طنجاوي
في عملية أمنية وصفت بـ”الزلزال” الذي ضرب عرش مافيا تهريب السيارات بكندا، نجحت شرطة “لونغوي” في وضع حد لواحد من أكثر الشبكات الإجرامية تعقيدا، والتي امتدت خيوطها العابرة للقارات لتصل إلى الموانئ المغربية.
العملية التي حملت اسم “مشروع داميي” (Projet Damier)، لم تكن مجرد اعتقالات عادية، بل كانت إعلانا عن نهاية “النزيف” الذي أرق أصحاب السيارات الفارهة لسنوات.
بطل هذه الرواية الإجرامية ليس سوى شاب في الخامسة والعشرين من عمره، يدعى “أنطوان غادوري”. هذا الشاب، الذي اتخذ من مدينة “بروسارد” مقرا لإدارة خلاياه، يواجه اليوم 49 تهمة جنائية ثقيلة. وباعتقاله، سجلت السلطات الكندية تراجعا “تاريخيا” في معدلات السرقة بنسبة بلغت 66%، حيث انخفضت الأرقام من 1120 سرقة في 2024 إلى 381 سرقة فقط هذا العام.

انطلق هذا التحقيق الضخم بفضل يقظة مواطن عادي في أكتوبر 2024. انتبه هذا المواطن لتحركات مشبوهة لسيارة من نوع (Toyota RAV4) – الطراز المفضل لدى اللصوص – رفقة سيارة فاخرة أخرى. اتصال هاتفي واحد كان كفيلا ببدء تتبع “خيوط الأخطبوط” التي قادت المحققين إلى تفكيك الشبكة بالكامل.
المحطة النهائية: حاوية في المغرب!
لم تكن السيارات المسروقة تتبخر في الهواء، بل كانت تخضع لعملية تفتيش دقيق للتأكد من خلوها من أجهزة التتبع (GPS)، قبل أن تشحن في حاويات نحو وجهات دولية. وفي هذا السياق، أكدت الصحافة الكندية نقلا عن مصادر أمنية، اعتراض حاوية فوق الأراضي المغربية كانت تضم أربع سيارات مسروقة، مما يكشف عن مدى تغلغل هذه الشبكة في المسارات البحرية الدولية الرابطة بين أمريكا الشمالية وإفريقيا.
أبشع ما كشفه التحقيق هو استغلال الشبكة للقاصرين، أو من يطلق عليهم في عالم الإجرام الكندي لقب “التراب” (dirts). هؤلاء المراهقون، الذين يعملون كـ”سائقين انتحاريين” بدون رخص سياقة، كانوا يخاطرون بحياتهم وحريتهم مقابل مبالغ زهيدة تتراوح بين 250 و350 دولارا فقط عن كل عملية، بينما يجني “الرؤوس الكبيرة” مثل غادوري ما يصل إلى 6000 دولار عن السيارة الواحدة. وقد أسفرت التحقيقات في سنة 2025 عن اعتقال 18 مراهقا تورطوا في هذا المستنقع.