محمد العمراني
انطلقت قبل أيام على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" دعوات للاحتجاج ضد شركة أمانديس بسبب "غلاء الفواتير"، وحيث ان هذا الملف تم استعماله كورقة في الصراع والتدافع الانتخابي والسياسي بمدينة طنجة من طرف العديد من الجهات و الهيئات السياسية، مستغلة في ذلك الصورة السلبية التي ترسخت في ذهن المواطن الطنجاوي عن هاته الشركة منذ توقيعها عقد التدبير المفوض لقطاع توزيع الماء والكهرباء سنة 2002، فإنني ارتأيت ان ادلي بوجهة نظري حول هذا الموضوع.
بداية لابد من التأكيد على ان من حق أي مواطن التصدي لاي حيف او ظلم قد يتعرض له من طرف الشركة، مثلما يجب التأكيد كذلك على الرفض المطلق لتوظيف ملف امانديس من طرف اي جهة لها اجندتها السياسية الخاصة، وهذا ما يدفعنا للتساؤل عن خفايا توقيت انطلاق هاته الدعوات ولماذا الآن؟!
إن الدفع بغلاء الفواتير لا يصمد كذريعة للاحتجاج، لان الحديث عن غلاء الفواتير لم يتوقف منذ سنوات، كما ان المعطيات والوقائع تنفي أي ارتفاع معمم لقيمة الاستهلاك مثلما حدث سنة 2015، والذي تطلب حينها تدخلا ملكيا انتهى بإقرار العديد من الإجراءات لإعادة الأمور إلى نصابها.
يجب التشديد على قضية أساسية، تتعلق باحتساب الفوترة بناء على الأشطر، ذاك أن ما اثار انتباهي حقا هي الأصوات التي تطالب بالضغط على امانديس لإلغاء نظام الاشطر، والحال ان هذا اختصاص حصري للحكومة، وهي التي اقرت ذلك في عهد عبد الاله بنكيران، والرجل اعترف بنفسه، بانه هو الذي رفع من سعر استهلاك الماء والكهرباء واعتمد نظام الاشطر، بل إنه اعلن ذلك بافتخار وانتشاء، وبالتالي فإن الموضوعية تقتضي الاعتراف بأن امانديس لا مسؤولية لها في تطبيق نظام الفوترة بالاشطر، وان المسؤولية تقع على عاتق الحكومة.
لابد من التذكير أيضا ان السلطة المحلية وجماعة طنجة وامانديس اتفقوا بإشراف من الحكومة، خلال احتجاجات 2015 على اعتماد العداد المشترك بالأحياء الشعبية والناقصة التجهيز، حيث تقطن معظم الاسر في بناية واحدة تتوفر علي عداد واحد، وكان الهدف من ذلك هو تفادي نظام الاشطر.
وهنا يجب ان نطرح السؤال التالي: هل تم التخلي عن نظام العداد المشترك؟
المعطيات المتوفرة تؤكد ان هناك ازيد من 22 الف عداد مشترك، وانه لم يتم إيقاف العمل به، كما انه لم يسجل اي ارتفاع ممنهج في الفواتير بالاحياء الشعبية والناقصة التجهيز. علما أن التخلي عن العداد يتطلب قرارا رسميا من طرف عمدة طنجة، وهنا على البشير العبدلاوي ان يخرج بتوضيح رسمي يؤكد عدم التخلي عن العداد المشترك، أما الاصرار على انتهاج سياسة النعامة، وترك السلطة والشركة في الواجهة، فأعتقد انه أسلوب لا يليق بشخص مسؤول يرأس مجلسا منتخبا يمثل الساكنة.
إن الموضوعية تقتضي الاعتراف بأن هنآك العديد من المؤاخدات على أداء شركة أمانديس، منها ما يتعلق بغياب آليات التواصل مع المواطنين، والتعاطي الإيجابي مع شكايتهم ومشاكلهم، ومنها ما يتعلق بعدم وضوح تعاملها مع المستثمرين (قطاع الصناعة وقطاع الإنعاش العقاري)، لكن يجب أن تؤخذ هاته الاختلالات في سياقها، وان تنكب المؤسسات والهيئات المختصة (جماعة طنجة، لجنة المراقبة، الغرف المهنية) وأن تتحمل مسؤولياتها، كل حسب اختصاصه، من أجل أبجد الحلول لها ومتابعة مدى تقيد أمانديس بتنفيذ التزاماتها.
أما إصرار جهات دأبت على البحث عن اي مبررات لإشعال فتيل التوتر والاحتقان بالمدينة، على الركوب على هاته المشاكل، واستغلال حالة عدم الرضى على الشركة، فإنه لا يعدو ان يكون مغامرة غير محسوبة العواقب.