أخر الأخبار

حيون يكتب: هذا قدر الله وما شاء الله فعل… لكن مسؤولية الإنسان ثابتة!

طنجاوي - بقلم: عبد العزيز حيون

 

عاش كل المغاربة في اليومين الأخيرين كوارث طبيعية بكل معنى الكلمة تسببت في فواجع ومآسي ووقوع خسائر بشرية ومادية جسيمة، وذلك قدر الله الذي يعلم الغَيب ويُحدث كل شيئ لسبب ،سبحانه وتعالى.

 

لكن للأسف ما حدث في آسفي وفي تطوان وفي المضيق وفي مرتيل وفي الفنيدق ومدن أخرى مغربية كثيرة، يُظهر جَليا تقصير الإنسان ومسؤوليته قائمة فيما حدث، وكان على من أوكلت له مهام تدبير أمور الناس استعمال ما حبانا الله من قدرة على التفكير والذكاء والتمييز، والله أعطانا العقول والقدرات المعرفية ولم يخلقنا كباقي الكائنات الحية، مثل الحيوانات التي تعتمد على الغريزة وسلوكيات خاصة تنجيها من الكوارث والمصائب وتقيها من الظروف الاستثنائية. 

 

وأظهرت الأحداث المأساوية، بكل تَجرد وحيادية مطلقة، كيف أن الكثير من الناس قصروا في مهامهم، ولا أخص بالذكر فقط القيمين على تعمير المدن وبالبناء ومد قنوات الصرف والطرق وشبكات نقل المياه… بل ولاحظنا أن الإعلام قصر في دوره وتعامل مع الأحداث المذكورة بدون احترافية ولا مهنية، رغم أن له من الإمكانات الضخمة التي عادة ما تستعمل في أنشطة الترفيه وأشياء أخرى ثانوية و"عبيطة"... 

 

عكس الحيوانات التي رزقها الله بالذكاء الغريزي الموجه للبقاء، والذكاء الاجتماعي للحيوانات التي تعيش في مجتمعات معقدة وتضطر الى إظهار مهارات تواصل وذاكرة اجتماعية لضمان العيش المشترك والذكاء الإدراكي لمعالجة المعلومات بكثافة عصبية عالية…

 

منحنا الله نحن بني البشر العقل لتمييزنا عن سائر المخلوقات، وليكون وسيلة للفهم والإدراك والتفكير والقدرة على خلافته في الأرض وتحقيق الكرامة الإنسانية، وتحقيق الغاية من الوجود وهي عبادة الله. 

 

فالعقل الذي منحنا الله إياه هو أداة للتمييز بين الصواب والخطأ وتدبير أمورنا وأمور الناس بما يلزم ،وإدراك المسؤوليات المتعددة تجاه الناس وتجاه الدولة المغربية… والقيام بما هو مطلوب دون تقصير ولا تفريط وبإتقان وتفاني ،وبدون الإخلال بالواجبات الوظيفية وبالضرورة تنفيذ المهام المطلوبة التي يمنحك الله عليها الحسنات وتأخذ عليها الأجر الغث والسمين والممتلئ وليس المهزول كما هو عمل الكثيرين ،ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 

الأسر المغربية برمتها تؤدي شهريا ما عليها من واجب الماء والكهرباء والصرف الصحي والتطهير، وإذا تأخرت عن الأداء تتلقى التهديد الشديد ثم الحرمان، إلا أن من هُم موكول لهم تدبير هذه المرافق الحيوية يسارعون في استخلاص المال لكن لا يسارعون في القيام بالواجب بالإتقان والسرعة المطلوبة، والخدمات مُعاقة ومغشوشة في أحيان كثيرة وغير كافية ويطالها التقصير ،خاصة في الصرف الصحي و"التطهير" ومد القنوات الخاصه به، وهو ما وَقَف عليه كل المغاربة بعد تدفق المياه في المدن، نعم الناجمة عن تساقطات رعدية شديدة، لكنها أيضا ناجمة عن تقصير فضيع في المسؤوليات.

 

قَضيتُ شخصيا أزيد من 16 سنة خارج المغرب وعشت في دول لا يفتر فيها المطر والثلج من السقوط بغزارة إلا نحو شهرين في السنة، ولم يحدث أن شاهدت فيضانات داخل المدن ولا مجاري مخنوقة ولا قنوات مسدودة ولا أحياء منكوبة، كل شيئ يُدبر استباقيا وبشكل سلس، والأهم أن الكُل يتحمل المسؤولية المنوطة به، عكس ما يحدث عندنا حيث العشوائية والتدخلات المتأخرة والتحركات الموسمية بحضور كاميرات وإعلام يتفادى الحضور وقت الشدة.

 

وعلى ذكر الإعلام، لاحظت أمس الأحد ،كما لاحظ بدون شك كل المغاربة، التغطية الإعلامية "البئيسة" التي انتظرناها لَعلنا نطلع بالتدقيق وبالحيادية اللازمة عن ما يحصل في تلك المدن ،ولنا فيها أسرنا وإخواننا وأصدقاؤنا وأبناؤنا، فلم نحصل إلا على الهراء وعلى معطيات سطحية قبل أن نغير وجهتنا نحو كاميرات الناس البسطاء الهواة ،الذين قدموا لنا كل المعطيات ،على فضاعة الأحداث، المهم أزالت غليلنا.

 

وتمكننا من معرفة الحقيقة من رجال ونساء وشباب لا يمتهنون لا الصحافة ولا الإعلام ولكن لهم الحس المهني الذي لا يمتلكه حتى الذين يتبجحون بـ"المهنية" وبالبطاقة الصحفية، التي أثارت الكثير من اللغط في الأيام الأخيرة عن من يستحقها ومن لا يستحقها.

 

مَلكُنا قُدوَة في الظروف الصعبة وفي المسؤوليات الجسام، وعلينا أن نسير على خُطاه ونعتبره النبراس الذي يجب أن نمشي على خطاه ونسير على هداه لتدبير شؤوننا وشؤون المواطنين، الذين بدأ يخيفهم المطر والجفاف وشح التساقطات على حد سواء، فلا الجفاف يُدبر كما يلزم ولا نعمة الله من الأمطار تدبر كما يلزم.

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي 'tanjaoui.ma'

تعليقات الزوّار (0)



أضف تعليقك



من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

أخر المستجدات

تابعنا على فيسبوك

النشرة البريدية

توصل بجديدنا عبر البريد الإلكتروني

@