طنجاوي
رفضت المحكمة الوطنية الإسبانية منح حق اللجوء أو الحماية الإنسانية لمواطن مغربي قال إنه يتعرض للتهديد من أفراد عائلته في المغرب بسبب نزاع حول الميراث، معتبرة أن القضية "خاصة وعائلية" ولا تندرج ضمن أسباب اللجوء المعترف بها في القانون الإسباني أو في المواثيق الأوروبية.
الملف يعود إلى 29 يوليوز 2022، حين تقدّم المواطن المغربي بطلب اللجوء السياسي في مركز احتجاز المهاجرين بمدينة برشلونة، زاعماً أن عائلته من جهة والده هددته بالقتل بعد خلاف على تقسيم الميراث، مشيراً إلى أنه كونه الذكر الوحيد في الأسرة يخول له نصيباً أكبر من الممتلكات، ما جعله عرضة للتهديد والاعتداء.
وزارة الداخلية الإسبانية: لا تنطبق عليه شروط الحماية الدولية
وزارة الداخلية الإسبانية كانت قد رفضت الطلب في 1 غشت 2022، موضحة أن الوقائع الواردة في الملف "لا تندرج ضمن الحالات المنصوص عليها في قانون اللجوء الإسباني رقم 12/2009"، والذي يحصر منح الحماية الدولية في حالات الاضطهاد بسبب العرق أو الدين أو الرأي السياسي أو الانتماء إلى فئة اجتماعية محددة أو التوجه الجنسي.
عقب ذلك، قدّم المعني بالأمر طلبا لإعادة النظر في القرار، متمسكاً بأن التهديدات التي يتعرض لها حقيقية وتشكل خطراً على حياته. غير أن الداخلية أصدرت في اليوم الموالي قراراً ثانياً مؤيداً للرفض الأول، مؤكدة أن النزاع ذو طابع مدني عائلي ولا يتصل بأي شكل من أشكال الاضطهاد السياسي أو الاجتماعي.
كما أوضحت الوثائق أن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) دعمت الموقف الإسباني في تقريريها الصادرين في 1 و3 غشت 2022، معتبرة أن الملف "يفتقر إلى مبررات قانونية أو إنسانية كافية" لقبول طلب اللجوء.
المحكمة الوطنية تؤكد الطابع "الخاص" للنزاع
في أكتوبر 2022، لجأ المواطن المغربي إلى القضاء الإداري لرفع دعوى ضد وزارة الداخلية، متمسكاً بحق اللجوء أو الحماية الإنسانية، إلا أن هيئة المحكمة الوطنية الإسبانية أصدرت حكماً نهائياً يؤيد قرارات الوزارة، معتبرة أن النزاع يتعلق بـ"مسألة أسرية خاصة لا علاقة لها بالاضطهاد أو التمييز".
الهيئة القضائية خلصت إلى أن كون المتقدم "وريثا ذكرا" لا يجعله جزءا من "فئة اجتماعية مضطهدة"، كما أنه لم يقدم أي دليل ملموس يثبت أن التهديدات التي تلقاها ترتبط بعوامل دينية أو اجتماعية أو سياسية مشمولة بالحماية الدولية.
وجاء في منطوق الحكم: "إن الخلافات العائلية حول الإرث، مهما كانت حادة، لا تشكّل سبباً للاعتراف بحق اللجوء أو الحماية الإنسانية وفقاً للتشريعات الإسبانية والأوروبية".
لا حماية إنسانية ولا أسباب استثنائية
المحكمة استبعدت أيضاً إمكانية منح إقامة إنسانية مؤقتة، مؤكدة أن المدعي لم يثبت وجود خطر محدق أو حالة هشاشة اجتماعية أو صحية تستدعي الاستثناء. كما رفضت دفوعه الإجرائية المتعلقة بزمن تبليغ القرار الإداري، معتبرة أن المهل القانونية احترمت بالكامل.
وبموجب الحكم، سيُطلب من المواطن المغربي مغادرة الأراضي الإسبانية، كما سيتحمل تكاليف الدعوى القضائية المقدرة بـ1000 يورو.
القضية تأتي في سياق أوروبي يشهد تشديداً متزايداً في قبول طلبات اللجوء، حيث تجاوز عدد الملفات العالقة في دول الاتحاد الأوروبي مليون طلب قيد الدراسة وفق آخر بيانات Eurostat.
وتشير السلطات الإسبانية إلى أن جزءاً كبيراً من الطلبات المقدمة في السنوات الأخيرة تتعلق بـ"نزاعات عائلية أو اقتصادية"، وهي قضايا لا تدخل ضمن نطاق الحماية الدولية، بل تُعتبر من اختصاص القضاء المدني في بلدان المنشأ.