أخر الأخبار

استغلال وتحايل وأرقام صادمة.. الاقتصاد في ميزان "كورونا" !

طنجاوي - يوسف الحايك

يوما بعد آخر، تتبدى انعكاسات جائحة فيروس "كورونا" المستجد على الاقتصاد المغربي، وتأثيراتها على القطاعات الإنتاجية المختلفة.

اقتطاع وأجر زهيد

تفاجأ محمد (29 سنة)، باقتطاع الشركة التي يعمل فيها كسائق لنقل المستخدمين بطنجة، لما يقارب 3 في المائة من أجره الصافي عن شهر كامل من العمل، خلال مارس الماضي.
وقال محمد ـ الذي رفض الإفصاح عن اسم الشركة التي يعمل بها ـ لـ"
طنجاوي" إن إدارة الشركة عمدت بشكل استثنائي، إلى أداء أجرة مستخدميها نقدا بدل تحويلها إلى حساباتهم البنكية على غير العادة.
ووصف المتحدث ذاته الأمر بكونه يشكل "تحايلا على القانون".
وأضاف محمد أنه واحد من بين عدد من المستخدمين بمدينة طنجة الذين "تأثرت أجورهم الزهيدة أصلا مع بداية أزمة هذه الجائحة".
واسترسل المتحدث ذاته أن بعض الشركات؛ ومنها تلك التي تعمل بقطاع النسيج ألزمت عمالها بمواصلة العمل على الرغم من الخطر الذي يحدق بهم في ظل اتساع دائرة تفشي الوباء.
وكشف السائق ذاته أن هذه الشركات اتجهت إلى منح العمال جزءا من رواتبهم، مع أداء الباقي من التعويضات التي أقرتها لجنة اليقظة الاقتصادية لمواجهة تداعيات الجائحة، بعد التصريح بهم على أساس أنهم متوقفون عن العمل، مع العلم ـ يضيف محمد ـ أن العمال يشتغلون ساعات العمل العادية.


استغلال وتحايل
وفي هذا السياق، نبه عبد الرحمان شليوة، رئيس جمعية ملتقى السائق المهني بطنجة، إلى أن مجموعة من أرباب هذه الشركات تستغل هذا الوضع الاستثنائي لهضم حقوق العمال.
وأوضح شليوة، في حديثه لـ"
طنجاوي"، أن الجمعية تلقت، خلال الأيام الأخيرة، شكايات تتعلق بإقدام بعض أرباب هذه الشركات على اتخاذ قرارات بفصل بعض العمال.
واتهم المتحدث ذاته هؤلاء المشغلين بكونهم "يستغلون عدم قدرة العمال على الاحتجاج للمطالبة بحقوقهم في ظل هذه الظروف الاستثنائية".
وتابع المصدر نفسه أنه وموازاة مع ذلك، فقد أمعن أصحاب بعض الشركات في استغلال الإجراءات التي أعلن عنها صندوق اليقظة الاقتصادية؛ من خلال تهديد عمالهم بعدم التصريح بتوقفهم عن العمل لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وحرمانهم من التعويض عن التوقف عن العمل.
وطالب شليوة وزارة الشغل والإدماج المهني بالتدخل، وردع من وصفهم بـ"المتحايلين على القانون، والمستغلين لهذه الظروف العصيبة التي يعيشها العمال".


التزام

في المقابل، التزمت شركات أخرى بالإجراءات التي أقرتها الحكومة لمواجهة تفشي الوباء.
وفي هذا الإطار، وعلى عكس محمد، أكد مبارك (28 سنة)، الذي يعمل بإحدى الشركات المتخصصة في صناعة الأسلاك الكهربائية للسيارات بطنجة، أنه توقف منذ أزيد 20 يوم تقريبا، عن العمل، بعد انتهاء آخر الطلبيات التي كانت الشركة ملزمة بإنتاجها.
وصرح مبارك لـ"
طنجاوي" أن المؤسسة الصناعية التي يعمل بها، (طلب عدم ذكر اسمها)، أبلغت مستخدميها الذين استوفوا أيام العمل المطلوبة (أكثر من 15 يوما) أنها ستعمل على أداء أجرة شهر مارس بالنسبة للعمال الذين استوفوا أيام العمل بشكل عادي.
وقررت المؤسسة الصناعية التي يعمل بها مبارك، احتساب 15 يوما الثانية من الشهر نفسه بنسبة 75 في المائة من الأجر الشهري الصافي.
أما بالنسبة للعمال الذين لم يستوفُ أيام العمل المطلوبة (أقل من 15 يوم)، وتتوفر فيهم شروط الاستفادة من تعويض صندوق الضمان الاجتماعي فإنهم سيستفيدون من التعويض الذي أقرته لجنة اليقظة الاقتصادية في هذا الشأن.


الحكومة.. تدابير
وأعلنت وزارة الشغل والإدماج المهني، تسجيل أزيد من 700 ألف أجير من القطاع الخاص، إلى حدود فاتح أبريل، للاستفادة من التعويض الجزافي الشهري (2000 درهم)، لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، في إطار تنزيل تدابير المواكبة المتخذة من طرف لجنة اليقظة الاقتصادية لفائدة المقاولات المتواجدة في وضعية صعبة بسبب أزمة فيروس "كورونا" المستجد.
وكشف محمد أمكراز، في تصريح أدلى به لوكالة المغرب العربي للأنباء، يوم الأربعاء (1 أبريل)، أن ما مجموعه 113 ألف مقاولة أعلنت توقفها مؤقتا عن العمل منذ 15 مارس الماضي نتيجة التأثر بتداعيات انتشار فيروس "كورونا" المستجد.
وأبرز المسؤول الحكومي أن جميع الأجراء سيلتحقون بعملهم لاستئناف أنشطة شركاتهم مباشرة بعد انتهاء هذه الأزمة.
وذكر أن هذا التعويض، الذي يتم تحمله من طرف الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس "كورونا" المستجد، يهم الأجراء الذين توقفوا مؤقتا عن العمل والمصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي برسم شهر فبراير 2020 من طرف المقاولات التي تواجه صعوبات جراء هذه الأزمة.
وأورد أن هؤلاء الأجراء، سيحتفظون خلال الفترة نفسها، بالحق في الاستفادة من التعويضات العائلية والتأمين الإجباري عن المرض حسب المقتضيات الجاري بها العمل.


تعويض
وحدد الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يوم الجمعة (3 أبريل) كآخر أجل للتصريح بالأجراء المتوقفين مؤقتا عن العمل، حتى يتمكنوا من الاستفادة قبل يوم الاثنين (6 أبريل) الجاري، من التعويضات الجزافية برسم شهر مارس، والمحددة في ألف درهم بالنسبة لكل أجير.
وحسب الصندوق، فإنه بعد هذا التاريخ، لن يكون بالإمكان التصريح بعملية التوقف عن العمل برسم شهر مارس 2020.
ويتعلق الأمر، بصرف تعويض جزافي شهري صاف خلال الفترة الممتدة من 15 مارس إلى 30 يونيو 2020، قدره 1000 درهم بالنسبة لشهر مارس و 2000 درهم بالنسبة لشهور أبريل، ماي ويونيو 2020، وذلك بهدف الحفاظ على القدرة الشرائية للأجراء.
وستتم تغطية هذا التعويض، الموجه للأجراء المصرح لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي برسم شهر فبراير 2020، الموقفين مؤقتا عن العمل بالشركات التي تواجه صعوبات، "بالكامل"، من طرف الصندوق الخاص بتدبير الجائحة، المحدث بتعليمات من الملك محمد السادس لتدبير انعكاسات هذه الجائحة.
هذا التعويض، يلغي ويقوم مقام التعويض المخصص لفقدان الشغل الذي يوفره نظام الضمان الاجتماعي الذي يديره الصندوق طيلة فترة الأزمة، وعليه فلا حاجة للمشغل ولا الأجير لتقديم نماذج الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل.
وأعلن الصندوق، أول أمس السبت (11 أبريل) الجاري، عن إعادة فتح منصة (covid19.cnss.ma) لتلقي طلبات التعويض عن شهر أبريل الجاري من قبل المقاولات المعنية بالتصريح عن مأجوريها المتوقفين عن العمل، لصرف التعويض الجزافي المحدد في 2000 درهم بالنسبة للشهر الجاري، وذلك خلال الفترة ما بين 11 أبريل و3 ماي 2020.
وأوضح الصندوق، في بلاغ له، أنه لصرف هذا التعويض الجزافي السالف الذكر يتوجب على المشغلين المعنيين "التصريح بالأجراء المتوقفين مؤقتا عن العمل ابتداء من فاتح أبريل 2020، وإعادة التصريح بالأجراء المصرح بتوقفهم المؤقت عن العمل منذ 15 مارس 2020، والذين لم يستأنفوا عملهم خلال شهر أبريل الجاري ".


النمو الاقتصادي.. "كورونا" في الميزان
وعلاقة بالانعكاسات المرتقبة لتفشي الوباء على الاقتصاد الوطني، توقعت المندوبية السامية للتخطيط أن يتراجع معدل النمو الاقتصادي بالمغرب، بفعل تأثيرات الأزمة الصحية لانتشار الوباء، وإجراءات الحجر الصحي، بـ 1.1 في المائة، وناقص 1.8 في المائة خلال الفصلين الأول والثاني من 2020 على التوالي، عوض 1.9، و2.1 في المائة المتوقعة في غياب تأثيرات الأزمة الصحية.
وكشفت المندوبية، يوم الأربعاء (9 أبريل)، في تقرير موجز عن الظرفية الاقتصادية خلال الفصل الأول من 2020 وتوقعات الفصل الثاني، أنه من المنتظر أن يسجل الطلب الخارجي الموجه للمغرب، انخفاضا يقدر بـ3.5 في المائة، خلال الفصل الأول من 2020، عوض زائد 1.3 في المائة المتوقعة في غياب تأثيرات الأزمة الصحية، متأثرا بتراجع التجارة العالمية، وتباطؤ النشاط الاقتصادي على مستوى الشركاء التجاريين للمغرب.
ومما ورد في التقرير أن العجز التجاري سيزداد بـ23.8 في المائة خلال الفصل الأول من 2020، موازاة مع ارتفاع وتيرة الواردات مقارنة مع الصادرات، بينما سيحقق معدل تغطية الصادرات بالواردات انخفاضا بنسبة 11.6 نقطة لتناهز 49.7 في المائة.


المغرب.. عتبة الفقر!
وتوقعت منظمة الأمم المتحدة، ارتفاع نسبة الفقر في المغرب إلى 27 في المائة في هذه السنة.

وقالت المنظمة الأممية في تحليل مؤقت لتقييم إمكانات المنظمات الدولية لدعم الاستجابات الوطنية، يوم الخميس (9 أبريل) الجاري، إنه من الممكن أن يصبح حوالي 10 مليون مغربي فقيرا، بسبب “ارتفاع الإنفاق الاجتماعي والاقتصادي المرتبط بكوفيد 19 وانخفاض الإيرادات الضريبية، خاصة من ضرائب الشركات، جراء الأزمة الناتجة عن تفشي هذه الجائحة.

وحذرت الأمم المتحدة في التقرير الذي أنجزته بشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، واللجنة الاقتصادية لإفريقيا، والبنك الدولي، من أن "أعداد الفقراء وغير الفقراء، المعرضين للوقوع في الفقر مرتفعة".

واستندت الأمم المتحدة، في ذلك على ما أبانت عنه عدد من القطاعات منذ بداية الأزمة في بالمغرب، من علامات مبكرة على الضعف، كما هو الحال بالنسبة لقطاعات السياحة والنقل والخدمات اللوجيستية والتجارة.


جائحة عابرة للحدود وأرقام صادمة
دوليا، حذرت لمنظمة العمل الدولية، في تقرير لها، من أن العالم سيشهد تقليصا في الوظائف لنحو 200 مليون من الموظفين بدوام كامل في الأشهر الثلاثة المقبلة فقط.
وجاء هذا التحذير، بعد حوالي ثلاثة أسابيع من توقع المنظمة تعرّض 25 مليون وظيفة للتهديد بسبب تفشي فيروس "كورونا" المستجد (كوفيد 19)، خاصة بعد فرض إجراءات الإغلاق الكامل أو الجزئي في العديد من الدول، وما حمله ذلك من تأثير على نحو 2.7 مليار عامل، أي 4 من بين كل 5 من القوى العاملة في العالم.
وذكر التقرير أنه بالرغم من أن جميع المناطق في العالم تعاني من الأزمة التي تسبب بها الفيروس، شهدت الدول العربية وأوروبا أسوأ تأثير في مجال التوظيف من ناحية نسبية.
وأفاد تقرير منظمة العمل الدولية بأنه بصرف النظر عن مكان الإقامة في العالم وعن قطاع التوظيف، فإن الأزمة تلقي بآثار دراماتيكية على القوى العاملة في جميع أنحاء العالم.
وأوضح أنه من المتوقع أن تؤدي هذه الأزمة الوبائية إلى إلغاء 6.7 في المائة من إجمالي ساعات العمل في العالم في النصف الثاني من عام 2020، أي ما يعادل 195 مليون وظيفة بدوام كامل، من بينها 5 ملايين في الدول العربية.
ودعا التقرير إلى صياغة سياسات عند الاستجابة للجائحة تركز على تقديم المساعدة الفورية للشركات والعمال لحماية مكاسب رزقهم بما فيها الأعمال الحيوية في القطاع الاقتصادي وخاصة في القطاعات المتضررة أكثر من غيرها والدول النامية.
واستعرض التقرير شواغل أخرى تتعلق بالدول ذات الدخل المنخفض إلى المتوسط، مشيرا إلى أن أكثر الخدمات والمصانع المتضررة تضم نسبة عالية من العمال ذوي الأجور المتدنية في العمالة غير الرسمية، مع وصول محدود إلى الخدمات الصحية وشبكات الأمان والرفاه التي تقدمها الحكومة.
ورأى التقرير أنه "بدون اعتماد سياسات مناسبة، يواجه العمّال خطر الوقوع في براثن الفقر وسيواجهون تحديات أكبر في العودة لأشغالهم خلال فترة التعافي."
ووفق معطيات المنظمة الأممية فإن نحو ملياري شخص يعملون في وظائف غير رسمية معظمهم في الدول النامية، وعشرات الملايين من العمّال الذين يعملون في الوظائف غير الرسمية تأثروا بسبب جائحة فيروس "كورنا" المستجد.


صدمة! 
وقال غاي رايدر، مدير عام منظمة العمل الدولية، إنه في بداية العام وقبل أن يتفشّى كـوفيد-19 في العالم، 190 مليون شخص إلتحقوا بصفوف البطالة.
وأضاف رايدر، في تصريح أورده موقع الالكتروني للأمم المتحدة، يوم الأربعاء (8 أبريل) أنه "مع الصدمة التي أحدثها الفيروس، فمن
الواضح للعيان أن عالم التوظيف يعاني "من تهاوٍ غير عادي على الإطلاق" بسبب تأثير الجائحة والتدابير المتخذة للتعامل معها".
ولفت إلى أن أكثر القطاعات التي أدى المرض إلى تراجع الإنتاج وتوقف العاملين فيها هي قطاعات الغذاء والفنادق (144 مليون عامل)، والبيع بالجملة والتجزئة (582 مليونا)، وخدمات الأعمال والإدارة (157 مليونا)، والتصنيع (463 مليونا).
وبيَّن مدير منظمة العمل أن جميع هذه القطاعات تشكل ما نسبته 37.5 في المائة من التوظيف العالمي، ويشعر العاملون في هذه القطاعات أكثر من غيرهم الآن بحدّة تأثير الجائحة عليهم.
ورحب رايدر بالتدابير التحفيزية المالية التي اتفق عليها أعضاء مجموعة 20، إلا أنه دعا إلى "تدخلات تستهدف بشكل أكبر الأعمال التي "كانت حيوية خلال الأوضاع العادية."
وشدد على أهمية حفاظ تلك الشركات على موظفيها لأن الأزمات الماضية أظهرت مدى أهمية نمط التدخل على المدى البعيد.

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي 'tanjaoui.ma'

تعليقات الزوّار (0)



أضف تعليقك



من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

أخر المستجدات

تابعنا على فيسبوك

النشرة البريدية

توصل بجديدنا عبر البريد الإلكتروني

@