أخر الأخبار

كاب سبارطيل : "المنارة التراثية لسنة 2023"

* ذ. عبد العزيز جناتي*

 

تعد منارة كاب سبارطيل البحرية من ضمن أقدم المنارات في العالم، حيث أنشأت عام 1864، عند نقطة بحرية، في منطقة استراتيجية غرب طنجة عند ملتقى البحر الأبيض المتوسط بالمحيط الأطلسي، و هي منطقة متفردة لكونها تجمع بين بحرين و تلاث قارات ، مستفيدة من تموقعها كآخر نقطة في شمال القارة الأفريقية التي تفصلها فقط مياه المضيق عن القارة العجوز و أميال من المحيط عن القارة الأمريكية .

و قد كان إنشاء المنارة بقرار للسلطان محمد بن عبد الرحمان إثر الحادث المأساوي الذي عرفته المنطقة بعد غرق باخرة بحرية على مثنها 250 طالبا بحريا.

و قد لعبت المنارة منذ نشأتها أدوارا متنوعة إن على مستوى الملاحة البحرية أو على مستوى الأبعاد الجيوسياسية و هو ما جعل من قيدومة المنارات المغربية و العالمية تحظى بمكانة خاصة أهلتها لتحظى بلقب ”المنارة التراثية لسنة 2023”، من طرف الجمعية الدولية للتشوير البحري إثر انعقاد المجلس الـ 76 للجمعية الدولية للتشوير البحري بالبرازيل من 12 إلى 16 دجنبر المنصرم، لتكون بذلك المنارة الإفريقية و العربية الوحيدة الحاصلة على هذا الاعتراف العالمي.

و بسبب المناخ المتميز الذي يوفره الموقع الجغرافي لكاب سبارطل من حيث تأثيرات البحر الأبيض المتوسط و المحيط الأطلسي، يعتبر هذا النظام البيئي من بين أهم النقط الساخنة من حيث التنوع البيولوجي النباتي و الحيواني في طنجة، ومن أنذر المشاهد البيئية الساحلية في تناغم خاص بين المكون القاري الغابوي و المكون البحري العميق نسبيا.

فبشكل عام، تعتبر اشجار الصنوبر المكون الاساسي للنظام البيئي لكاب سبارتل، و الذي يضم كذلك عدة أنواع نباتية محلية (كالدرو مثلا) أو مزروعة كأشجار الاوكاليبتوس.

من ناحية الوحيش، تتعتبر المنطقة مرتعا حقيقيا للطيور، المستوطنة منها و المهاجرة، إذ يمكن الاستمتاع بمشاهدة مرور النحام الوردي و اللقالق و غيرها من الطيور في مشهد ناذر يوثق وصولها من قارة أوروبا إلى أفريقا. هذا بالإضافة إلى كون غابة سبارطل تضم العديد من الحيوانات الاخرى كالزواحف و البرمائيات و الحشرات التي تزيد من التنوع البيولوجي و الدور الايكولوجي للموقع ، مما يؤشر على غناه و قيمته الاستثنائية.

و رغم الجهود التي بذلت لإعادة الحياة للمنارة فهي لا زالت لم ترق للمستوى المأمول ، إن على مستوى ما يعرض بالمنارة أو الاستراتيجية التسويقية لها إذ لا زالت المنارة غير ذات جدب قوي و نقطة غير رئيسية في المسارات السياحية للمدينة خاصة خارج فصل الصيف بالنظر لموقعها و ما تقدمه من خدمات بالكيفية المطروحة حاليا.

لكن و مهما يكن من ملاحظات فإن المنارة عرفت مؤخرا مجهودا محمودا يمكن أن يؤدي لنتائج أفضل على مستوى استثمار قيمتها التاريخية و موقعها الماميز لأداء وظائف أكثر مردودية من الناحية الثقافية و التاريخية و حتى المالية للمالية أيضا.

 

* رئيس مرصد حماية البيئة والمٱثر التاريخية بطنجة

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي 'tanjaoui.ma'

تعليقات الزوّار (0)



أضف تعليقك



من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

أخر المستجدات

تابعنا على فيسبوك

النشرة البريدية

توصل بجديدنا عبر البريد الإلكتروني

@