طنجاوي
سجلت الفيدرالية المغربية لناشري الصحف تحسن تصنيف المغرب ضمن مؤشر حرية الصحافة، الصادر مؤخرا، وتزامن ذلك مع تخليد اليوم العالمي لحرية الصحافة.
ودعت الفيدرالية في بلاغ لها إلى استثمار ذلك والبناء عليه لتطوير المنجز العملي الملموس لبلادنا في مجال تأهيل قطاع الصحافة والإعلام، وتقوية مصداقيته وجديته.
وعبرت عن أملها في أن "يشجع ذلك على تقوية نفس الإنفتاح والإنفراج تجاه الصحافة والصحفيين، وأن نعمل كلنا على بلوغ جودة المحتويات والمضامين، والتقليل من الفوضى، ومحاربة الأخبار الزائفة والتضليل، وأيضا أن نحمي التعددية والتنوع في مشهدنا الإعلامي الوطني" .
وقالت الهيئة ذاتها إن "الكل اليوم يتفق على حجم التردي الذي بلغته الصحافة، وخصوصا على مستوى المحتوى الذي تعممه بعض الأطراف المهنية وسط المجتمع، كما تعاني مقاولات الصحافة الورقية والإلكترونية من صعوبات المحيط الإقتصادي، وضعف مداخيل الإشهار، واختلالات قطاع الإعلانات، ومشاكل مبيعات وتوزيع الصحف الورقية، وهو واقع يتسبب في الكثير من الضغوط المالية والإقتصادية والتدبيرية التي تعاني منها اليوم معظم مقاولات القطاع".
واعتبرت أنه"وبرغم الجهد المالي الإنقاذي الكبير الذي تحملته الدولة منذ فترة جائحة كورونا، والذي اتسم، مع ذلك، باختلالات في التدبير، فإن هذا الأسلوب صار اليوم يدور حول نفسه، وتشتكي العديد من المقاولات الصغرى والجهوية من غياب الإنصاف تجاهها بهذا الشأن، وهو ما كان يفرض على الحكومة إعمال التشاور مع المهنيين لصياغة منظومة قانونية مناسبة للدعم العمومي تؤمن الإنصاف والمساواة، وتحفظ للمشهد الإعلامي الوطني تعدديته وتنوعه، وتحرر المنظومة كلها من المؤقت".
وذكرت الفيدرالية ب"التزامها دائما، ومنذ مؤتمرها الوطني الأخير على الأقل، بالواقعية في ترافعها، واعتمدت مقاربة تنبني على الشراكة والتعاون والإيجابية تجاه السلطات العمومية، كما كان الأمر عليه منذ أزيد من عشرين سنة، وأصرت على مد يد التعاون تجاه المنظمات المهنية ذات الجدية والمصداقية، ولكن، برغم كل هذا الصبر والتحمل وصدق التعامل".
وانتقدت في المقابل، إصرار الوزارة المكلفة بالقطاع على"العمل الأحادي الإنفرادي والمنغلق، وعلى تجاهل اقتراحات الفيدرالية، وهذا يجعل الفيدرالية المغربية لناشري الصحف مقتنعة أن وزارة القطاع، مع الأسف، لا تمتلك أي رؤية أو حتى شجاعة لخوض حوار حقيقي ومنتج مع مهنيي القطاع، كما أن أسلوبها في التعامل لا صلة له بالمقاربة التشاركية التي نص عليها دستور المملكة، وحثت عليها خطب جلالة الملك".
ونبهت إلى أن"تحديد تمثيلية كل منظمة للمقاولات يحددها عدد المقاولات العضوة في هذه المنظمة، وليس شيئا آخر، ولا علاقة لعدد الأجراء بتمثيلية المنظمات، لأن ذلك ببساطة غير وارد في القوانين الجاري بها العمل في البلاد".
وأوضحت الفيدرالية، التي تعتبر الموقعة على الإتفاقية الجماعية المعمول بها وحدها إلى اليوم في القطاع، أنها "لا ترفض تقديم أجوبتها، كما يشيع البعض، ولكنها تدعو الى تطبيق القانون والمساطر ذات الصلة".
وذكرت بأن الإتفاقية الجماعية "يجب أن تكون نتيجة تفاوض بين الأطراف المعنية، وبعد ذلك تجري صياغة ما اتفق عليه، وليس تقديم كتاب جاهز و(جامع مانع)، ويطلب من الفيدرالية الموافقة عليه، ففي كل الأحوال لا أحد قبل بما تضمنه أو أقر العمل به، وذلك لأن الفيدرالية المغربية لناشري الصحف على حق عندما دعت الى الحوار ضمن مقتضيات القانون، والسعي لتحقيق الإتفاق، ولهذا هي مدت يدها دائما لهذا الحوار الشامل والمنتج والعقلاني والقانوني، ولا تزال مستعدة لذلك ومنفتحة عليه".
وفي ما يرتبط بواقع ومصير مؤسسة التنظيم الذاتي للمهنة، أكدت الفيدرالية أن موقفها هو "الصحيح والسليم، والمنسجم مع المنطق، ومع القانون، وقد صار الكثيرون اليوم يعبرون، في بلاغاتهم وتصريحاتهم، عن مواقف أقرب الى موقف الفيدرالية، والذي عبرت عنه منذ البداية، ولا زالت متمسكة به، ويقوم على كون إحداث لجنة مؤقتة هو قرار مخالف للقانون ويدوس على منطوق وروح الفصل 28 من الدستور، وكل الإنسدادات التي برزت كانت نتيجة هذه الخطوة الحكومية غير الرشيدة".
واعتبرت أن" اختلالات المرسوم الحكومي المتعلق بالدعم العمومي وعدم إصدار القرار الوزاري المشترك المرتبط به، وطريقة تدبير عمليات تجديد البطاقة المهنية لهذه السنة، وما تعانيه مؤسسة التنظيم الذاتي من انسداد وغياب الافق، كل ذلك يؤكد صحة مواقف الفيدرالية المغربية لناشري الصحف".
وحملت الفيدرالية الوزارة المسؤولية "في كل هذه المآلات السلبية، ذلك أنها هي من أحجمت دائما، ولحد الآن، على الإنخراط في مقاربة إصلاحية استراتيجية شاملة وجادة وعقلانية، وتجاهلت، بشكل غريب، نداءات الفيدرالية، وأبانت عن ضعف واضح في الحس التدبيري والتقدير السياسي الوطني، وهي تتحمل أيضا وزر اختلالات مؤسسة التنظيم الذاتي، لأن الحكومة هي من كانت وراء القانون المحدث لللجنة المؤقتة الحالية".
وقالت إنها "لم تبق منتظرة كي تغير وزارة القطاع أسلوبها او أن تخرج من الضعف الكبير الذي يسم تدبيرها العام، ولكنها استمرت في تقوية تنظيمها الداخلي والإشعاعي، وحرصت على مساعدة المقاولات العضوة كي تؤهل ذاتها، وتتوفر على البطاقات المهنية اللازمة ومختلف المستندات القانونية والتدبيرية، وقامت بتحيين قاعدة بيانات ومعطيات عضويتها، بعد اكتمال موسم تجديد البطاقات المهنية، وفي الأسابيع المقبلة ستباشر عقد الجموع العامة القانونية لفروعها الجهوية وفق ما تنص عليه أنظمتها الداخلية، كما ستقيم تظاهرات وبرامج ومنصات حوار حول المهنة وآفاقها وتحدياتها".
وأضافت أنها "تتطلع أن تدرك وزارة القطاع، والحكومة بشكل عام، حجم المشكلات والصعاب ومظاهر التردي والفوضى التي باتت تكبل القطاع وتؤثر عليه، بما في ذلك من لدن أطراف غير مهنية أو مسخرة لغايات وأهداف أخرى قد لا تخلو مستقبلا من مخاطر على مصالح بلادنا ووعي شعبنا ومجتمعنا، ومن ثم تتأكد ضرورة الإستثمار في المهنية أولا، وتحفيز المقاولات الجادة، وتعزيز التعاون والشراكة مع المنظمات المهنية ذات المصداقية ووضوح النظر".
وبشأن القوانين المؤطرة للقطاع، فكل إصلاح حقيقي لها، يجب أن يتسم بالشمولية، وألا يكون القصد من التلويح به هو التراجع عن قاعدة الإنتخاب لتشكيل المجلس الوطني للصحافة واستبدالها بقاعدة التعيين، أي تغيير المادتين : 04 و 05، وإنما يجب أن يكون الإصلاح شموليا وموضوعيا، وينتج عن حوار وتشاور جادين ومنتجين تقودهما الحكومة مع المنظمات المهنية، وينخرط فيهما البرلمان، كما تقتضي ذلك القواعد الديموقراطية المعروفة.
وأشادت الفيدرالية بتعاونها وتنسيقها الدائمين مع كل من الفيدرالية المغربية للإعلام والجامعة الوطنية للصحافة والإعلام التابعة للإتحاد المغربي للشغل، معلنة أن ذلك سيتجسد مستقبلا في مبادرات وبرامج أخرى عملية وملموسة، فإنها تستمر في مد يدها لكل ناشرات وناشري الصحف، وأيضا للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، وذلك بغاية تمتين حوار مهني حقيقي، والقطع مع الحسابات الانانية العقيمة، والإنكباب الجماعي لبناء رؤية موحدة وعقلانية للنهوض بمهنتنا ومقاولاتنا، وللمساهمة في تأهيل الموارد البشرية المرتبطة بالقطاع.