محمد كويمن العمارتي
لا بد من الإشادة بالمبادرة، التي أطلقها مجلس مقاطعة بني مكادة، حين قرر إكرام الأموات، واشترى خيمة كبيرة للعزاء، وضعها رهن إشارة الأسر الفقيرة، بعدما وعدهم بالتكفل بكافة إجراءات الدفن من التصريح إلى اللحد، وبهذا تكون هذه المقاطعة قد قامت بواجبها، واجتهدت لما فيه أجر الدنيا والآخرة، والكرة الآن بيد السكان، ما عليهم سوى ترقب أجلهم المحتوم للاستفادة من هذا العرض المغري..
ولعل الاهتمام بهذه الخطوة،من جانب مقاطعة بني مكادة، وهي حاضنة أكبر التجمعات السكنية بالمدينة، فرضته حالة الركود المخيمة على المجالس المنتخبة، في ظل استمرار وضعية الموت السريري، التي تمر بها مالية الجماعة الأم، وهو ما جعل إكرام الأموات، فكرة تستحق التشجيع، بعد كثير من المحبطات تحول دون إرضاء الأحياء، وإن كانت بعيدة عن أولويات برامج العمل في تدبير الشأن المحلي، ومع ذلك فهناك اليوم دعوة صريحة انطلقت من بني مكادة للتفكير في الموت، حين أضحى الانتقال إلى المثوى الأخير مكلفا من كافة الجوانب..
وهناك تجربة مصرية عريقة في هذا المجال، تابعها الجميع في مسلسلاتهم وأفلامهم السينمائية، إذ تتولى جهات مختصة إعداد خيمة العزاء، وأكثر من ذلك تقوم بجلب سيدات يحترفن البكاء والنواحولا علاقة لهن بأهل الميت، لكن التجربة المغربية لن تحتاج إلى العرض الأخير، فهي محصنة بشعارها الخالد "البكاء على الميت خسارة"، فمنطق الربح والخسارة لا مفر منه في التعامل مع الأحياء والأموات ببلادنا، ودائما ما تجد من يبحث عن إن ويصاحب أخواتها..
وبالعودة لمبادرة مقاطعة بني مكادة، فهذه التجربة ستجد بلا شك طريقها لإكرام أموات باقي المقاطعات الأخرى، وقد تعمل جماعة طنجة على الرفع من قيمة الدعم المخصص للأموات بعد إحياء ميزانيتها، خاصة وأنها لم تبرمج برسم ميزانية هذه السنة سوى مبلغ 100 درهم كمصاريف لنقل الأموات، وحددت مبلغ 200 ألف درهم فقط كصوائر الغسل والدفن، وهو نفس المبلغ الذي تمت برمجته للفصل المخصص لمصاريف التكوين المستمر للمنتخبين، فدفن الأموات كتكوين الأحياء بميزانية المجلس الجماعي، وربما إذا ما بقي الحال على ما هو عليه، دون إنقاذ مالية الجماعة، سيتم إحداث فصل خاص بالعزاء بميزانية العام المقبل، لتشجيع السكان على الموت، بعدما أكدت بعض الدراسات أن "الفقصة" تقتل..