أخر الأخبار

رشيد العفاقي يكتب عن المسارح الأولى بمدينة طنجة 1669م-1913م – الحلقة الثانية

بقلم : ذ. رشيد العفاقي*

 

2 - المسرح البلدي (Teatro Principal) 1880م

المسرح البلدي (Teatro Principal)، بهذا الاسم كان يُعرف هذا المسرح عند أهالي مدينة طنجة في أواسط النصف الثاني من القرن (19م). وعلى الرغم من قلة النصوص التي تؤرخ للحياة الثقافية بمدينة طنجة خلال القرن المذكور، فإنه يمكن أن نستعين بالصحف، التي بدأت في الظهور بالمدينة أواخر القرن 19م، في التعرّف على بعض جوانب تلك الحياة، ففي الصفحة الثالثة من العدد الأول من جريدة (Al-moghreb Al-aksa)، أوّل جريدة بمدينة طنجة، الصادر يوم الأحد 28 يناير 1883م، نقرأ الخبر التالي:"على خشبة المسرح البلدي (Teatro Principal) ستعرض اليوم الأحد على الساعة الثامنة والنصف مساء فرقة (Compañia-Lirico-Dramatica) رواية: البطلة العبرية (La HeroinaHebrea)). ويتبيّن من هذا الخبر أنّ مدينة طنجة كانت تتوفر على مسرح قبل عام 1883م، وأعتقد أن إنشاء المسرح بمدينة طنجة كان على يد الأوربيين بُعيد عام 1850م على الأقل، ولما ظهرت الصحف في المدينة بدأ يتمّ الإعلان عن العروض التمثيلية التي سَتُقَدَّم عليه. ورجوعا إلى المسرحية التي عرضت بمسرح طنجة عام 1883م والتي أشارت إليها جريدة "المغرب الأقصى" في أوّل أعددها، فهي تحكي قصة فتاة يهودية تُدعى صول ليفي، طُبع نصّ القصة في جبل طارق عام 1837م، ونحن نعرف أنّ جريدة المغرب الأقصى كان يُشرف عليها عدد من يهود جبل طارق، ولذلك فإنّ هؤلاء كان لهم حرص على إذاعة خبر هذه التمثيلية التي تُعَبِّر عن واقعة مؤثرة في ذاكرة اليهود الجماعية بحسب اعتقادهم، إلّا أنّ خشبة المسرح البلدي بمدينة طنجة (Teatro Principal) كانت قد عرفت تمثيليات أخرى قبل العام المذكور، سبقت عرض الرواية المذكورة، كما يتبيّن ذلك من خلال مذكرات الدبلوماسي البرتغالي ألكسندر راي كولاصو.وربطاً بين إعلان مسرحية "البطلة العبرية" المنشور بجريدة "المغرب الأقصى" وبين ما ورد في المذكرات المشار إليها، نفهم أن هذا المسرح هو أوّل مسرح بمدينة طنجة بعد مسرح الإنكليز الذي شُيِّد عام 1669موجرى تهديمه عام 1684م.أمّا موقع هذا المسرح البلدي (Teatro Principal)، فيُمكننا أن نعرفه من كلام للمؤرخ الطنجي الإسباني ريكاردو رويث (Ricardo RuisOrsatti) يقول فيه: "إن أوّل مسرح بمدينة طنجة كان في الدار التي اتخذها الفنان خوصي طابيرو (Jose Tapiro) مرسما له، والتي كانت تقع قبالة سينما أميركان (بحومة بني يدر) وفيه عُرضت لأوّل مرّة مسرحية: البطلة العبرية". والدار المذكورة لا تزال على قيد الوجود،ويا حبّذا لو أنّ الهيئات الوَصِيّة على الثقافة بمدينة طنجة تقتني هذه الدار وتُصَيّرها متحفا للذاكرة المسرحية للطنجاويين.

3 - مسرح معهد رفاييل كالفو (TeatroLiceoRafael Calvo) 1887م

(مسرح ثسارثويلا (Teatro Zarzuela) 1900م)

أُسِّس هذا المسرح بمبادرة من جمعية تهتم بالفن التمثيلي اسمها: معهد رفاييل كالفو (LiceoRafael Calvo)، ظهرت للوجود في طنجة يوم 20 نونبر عام 1897م، وقد أسّسها الإخوان أنطونيو كاييكو (Antonio Gallego) وخوصي كاييكو (Jose Gallego) وأختهما رامونا (Ramona))، الذين قاموا بتشييد مسرح متواضع بجوار مقر المفوضية الأمريكية بحي بنيدر، أطلقوا عليه "معهد رفاييل كالفو"، وقد أقاموا هيكله على أعمدة خشبية،فوق قطعة من الأرض كانت في ملك اليهودي إسحاق أبنسور، وكان غايغو يؤدي له مقابل استغلاله للأرض ثمانية ريالات شهريا، ومع الأيام اشترت المفوضية الأمريكية هذه الأرض وشيّدت فوقها ملحقة قنصليتها العامة. وكان لهذا المسرح -رغم بساطته- الفضل في التعريف بألمع نجوم المسرح الإسباني، الذين قدّموا عروضا مسرحية في ذلك العهد، مِنْ بينهم: بدرودلكادو (Pedro Delgado)، وكارمن كوبينا (Carmen Cobena)، وإيزابيل برو (Isabel Bru)، واستمر هذا المسرح في أداء رسالته تحت اسم: معهد رفاييل كالفو إلى أن انتقل إلى ملك السيد ديغوزرميرو (D. Romero) الذي أطلق عليه اسم: مسرح ثارثسويلا(Teatro Zarzuela)،وذلك بداية من عام 1900م. والاسمالجديد مأخوذ من أحد فنون المسرح، فكلمة (Zarzuela) تعني: مسرحية غنائية. وقد هُدِّم مسرح ثارثسويلا (Teatro Zarzuela) عندما اشتراه الأمريكان لتوسعة مقر المفوضية الأمريكية بمدينة طنجة.

4 - مسرح إمبريـال (TeatroImperial) 1904م

أُنشأ مسرح إمبريـال (TeatroImperial) عام 1905م، وكان مجرد قاعة عرض صغيرة (Le Salon Imperial) تحتل طابقا في بناية بزنقة أمقشد (طريق المسيحيين سابقا،والتي تغيّر اسمها قبل سنوات قليلة إلى: طريق الموحدين) غير بعيد من السوق الداخلي. جميع مرتاديه كانوا من أفراد الجالية الأوربية بالمدينة (أُصَلائهم وطارئيهم)، فيهم شخصيات مرموقة في مجتمع المدينة، وكان بينهم عدد من البحارة الإسبانيين والبرتغاليين. وهو المسرح الطنجي الأوّل الذي عرضت فيه تمثيليات أُسندت بعض أدوارها إلى المرأة. وقد كان هذا المسرح مُكوّنا من قاعة بها كراسي وخشبة العرض، وفي جانب من القاعة بيانو عتيق كان يعزف عليه الأوركسترا الإسباني الشهير بنيطو ماركيز (Benito Marquez). وقد انتهت بناية مسرح إمبريـال (Imperial) إلى ملكية الإخوة كامبوس (Frères Campos) الذين باعوه عام 1929م. المالكُ الجديد استمر في استعماله كصالة لعرض التمثيليات عام 1930م تحت اسم جديد إلا أنه لم يستمر طويلا بعد التاريخ المذكور.

5 - مسرح رومية (TeatroRomea) 1905م

أنشئ مسرح رومية (TeatroRomea) عام 1905م، وكان يقع قبالة البحر خارج سور المدينة على الرّبوة القريبة من باب دار الدباغ أسفل المقبرة اليهودية (شارع البرتغال). بناه السيد أبيلاردوساستري (AbelardoSastre)،وهو كذلك كان مقاما على أعمدة الخشب، ويغطيه سقف من القرميد الأحمر. عرف المسرح بعض الشهرة في سنواته الأولى من خلال إعلانات الجرائد المحلية إلا أنّ جزءا كبيرا من الأجواء الفنية التي احتضنها هذا المسرح الصغير لا يزال مجهولا لدينا، نعلم أنه استمر على قيد الوجود إلى شهر مارس من عام 1911م، في ذات التاريخ الذي وصلت إلى طنجة فرقة مسرحية من إسبانيا لعرض تمثيلية في مسرح رومية إلا أنها تفاجأت بأن وجدت المسرح وقد تحوّل إلى محل تجاري،ولم يلبث المحل أن امتلكه فرنسيو طنجة وشيّدوا في مكانه مسرح الكورسال (Kursaal Français) عام 1923م.

                                                           *ينشر باتفاق مع جمعية طنجة الحضارة

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي 'tanjaoui.ma'

تعليقات الزوّار (0)



أضف تعليقك



من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

أخر المستجدات

تابعنا على فيسبوك

النشرة البريدية

توصل بجديدنا عبر البريد الإلكتروني

@