عالمية مهمة للغاية، وبالتالي لا يجب فقط التفكير في فرض تسعيرات جديدة على المواطن بل من الواجب إصلاح القطاع وتنظيمه وتنقية الشوائب الكثيرة التي تلتصق به، وإلا ستكون المدينة بقطاعاتها المهمة في واد وأنتم في واد آخر، وارحموا المواطن/الزبون لأنه هو الهدف والمآل والمحور الأساسي لنجاح القطاع .