طنجاوي ـ صحف
أجلت الهيئة القضائية بغرفة الجنايات الابتدائية المتخصصة في جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالرباط، مساء أول أمس الاثنين (15 يوليوز)، مناقشة القضية المثيرة للجدل المرتبطة بتورط ضباط سامين بجهاز الدرك وحوالي 30 دركيا في قضايا التهريب الدولي للمخدرات، إلى ما بعد العطلة القضائية، وتحديدا إلى منتصف شهر شتنبر القادم.
وكشفت صحيفة "الأخبار" أن الجلسة التي شهدت نقاشا قانونيا حادا بين هيئة دفاع المتهمين وممثل النيابة العامة وهيئة الحكم، كان بطلها أحد المتهمين المدان بعشر سنوات سجنا على خلفية القضية نفسها، حيث حوكم إلى جانب مسؤولين أمنيين وتجار مخدرات بحوالي 176 سنة سجنا، قبل أن يتم استقدامه خلال جلسة أول أمس، من أجل الإدلاء بشهادة وتصريحات تتعلق بالملف الذي يتابع فيه كبار مسؤولي الدرك الملكي.
وأوضحت الصحيفة أن المتهم الذي تم نقله إلى جانب ثلاثة متهمين رئيسيين من سجن العرجات إلى قصر العدالة بحي الرياض تحت حراسة أمنية جد مشددة، شاركت فيها قوات خاصة من الدرك الملكي، تسبب في "بلوكاج" المحاكمة وإرجائها إلى ما بعد فترة العطلة القضائية، بعد أن رافق مثوله أمام الهيئة للإدلاء بشهادته غليان وتدافع قانونيبين دفاع الضباط السامين وممثل الحق العام حول أهليته القانونية من عدمها بخصوص الاستماع إليه كشاهد أو مصرح.
وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس الهيئة القضائية، وقبل أن يباشر عملية الاستماع للشاهد بعد التأكد من هويته، تقدم نقباء ومحامون يؤازرون مسؤولي الدرك باعتراض رسمي على المتهم، من خلال التشكيك بشكل صريح في طبيعته القانونية التي لا تسمح له بأن يدلي بشهادة حول ملابسات القضية، خاصة أنه مدان بعشر سنوات سجنا في نفس الملف.
وأوردت الصحيفة أن الدفاع استغرب لما أسموه "إقحاما غير مبرر" لهذا المتهم المثير للجدل في هذه القضية من موقعه كشاهد أو مصرح، في الوقت الذي يخلو الملف برمته من أي محضر يفيد بأنه أدلى بتصريحات تتعلق بقضية الدركيين حسب الدفاع دائما، تسمح بالرجوع إليها لتأكيدها أو نفيها أمام هيئة المحكمة، فضلا عن مبررات أخرى تبطل أهليته القانونية للمساهمة في هذا الملف سواء من موقعه كشاهد أو مصرح بالنظر لتوافر موجبات عديدة في شخصه من قبيل "العداوة" التي تربطه بالكولونيل "ع.ب" المعتقل احتياطيا على ذمة نفس القضية بعد أن حرر في حقه ثلاثة محاضر في قضايا تتعلق بالاتجار في المخدرات انتهت بسجنه والحكم عليه بمدد طويلة، وبالتالي تبطل شهادته خوفا من تزييف حقائق الملف بهدف الانتقام من القائد الجهوي السابق لجهاز الدرك الملكي بأكادير حيث توبع المتهم.
من جهته، وتفاعلا مع مداخلات هيئة الدفاع، ـ تضيف الصحيفة ـ أكد ممثل النيابة العامة، وسط ذهول كبير عم أرجاء القاعة، أنه يتوفر على نسخة رسمية من المحضر الذي يتضمن تصريحات أدلى بها المتهم لدى قاضية التحقيق حول ملابسات الملف، خلافا لما ورد على لسان المحامين، مضيفا أن المحكمة من حقها، بقوة القانون وسعيا للحصول على الحقيقة الضامنة لسيادة العدل والعدالة في هذه القضية، أن تسمع لأي شخص تراه مفيدا في هذا الاتجاه، فضلا عن أن المتهم حسب الوكيل العام، جايل كل الأحداث والوقائع ويملك أسرارا كثيرة باعتباره كان "عنصرا فاعلا" ضمن العصابة الاجرامية المتابعة في النازلة.
ولفتت الصحيفة إلى أن مداخلة النيابة العامة أججت النقاش داخل القاعة، حيث أكد دفاع المتهمين عدم توفرهم على الوثيقة التي تملكها النيابة العامة، ما دفع الهيئة القضائية للتفاعل مع ملتمس الدفاع بتمكينهم من نسخة من المحضر وتمكينهم من الوقت الكافي للاطلاع عليها وتقاسم مضمونها مع موكليهم من أجل إعداد الأسئلة والمرافعات، قبل أن يقرر القاضي كشتيل تأجيل مواصلة البت في هذه القضية إلى منتصف شهر شتنبر القادم.
وينتظر أن تؤثر المواجهات المقررة بين "البارونات" ومسؤولي الدرك في مسار هذا الملف الذي يعتبر من أهم الملفات التي تداولتها غرفة جرائم الأموال بالرباط، خاصة بعد أن واجهت المحكمة الكولونيلات ومرؤوسيهم خلال عشرات الجلسات السابقة بمكالمات هاتفية بالغة الخطورة تؤكد بعد إخضاعها للخبرات التقنية اللازمة، تورطهم في التخابر والتنسيق مع التجار المتهمين الذين تقدمهم معطيات الملف "بارونات" كبار، وهو ما دفع الهيئة القضائية للاستئناس بشهاداتهم لتجلية كل الغموض واللبس الذي يرافق أطوار هذه القضية، ثم الإنكار الذي تشبث به ضباط الدرك بخصوص علاقتهم مع البارونات والمكالمات الهاتفية الواردة والصادرة من أرقام نداءاتهم.
يذكر أن المتهم سبقت إدانته بأكادير في قضية مخدرات بعشر سنوات سجنا نافذا، وتم استقدامه من سجن أيت ملول، لغرفة جرائم الأموال والحكم عليه مرة ثانية بعقوبة مماثلة في ملف الأمنيين، حيث وزعت عليهم المحكمة ما يناهز 176 سنة، قبل أن تجره المحكمة مرة ثالثة رفقة ثلاثة متهمين معتقلين للإدلاء بشهاداتهم ومواجهتهم للضباط الكبار المنتسبين لجهاز الدرك المتابعين في نفس القضية المتعلقة بالاتجار في التهريب الدولي للمخدرات بتهم التخابر وإفشاء السر المهني والمشاركة.