حفصة ركراك
صدر حديثا للكاتبة المغربية الشابة "نسيمة الراوي" عن دار “العين” بالقاهرة، رواية معنونة بـ"تياترو ثرفنطيس"، رواية تجسد أحداثها مجموعة من التغيرات التي طرأت على طنجة خلال العقدين الأخيرين من خلال شخوصها، وذلك بفعل الهزات النفسية والخيبات المتكررة والانكسارات القاتلة التي التهمت الأجساد والمعالم القديمة لطنجة، والزمن الجميل الذي كان يستهوي الزائر والمقيم.
هذه الرواية القصيرة المكثفة، التي تقع في 124 صفحة فقط، تجسد شخصية الجد التي تعمل في مسرح ثرفنطيس الذي أقامه الإسبان في المدينة تخليدا لصاحب رائعة “دون كيخوت”، وبفضل احتكاكه بالأجانب ومعاشرته لنساء أوروبيات، تعلم الفرنسية والإسبانية والإنكيلزية وأصبح مرشدا للسياح، وحفيدته أحلام تحب أن يحدثها عن زمن طنجة الجميل، إلاّ أن الجد تدركه الشيخوخة وتتكالب عليه الأمراض ليصير بذلك شبحا قاتما يعكس انقراض ذلك الزمن الجميل من طنجة ودخول زمن جديد.
فالخالة مريم التي أحبها أمريكي وأنجبت منه ولدا سمته آدم، حين هجرها الأميركي تاركا طنجة للأبد، أجبرتها الظروف على مصارعة الواقع المغربي الذي كان لا يتعايش مع ابنها على اعتباره ابن "النصراني"، ما اضطر آدم للانتقال إلى مصحة الأمراض العقلية، بفعل الظروف القاسية التي تكالبت عليه.
أما شخصية أحلام فهي صورة للجيل الجديد، الذي عاش والدها سنوات الرصاص في السبعينات من القرن الماضي ومات في السجن بسبب انتمائه إلى تنظيم ماركسي لينيني، لتكون بتقلبات الأحداث ضحية التغيرات والتحولات الجديدة، وصديقتها هي الأخرى قضت نصف عام في مستشفى الأمراض العقلية بتطوان، حين تم قتل والديها في الحادث الإرهابي الذي ضرب أحد فنادق الدار البيضاء السياحية في 16 مايو 2003، بعدها نزعت غطاء رأسها وانخرطت في حياة اللهو والعبث، متنقلة بين الفنادق الفخمة، رابطة علاقة غرامية مع رجل أعمال كان يستهويه تعذيبها في الفراش، وفي النهاية، قتلته وذهبت هادئة إلى السجن.