طنجاوي - بقلم: عبد العزيز حيون
الملك محمد السادس، قائد وأب الأمة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، ولإعطاء المثل لكل مؤسسات البلاد، الرسمية وغير الرسمية، بادر الأربعاء، إلى إعطاء المثال في العمل الاجتماعي الميداني الهادف، بإشرافه شخصيا على بداية أشغال بناء مركب جهوي لاستقبال وإعادة التأهيل النفسي والاجتماعي للأشخاص ذوي الأمراض العقلية والنفسية، والذي ستنجزه مؤسسة محمد الخامس للتضامن باستثمار إجمالي قدره 300 مليون درهم.
وبالتالي يحق لنا أن نوجه، بكل مسؤولية وبكل تجرد، السؤال للحكومة والمؤسسات المنتخبة والجمعيات ذات صفة المنفعة العامة المعنية بالشؤون الاجتماعية والإنسانية وغيرها من الجمعيات، حول ما الذي يثنيها عن السير على خطى جلالته وفعل الواجب والمبادرة بدون تأخر والمثابرة والاجتهاد على أرض الواقع ؟، وهل نحن الآن في حاجة الى تظاهرات للترفيه تحت يافطة الثقافة أم إلى مبادرات اجتماعية عاجلة لا تقبل التأخير ..؟، وقد أعطى جلالة الملك المثال وقدم الإجابات بكل وضوح، ومن تم لا يجب أن نتظاهر بعدم المعرفة حتى لا نقول بالجهل.
وعلى عكس ذلك، لازالت ،على ما يبدو، المؤسسة التنفيذية تفكر فيما ستفعله، وهي تعرب عن نيتها واستعدادها لإطلاق حوار فوري مع "المحتجين" للتعرف على مطالبهم المعروفة أصلا لدى الخاص والعام، وعن نيتها هيكلة الحوار مع المعنيين، وأنا لا أدري مع من بشكل واضح، وهي السلطة التي تتكون من أحزاب "نالت ثقة" الشعب على أساس برنامج انتخابي محدد الأبعاد والزمن، وقالت قبل بضع سنوات إن البرنامج قابل للتنفيذ.
ولا يخفى أن مطالب المحتجين المسالمين، وليس المشاغبين، هي مطالب المجتمع ككل أولا، وثانيا هي واضحة جدا ولا تخرج عن نطاق إصلاح قطاعي التعليم والصحة، الذين يعدان عصب رحى المطالب الإجتماعية التي تسابقت الأحزاب بكل تلويناتها وأطيافها لطرح البدائل بشأن إصلاحها وتصويب إعواججها "قولا "، ليس اليوم وإنما منذ زمن مرت عليه سنوات.
وقبل أيام، اطلعت على إعلانات بعض الجمعيات بطنجة وبتنسيق مع هيئات منتخبة تشير الى قرب تنظيم تظاهرات لا تحمل من الثقافة والمحافظة على التراث إلا الإسم، ولربما كان بالإمكان على الأقل تأجيلها ونحن في " ظرفية خاصة "، فيما الغرض منها، بكل أسف، صرف أموال بغرض ترفيهي كان يجب تخصيصها لعمل اجتماعي إصلاحي مباشر وآني، خاصة وأننا في أمس الحاجة الى مشاريع نوعية وتضامنية كالتي أطلقها صاحب الجلالة، بحنكته وتبصره، بجماعة سيدي حجاج واد حصار بإقليم مديونة (جهة الدار البيضاء- سطات).
في اعتقادي الترفيه والثقافة التي تسير في هذا المنحى ليست هي الأولوية الآن، فالأولوية، كما نبهنا صاحب الجلالة، للقضايا الاجتماعية العاجلة عوض إدخال البلاد في متاهات تخريبية نحن في غنى عنها ،وهي ليست من شيم المغاربة ولا تصدر عن العقلاء.
ومع ذلك، يجب على الهيئات المقصودة الترفع عن صرف الميزانيات في أمور لا تسمن ولا تغني من جوع ولسنا في حاجة إليها الآن وتستدعي التأجيل إلى حين تجاوزنا "الظرفية " التي لا نرضاها لأنفسنا وتخجلنا جميعا.
وإذا كانت بعض مناطق جهة الشمال قد نالت حظها من مشاريع اجتماعية نوعية تستهدف فئات تعاني من الهشاشة والإقصاء والتهميش وتحتاج الى عناية خاصة، فإن الكثير من مناطق الجهة ،في القرى كما في المدن، لازالت تكابد الهشاشة وتحتاج الى إلتفاتة تحقق لنا العدالة المجالية وحتى نسير بسرعة واحدة، كما نبه جلالته إلى ذلك في خطابه السامي بمناسبة عيد العرش، ولو على حساب بعض الأنشطة التي يمكن أن ننظمها حين تكون الظرفية مناسبة وحين نتمتع بحالة مزاجية جيدة ومرتاحين وغير متضايقين.
وأظن أن مطلبي البسيط في تأجيل الأنشطة "القابلة للتأخير والإرجاء" و"غير العاجلة" وتغاضي الطرف عنها في الوقت الراهن، هو مطلب كل أفراد المجتمع الواعي، وهو ما يفرضه الواقع والواجب والمسؤولية، وحتى تدخل المؤسسات المعنية في صلب الموضوع دون انتظار.