طنجاوي*
مشهد آخر من مشاهد تردي السياسية في البلاد، ما عجز عن تحقيقه رئيس الحكومة المعفى، عبد الإله بنكيران، في خمسة أشهر، حققه خلفه العثماني في 48 ساعة، ماذا حدث؟ كيف حدث؟ الأكيد أن الجواب الكامل لهذين السؤالين لن نحصل عليه، لأن ليس كل شيء باح به بنكيران، وهناك أشياء ستذهب معه إلى القبر كما صرح بذلك أمام لجنة الاستوزار التي انعقدت أمس بالمقر المركزي للحزب بالرباط.
بنكيران قال كلاما في بضع دقائق بين يدي لجنة الاستوزار، وعاد إلى بيته، في تلكم الدقائق كان الرجل أخذ علما من خلفه العثماني أن الاتحاد الاشتراكي، سيشارك في حكومته، لذلك لم يرغب في الاستمرار معهم، مع من سيجلس؟ وإلى جانبه من كانوا بالأمس ينهون عن خلق لكن اليوم يأتون مثله؟ أيجلس مع من سطر حروف البيان رقم 1 الذي صدر بعد بلاغ الديوان الملكي، والذي يتحدث بلغة صريحة وواضحة بأن بنكيران لا يتحمل مسؤولية تأخر الحكومة، واليوم بات هو المتسبب في "البلوكاج" الذي استمر لخمسة أشهر لأنه رفض دخول حزب اسمه الاتحاد الاشتراكي إلى الحكومة.
أيجلس من مع كانوا يقولون بالأمس إن اشتراطات بعض الأحزاب هي من أخرت خروج الحكومة إلى الوجود، وأن استمرارها سيتعذر تشكيلها أيا كان رئيس الحكومة المعين، والآن كانوا أول من طبلوا لها بل إن منهم من حاول شرعنة دخول الحزب المعلوم إلى الحكومة، بمقاله المثير "صلح الحديبية".
نعم خسرت الحكومة رئيسا، لكنها ربحت بالمقابل زعيما سياسيا، فالرجل كان يراد له في الكواليس أن يخرج من الباب الضيق ،صاغرا مذلولا، ليس من طرف الجهات المعلومة فحسب فقد تبين بالملموس، أن المؤامرة كانت أيضا تحاك من الداخل للإطاحة بالرجل، وإلا فكيف قبلتهم بسرعة البرق بدخول الاتحاد، بينما كان بالإمكان أن تعبروا عن هذا الموقف منذ البداية، وحتى إذا نلتم سخط من صوت عليكم، فلن يصل الأمر إلى ما وصلوا إليه الآن من سخرية على منصات التواصل الاجتماعي.
من كان يظن أن القضاء على شعبية العدالة والتنمية، من خلال إنهاكه بالمشاكل محليا جهويا أو حتى وطنيا، كان واهم. فهناك أكثر من دليل على أن الحزب لا يتأثر بالضربات التي توجه إليه، بل إنها تزيد من شعبيته..لكن ما يقع اليوم من تنازلات مست المبادئ والمواقف، أي عندما تتحول نقاط القوة لديك إلى نقاط ضعف، فهنا يكمن الخطر الحقيقي، هنا تتراجع شعبيتك وحضورك ووزنك أمام الشعب، ويتحول حزبك إلى موضوع للسخرية وقلة الاحترام لدى الرأي العام..
لو كانت هناك انتخابات قريبة كيفما كان نوعها تشريعية أم جماعية أو حتى جزئية، ربما سيشعر العثماني وإخوانه بحجم الإهانة التي سيوجهها إليه الشعب.. انتهى الكلام.
*عمر بن شعيب