أخر الأخبار

حيون يكتب: طاحت "الصحة " علقو "السيكوريتي"!

طنجاوي- بقلم: عبد العزيز حيون

 

تعالت مؤخرا أصوات الكثير من المسؤولين والأشخاص غير العاديين والعاديين، عبر مختلف وسائل التواصل والإعلام، تعلق على وضع قطاع الصحة العمومية في المغرب وتحلل أسباب المشاكل والمعيقات المرتبطة بهذا المجال الاجتماعي الحيوي، وتقدم أيضا الحلول العاجلة وبعيدة المدى لتجاوز الإشكالات.

 

وللأسف، وعوض التركيز أحيانا على العوائق اللوجستية والبشرية والخروقات ،الظاهرة منها والخفية والبسيطة والعويصة، والتي عمرت لعقود طويلة من الزمن، انصب الكلام عن حراس الأمن الخاصين بالمستشفيات "السيكوريتي "، وتم تحميل هؤلاء ليس جزءا من المسؤولية، بل الجزء الأكبر من المسؤولية في تدهور الخدمات الصحية، للعجب…، وأصبح "السيكوريتي" هو المعرقل لكل تقدم في قطاع الصحة، كما ألصقت به كل حالات الفساد والتقصير واللامبالاة وعرقلة الوصول إلى الخدمات الطبية والخلل في الآليات الطبية والتواصل بين المرتفقين وأطر المستشفيات.

 

قد نتفق أن بعض "السيكوريتي" يتجاوزون صلاحياتهم والشغل الموكول لهم، ويتدخلون فيما لا يهمهم والتطفل والتشاغل في أمور لا تعنيهم بشيئ من البجاحة وبجرأة أحيانا مفرطة، ويقصرون في المقابل في تنظيم عملية الولوج والخروج من المؤسسات الاستشفائية التي هي في عهدتهم.

 

في رأيي، "السيكوريتي" وقبل أن نكلفه بمهام في المستشفيات يجب أن يخضع ولو لتكوين بسيط للقيام بمهام ليست بالسهلة، وهو "واجهة المستشفيات" وأول من يستقبل المرتفقين بباب المؤسسة، وهم في الغالب إما مرضى أو يرافقون مرضى في أوضاعهم النفسانية المختلفة، وغالبا من ذوي الفاقة والحاجة ومن القادمين من مناطق بعيدة.

 

فيما الضرورة تفرض إسناد هذا النوع من المهام الحساسة جدا والتي تتطلب مهارات ومؤهلات خاصة لموظفين لهم علاقة بقطاع الصحة والتطبيب، كما تتطلب تكوينا اجتماعيا وسيكولوجيا في طرق التواصل والتوجيه والمصاحبة والمرافقة.

 

 كما يجب أن ننتبه إلى عامل آخر أساسي لا يجب أن نستهين به، ويتعلق بالأجر الذي يحصل عليه "السيكوريتي" والاستغلال الذي قد يتعرض له من شركات خاصة حتى لا نعمم، همها مراكمة الأرباح، مما قد يدفع بعض الحراس الخاصين، من ذوي النيات السيئة ومنعدمي الضمير، وأنا لا أبرر لهم هذا السلوك المشين، إلى استغلال "وضعهم الاعتباري" وإبتزاز مرتفقي وزوار المؤسسات الصحية، دون حسيب ولا رقيب ولا منبه ولا ناهي ولا منتهي لا من الشركات المشغلة ولا من إدارة المستشفى، والاستسلام للسلبية والعشوائية.

 

وكل هذه المشاكل تؤدي الى تفاقم المشاكل وتعقدها وهدر الزمن الطبي وعرقلة نظام التداوي والسير العادي للمؤسسة، والضحية دائما هو المواطن العادي، الحلقة الأضعف.

 

وقبل محاسبة "السيكوريتي"، الذي هو في جميع الأحوال إنسان غريب عن المنظومة الصحية، علينا أن نراقب أداء إدارة المستشفى وأداء بعض الأطباء وأداء بعض الممرضين، ونتساءل لماذا كثر الوسطاء والغرباء عن القطاع بمحيط المستشفيات..؟، ولماذا يقضي بعض الأطباء معظم وقتهم خارج المؤسسة الصحية العمومية ...؟، ولماذا تغيب وسائل التطبيب والعلاج والأدوية عن رفوف صيدليات ومخازن المستشفيات..؟، ولماذا قل أو انعدم لدينا الحس الإنساني والمهني.. ؟ولماذا نهمش أطرنا الطبية ونضيق الخناق عليهم بطرق لا تخدم مصالحنا الوطنية وغاياتنا الاجتماعية ..؟، ولماذا لا نقدر كفاءاتنا كما يلزم ونتركها عرضة لاستقطابات دول أجنبية لم تخسر فلسا على تكوينها لكنها في حاجة إلى خدماتها .. ؟، ولماذا نترك طلبة الطب وطلبة معاهد التكوين في المهن الطبية الأخرى عرضة للمضايقات والتسويف والإقصاء دون وجه حق…؟، ولماذا ندفعهم دفعا للهجرة ونجبرهم على البحث عن حياة مهنية جديدة في مكان آخر…؟.

 

أسئلة تتطلب الإجابة عنها الحزم التدبيري والنية الطيبة للإصلاح ومعالجة الإشكالات المهنية والإدارية والمالية والقانونية من جذورها، والتقييم الصحيح والبراغماتي للواقع، وكذلك ضمان العدالة المجالية في الخدمة العمومية الصحية والتوزيع العادل للأطر الصحية وتجويد الولوج إلى العلاج بالمناطق النائية، أو التي تعرف عند جزء من المجتمع بـ"المغرب العميق "، وهي المناطق التي تعاني من العزلة لأسباب بنيوية وهي المبعدة عن دائرة الاهتمام من طرف بعض القطاعات الحيوية.

 

 ظاهرة "السيكوريتي" أصبحت واقعا مغربيا بامتياز ، فـ"السيكوريتي" هو الأول الذي تجده عند دخول أية مؤسسة تقدم خدمات عمومية وخاصة و "السيكوريتي" الذي يوجهك في أبواب مصالح الضرائب والأبناك ومؤسسات الضمان الاجتماعي والمؤسسات الاجتماعية التعليمية والمؤسسات التعليمية والثقافية والرياضية، ليصبح "السيكوريتي" جزء لا يتجزأ من المرفق العام.

 

وهو أيضا الموجه والمرشد والناصح والناهي والمحافظ على السير العادي للمؤسسة المعنية وأحيانا هو المنظف والنادل والمكلف بطبع واستنساخ الوثائق وتعويض إداري انصرف إلى شأنه لقضاء أغراض شخصية، وهو الحازم في بعض القرارات حين تكثر الغوغاء...

 

رجاء، لا نحمل "السيكيروتي" أكثر من مسؤولياته وما لا قبل ولا طاقة له به، و لا نُلقي على "السيكوريتي" أعباء تفوق قدرته واستطاعته ومهامه.

 

لا نجعله مسؤولا عن أمور لا تتعلق به أو هي خارجة عن نطاق "سلطته" أو مسؤوليته الأصلية.

 

ولننتبه أكثر إلى الأشياء التي تفرمل تقدمنا في مجال الصحة، الذي هو عصب الحياة والتقدم وله الدور الحيوي في النهوض بالقضايا والشؤون الاجتماعية التي لازلنا متأخرين في مؤشراتها العالمية ونصنف في مراتب لا ترضينا أبدا.

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي 'tanjaoui.ma'

تعليقات الزوّار (0)



أضف تعليقك



من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

أخر المستجدات

تابعنا على فيسبوك

النشرة البريدية

توصل بجديدنا عبر البريد الإلكتروني

@