أخر الأخبار

تداعيات فيروس كوفيد 19 على قطاع العقار بالمغرب (2/3)

الدكتور الغاشي عصام*

لقد انعكس هدا التوقف جراء الجائحة على معاملات بورصة البيضاء ايضا، حيث تراجعت أرقام أداء قطاع العقار بنسبة 48.97 في المائة، في حين بلغت الخسائر المالية لبورصة الدار البيضاء على مستوى الرسملة مند بداية الجائحة ما يقارب 125 مليار درهم، في حين انخفضت الرسملة من 626 مليار درهم في أواسط شهر مارس المنصرم إلى اقل من 501 مليار درهم مع نهاية تداولات الأسبوع الماضي.

و في تقرير صادر عن التجاري كلوبل روسرتش، باعتباره مركز ابحاث يعنى بشؤون الأسواق الإفريقية، وضح أن الواقع الاقتصادي لمجال البناء و الإنعاش العقاري، اد يتوقع انخفاض استهلاك الاسمنت في المغرب بنسبة 20 في المائة على مدى العام الحالي. لينحدر إلى 10.9 ملايين طن مقابل 13.6 مليون طن في العام الماضي. في حين يتوقع التقرير تراجع الاستهلاك بنسبة 65 في المائة في الربع الثاني من العام الجاري.

و في إطار أخر و بفعل الوضعية الراهنة التي يمر منها المغرب و التي خلفت تداعيات سلبية على التشغيل، حيث اضطرت العديد من المقاولات العقارية و شركات البناء إلى التخفيض من اليد العاملة بشكل مؤقت أو دائم خاصة بالنسبة للمقاولات الصغرى و المتوسطة. و قد أنجزت المندوبية السامية للتخطيط بحثا وطنيا بخصوص تأثير جائحة كورونا على الوضعية الاقتصادية و الاجتماعية و النفسية للأسر، و تأثير هده الجائحة على الاقتصاد الوطني و على نسب النمو و المقاولة و قطاع التشغيل، و قد خلصت هده الدراسة الى نتائج رهيبة منها فقدان الاقتصاد الوطني المغربي ما يفوق 29.7 مليار درهم بسبب فيروس كورونا.

و بشكل عام و وفقا لما سبق، لا يمكن أن ننكر أن القطاع العقاري يواجه عاما صعبا و تحديا كبيرا إلا أن هذا التحدي سيبرز قدرة القطاع على الصمود من عدمه، و الكل وفقا للإستراتيجيات المعلنة لإنقاذ القطاع و لحجم الدعم الذي ستوفره الحكومة، و قبل ذلك المدة الزمنية التي سيستغرقها انحسار الجائحة.


ثانيا: الإجراءات الكفيلة بإنعاش القطاع العقاري (المخطط الاستعجالي) 

تشير جميع المؤشرات إلى أن السوق العقارية بالمغرب ستعرف مجموعة من الأزمات بفعل أزمة فيروس كورونا (كوفيد 19)، ستؤثر حتما على دور القطاع في المنظومة الاقتصادية الوطنية، و هو ما يحتم ضرورة التدخل العاجل لإنقاذ القطاع و انتعاشه.

فالقطاع العقاري ما قبل كورونا على غرار باقي القطاعات ليس هو بعده، مما يفرض ضرورة توحيد الجهود إستعدادا لمرحلة ما بعد كورونا و محاولة رسم ملامح مستقبل القطاع بعد انحسار هذا الوباء.

و لإنعاش هذا القطاع نرى من الضروري اتخاذ الخطوات التالية :



I. الخطوات الاستعجالية المقترحة للنهوض بالقطاع العقاري بالمغرب

بالنظر إلى حجم الخسائر المحتملة لحالة الطوارئ الصحية على قطاع العقار ببلادنا يتعين سن خطوات استعجاليه تنقذ القطاع من الأزمة و تساهم في عودة نشاطه و أدائه الإقتصادي.

1- تشخيص الوضع العقاري ببلادنا بعد إنحسار الوباء:

للنهوض بهذا القطاع و الدفع به نحو إنتاجيته المعهودة لا بد قبل كل شيء مساهمة جميع الفاعلين في القطاع بإحصاء الأضرار المباشرة و الغير المباشرة، و التداعيات الخطيرة التي أصابت قطاع العقار بفعل إنتشار فيروس كوفيد 19، و كذا بفعل حالة الطوارئ الصحية التي ساهمت في عجز القطاع عن أداء أدواره الإقتصادية.

فعلى جميع المتدخلين سواء على صعيد وزارة الإقتصاد و المالية و كذا لجنة اليقظة و وزارة الصناعة و التجارة و الخدمات و الاقتصاد الرقمي و المندوبية السامية للتخطيط و وزارة إعداد التراب الوطني و التعمير و الإسكان و سياسة المدينة. باعتبارهم جهات وصاية مسؤولة بصفة غير مباشرة عن قطاع العقار. و بتعاون مباشر مع الفاعلين و المهنيين العاملين بالقطاع من قبيل الفدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين و الاتحاد العام لمقاولات المغرب و جامعة الغرف المغربية للتجارة و الصناعة والخدمات، و الجمعيات المهنية. من أجل إحصاء الأضرار التي أصابت قطاع العقار و التعمير بفعل فيروس كوفيد 19.

مع محاولة هذه الهيئات وضع تصور عام و شامل لطريقة الإشتغال بعد انحسار الوباء، و تحديد الأولويات، و طرق إستفادة الشركات الفاعلة بالقطاع و المهنيين من دعم الدولة.



2- إنعاش قطاع العقار من طرف الحكومة:



بعد تحديد الأضرار و مختلف الآثار الجانبية التي قد تصيب قطاع العقار خلال المرحلة المقبلة في ظل تأثير كورونا، لا بد من المرور بشكل سريع إلى المرحلة الثانية من البرنامج الاستعجالي المقترح، و هي إنعاش القطاع من طرف الدولة من خلال تخصيص حزمة من المحفزات المالية و الضريبية و الاقتصادية لمنح فرصة للتعافي و لتفادي كافة الجوانب السلبية التي أثرت على القطاع خلال أزمة كورونا .

و على صعيد آخر من الضروري إشراك المؤسسات المالية و البنكية في عملية الإنعاش عبر وضع برامج تمويلية تراعي خصوصية المرحلة، مع تطبيق معدلات فائدة تفضيلية و تبني نوع من المرونة في معالجة سلفات التمويل و الإستثمار. أخدين بعين الاعتبار البرنامج المندمج لدعم و تمويل المقاولات الذي أعطى جلالة الملك محمد السادس انطلاقته بالعاصمة الرباط في يناير الماضي، و الذي يعتبر نظاما تحفيزيا جديدا و مندمجا يقوم على آليات الضمان و التمويل و رأسمال إستثماري و دعم تقني لفائدة المقاولات الصغيرة جدا و الصغرى و المتوسطة و الشباب حاملي المشاريع.

و نظرا لهذه المرحلة الحرجة نرى وجوب تمديد هذا البرنامج الى الشركات و مقاولات البناء الصغرى و المتوسطة و كذا المنعشين العقاريين الصغار.

مع تحسين السيولة المالية لشركات البناء و الإستثمار العقاري مع التخفيف من مديونتها و إستفادتها من قروض مضمونة مقرونة بتسهيلات في الأداء على المدى المتوسط و الطويل.

3- الدعم المباشر للمنعشين العقاريين و المستهلكين على حد سواء:

واستكمالا للإجراءات الاستعجالية أعلاه تقتضي المرحلة إعادة التوازن بين العرض و الطلب في المجال العقاري من أجل الدفع بالمستهلكين إلى الاقتناء خاصة على مستوى السكن الاجتماعي، مع تشجيع المنعشين العقاريين على منح تخفيضات في أسعار بيع المساكن حتى نهاية عام 2020، و حثهم على الحفاظ على مناصب الشغل و استخدام مواد البناء المحلية.

كما يتعين إلزام البنوك بتشجيع تمويل المشترين من خلال استفادتهم من أسعار تفضيلية، و كدا اعتماد المزيد من المرونة و السرعة في معالجة ملفات التمويل، و تشجيع جميع البنوك على زيادة الاستثمار في تمويل السكن الاجتماعي.

قبل تفعيل هذه الإجراءات نرى انه من الواجب توفير شروط الأمن و السلامة الصحية داخل الأوراش و مواقع البناء حفاظا على صحة العاملين بهذه الأوراش و منعا لإنتشار الفيروس في أوساطهم و هو ما يتماشى مع الخطوات الرسمية المعلن عنها.

إن من شأن إتخاد هذه التدابير الاستعجالية السابقة الذكر التخفيف من حجم الأضرار التي أصابت قطاع العقار بفعل طول فترة الطوارئ الصحية.

4- تحديث أنماط العمل و طرق التسويق العقاري:

من جهة أخرى نرى أنه يتعين على المهنيين المشتغلين بالقطاع العقاري تغيير نمط العمل من خلال تجديد التقنيات و إستعمال أدوات التواصل عن بعد باعتبارها خيارا أساسيا لممارسة الأعمال في عالم ما بعد كورونا بشكل عام، و هذا ما سيدفع مختلف الشركات المعنية بعملية التسويق العقاري إلى استعمال التقنيات الجديدة مع طرح أفكار مبتكرة للتسويق و الترويج العقاري, بهذف جذب الزبناء و مختلف العملاء عبر الأوساط الجديدة المتعلقة بالعالم الافتراضي، مع تجاوز الوسائل التقليدية في عرض المنتوجات.


*الكاتب العام لمركز ابن بطوطة للدراسات والأبحاث العقارية
 

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي 'tanjaoui.ma'

تعليقات الزوّار (0)



أضف تعليقك



من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

أخر المستجدات

تابعنا على فيسبوك

النشرة البريدية

توصل بجديدنا عبر البريد الإلكتروني

@