محمد كويمن العمارتي٭
شاءت الأقدار أن تعود ملكية قصر الدوق دي طوفار بفيتوريا ببلاد الباسك شمال اسبانيا، لمدينة طنجة في عهد حزب المصباح، على بعد أشهر قليلة من انسحاب حزب التراكتور تحت إكراه صناديق الاقتراع، بعد نزاع طويل عريض، دام لسنوات، تعايشت معه مختلف الألوان السياسية بالمجالس المنتخبة، التي تعاقبت على تدبير الشأن المحلي بالمدينة، من أجل استرجاع هذا الإرث التاريخي خارج الحدود، عقب سرقة ما بداخل الحدود، ولعلها عادتهم بلا حدود..
ولحسن الحظ أن قصر ألابا- اسكيفل، صار في ملكية طنجة بعد تولي العمدة الحالي رئاسة المجلس الجماعي، حين ظل البعض يرون أن العمدة السابق كان على استعداد في عهده الزاهر لاقتراح إضافة "الروتري" على بلدية فيتوريا مقابل استفادة طرفين، وربما استشار شقيقه ونصحه بالابتعاد على مال الورثة، كما كان الحظ إلى جانب المدينة بعدما لم يتسلم الوالي هذا القصر، وإلا لكان قد أسرع بإرسال جرافاته من أجل إعادة تأهيله ضمن أوراش طنجة الكبرى، وعلى الأقل فإن المجلس الحالي إذا ما فكر في استغلال هذا القصر سيفتح به مكتبا للتصديق على الإمضاءات لفائدة أفراد الجالية هناك..
وفي الواقع لم يكن ينوي طوفار تقديم ثروته للمدينة، لكن تزامن ذلك مع نهاية الحقبة الدولية، لتصبح بلدية طنجة الوريث الشرعي لأملاكه، وتشاء الظروف أن تجازيه المدينة أحسن الجزاء، حين ظل اسم طوفار لعدة سنوات مرتبطا بقضية جنائية تتعلق بالسطو على ممتلكاته، كما كان نصيبه أن يحمل اسمه مستشفى يستقبل الأموات، وربما تكون هذه الصورة التي منحتها المدينة لمن وهبها أملاكه، قد جعلت الكثير من الأثرياء الذين خطفهم عشق طنجة، وحرموا من الخلف، بعدما وصلتهم أخبار سرقة أملاك طوفار، واتهام المجالس البلدية بخيانة الأمانة، يفضلون تفويت أملاكهم لكلابهم، وقد كان هذا الأمر ليدفع بعض الأحزاب إلى تزكية الكلاب الوارثة لخوض الانتخابات باسمها، لولا اعتراض القانون، حين فرض المشرع أن يكون المرشح عاقلا، لكنه ترك ثغرة بعدما لم يضف ولا يعض..
الجميل في الأمر أن بلدية فيتوريا فرضت على الجماعة الحضرية لطنجة تسديد جميع ديونها المتعلقة بتكاليف أشغال الصيانة ومستحقات ورثة محاميها الاسباني المكلف بالقضية، مع التعهد بالحفاظ على البناية الأثرية لهذا القصر الذي يعود تشييده لسنة 1488، في الوقت الذي عجزت فيه الدولة المغربية لسنوات طوال عن إلزام الدولة الاسبانية بترميم مسرح سرفانطيس والحفاظ عليه كمعلمة تاريخية مفتوحة في وجه زوار المدينة في انتظار الحسم في قرار تسليمه للمغرب، وتلك قصة أخرى..
هي رسالة من بلدية فيتوريا إلى جماعة طنجة، الأولوية للحفاظ على معالم المدينة، فقد يصل زمان لن تنفع فيه كنوز الدنيا لكي تسترجع طنجة شواطئها وغاباتها ومآثرها..
٭ عن أسبوعية لاكرونيك