بقلم: حسن الحداد*
إن تدبير ممتلكات الجماعات الترابية يجب أن يخضع لمنطق التثمين والتطوير، وأنه على المستوى الاستراتيجي يظل بيع الممتلكات حل ترقيعي، لا يمكن الجماعات من تحسين مستدام لمداخيلها. كما أن وضع خطة للاستثمار تظل السبيل الأمثل لتدبير مالية الجماعة.
تجدر الإشارة في بداية هذا المقال، الذي نبتغي من ورائه تسليط الضوء على موضوع استاثر باهتمام بالغ من طرف الرأي العام بمدينة طنجة، إلى ان بيع عقارات مملوكة للجماعات الترابية مؤطر بالقانون، الذي يفرض شرطين أساسيين، اولهما ان تحديد العقارات التي ستعرض للبيع هو اختصاص حصري للمجلس المنتخب، فيما تحديد الثمن الافتتاحي للبيع يتم من طرف اللجنة الإدارية للتقييم، التي تجتمع تحت رئاسة ممثل الوالي او العامل، وعضوية ممثل عن كل من: الجماعة المعنية، المالية، املاك الدولة، المحافظة العقارية، كما يعرض وجوبا الثمن الافتتاحي للمصادقة من طرف المجلس، وبالتالي فإن قرار البيع والثمن الافتتاحي هو اختصاص للمجلس المنتخب، فيما دور رئيس المجلس ينحصر في تنفيذ مقرر البيع، عبر الاعلان عن الصفقة وفق الشكليات والاجراءات المنصوص عليها في القوانين ذات الصلة.
وبالعودة إلى موضوع بيع عقارات مملوكة لجماعة طنجة، فإن وزارة الداخلية كانت قد طلبت من جماعة طنجة خلال فترة الرئيس فؤاد العماري بضرورة عرض ممتلكات وعقارات مملوكة لجماعة طنجة من اجل توفير السيولة اللازمة للوفاء بالالتزامات المالية للجماعة في مشاريع طنجة الكبرى. لكن التنفيذ العملي لتوصية وزارة الداخلية كان في عهد حزب العدالة والتنمية، وكان اول عقار تم بيعه هو الكائن بالقرب من ساحة المدينة (مستودع ومكاتب المصادقة على الامضاء)، حيث تمت عملية البيع مستهل سنة 2021.
اما بخصوص ملف بيع العقار الكائن بمنطقة بوبانة، الذي اثار نقاشا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي، وتطرقت له العديد من وسائل الإعلام المحلية والوطنية، ووصلت تداعياته إلى ردهات المحاكم، فإن الأمر يتعلق بعقار مساحته 7726 متر مربع، ومخصص وفق تنطيق تصميم التهيئة لبناء فيلات من 500 متر مربع. فبالرجوع للوثائق الرسمية لجماعة طنجة ومحاضر الدورات، يتبين ان هذا العقار كان ضمن الاملاك التي ادرجها المجلس السابق برئاسة البشير العبدلاوي للبيع، وتم تحديد ثمنه الافتتاحي في 3000 درهم للمتر المربع، وتم عرضه مرتين للبيع دون ان يتقدم أي شخص لاقتنائه، ليقرر مجلس الجماعة إعادة النظر في الثمن الافتتاحي، حيث التأمت مرة أخرى اللجنة الإقليمية للتقييم، وخفضت الثمن الافتتاحي من 3000 درهم إلى 2000 درهم، وتم عرض هذا الثمن على المجلس للمصادقة في ٱخر دورة( كانت استثنائية) عقدها المجلس السابق، وذلك يوم 27 يوليوز 2021, وتم التصويت عليه بالاجماع من طرف الأعضاء الحاضرين (انظر صورة الأعضاء الحاضرين المصوتين على هاته النقطة، والمنشورة بالموقع الرسمي الجماعة).
هاته المعطيات الموثقة في محضر الدورة الاستثنائية لمجلس جماعة طنجة تؤكد بشكل لا لبس فيه ان المجلس الجماعي الحالي برئاسة العمدة منير الليموري لا يتحمل أي مسؤولية في تحديد الثمن الافتتاحي، لا من قريب او بعيد، فقط قام العمدة الحالي بتنفيذ مقررات المجلس السابق، وأعلن عن صفقة البيع من منطلق استمرارية المرفق العمومي.
مثلما تؤكد المعطيات ذاتها ان الملف تم توظيفه من طرف بعض الاطراف بخلفية سياسيوية في إطار التدافع السياسي، من خلال التعتيم على الحقائق واخفاء الوثائق القانونية، وهو ما لم ينتبه له مع كامل الاسف العديد من الفاعلين الجمعويين والمدونين، الذين ربما قادتهم غيرتهم على المال العام لتحميل المسؤولية للعمدة الحالي ونوابه، فين حين أن لا علاقة لهم بهذا الملف بالبات والمطلق.
و نحن نبسط هذا المسار، نرجو أن تكون الصورة قد اتضحت أكثر لكل الغيورين من مواقعهم المختلفة، و هي فرصة لتحكيم العقل و تغليب مصالح المدينة، التي تواجه تحديات أكبر في ظرف خاص، يستدعي تظافر جهود الجميع سلطات، منتخبين و مجتمع مدني، و هو المفتاح لكل تدبير منتج، و مساهمة مواطنة.
أملنا ان نكون قد وفقنا في وضع النقاط على الحروف بشأن هذا الملف، وذلك تنويرا للرأي العام ولعموم متتبعي الشأن المحلي، بكل تجرد وموضوعية، واضعين نصب أعيننا مقولة "ما لله لله وما لقيصر لقيصر".
*فاعل مدني ومتتبع للشأن العام