طنجاوي - إنصاف المغنوجي

تصوير وتوضيب: سفيان العشاب

داخل حي ضيق بالمدينة القديمة طنجة يتواجد فرن لم يخمد لهيبه حتى بعد مرور اكثر من ربع قرن على تواجده .. قريب جدا من السنة النار يقف السي العلمي الذي تجاوز الستين من عمره، مقاوما لفحاتها التي لم تتوقف..

في هذا المكان الصغير المكسو بسواد الأدخنة وبقايا الرماد قضى جل سنوات طفولته وشبابه، تنقل خلالها مٌتعلما من فرن إلى فرن، إلى أن صار معلم خبيرا بمزاج لهيب النار،

يستحضر المعلم بالم وحسرة وهو يتذكر كيف كانت النسوة تزدحمن مع الساعات الأولى من كل صباح وهن يحملن سينيات به رغائف وموائد خبز طازج وصحي من صنع منزلي

ذاكرة السي العلمي من ذاكرة المدينة تصارع للحفاظ على تلك الذكريات المرتبطة بشخصية المعلم 

في هذا الحي الشعبي لا يزال هذا الفرن التقليدي يقاوم من أجل البقاء، إلى جانب غيره من الافرنة المتواجدة بالمدينة العتيقة، رغم قلة الإقبال عليهم، حيث يجاهد المعلمون في ابتداع اشكال جديدة لمواجهة زحف الآلة .

رغم الظروف الصعبة وقلة المردودية يبقى الحفاظ على هذا الموروث من الإندثار تحد رفعه السي العلمي ومعه كل المعلمين الذين لازالوا صامدين داخل حفرة الفرن، فخورين بمحرفتهم التي ورثوها ابا عن جد ، يصارعون من أجل إبقاء ألسنة النار تقاوم رياح الحداثة.