طنجاوي
تجري منذ صباح اليوم الخمس، وسط ترقب كبير، عملية ترحيل رفات الديكتاور فرانسيسكو فرانكو من ضريح الدولة المهيب إلى مقبرة صغيرة عادية بضواحي مدريد، بعد أشهر من الصراع القضائي بين حكومة بيدرو ساتشيز وعائلة فرانكو.
وأوضح رئيس الحكومة، المنتهية ولايته، أنه لن يسمح لواسائل الاعلام نقل الصور وأن جميع القنوات ستتوصل بالصور التي سيقدمها التلفزيون الرسمي "RTVE"، الذي سيكون طاقمه الحاضر في عين المكان منذ الساعات الأولى من صباح اليوم رفقة وزير العدل وأقارب فرانكو.
فرانكو من يكون؟
انتصر فرانكو في الحرب الأهلية في ثلاثينيات القرن الماضي، التي اندلعت بسبب انقلابه على الحكومة اليسارية المنتخبة.
وأسس نظاماً استبدادياً، ونصّب نفسه رأسا للدولة. وظل قابضا على الحكم حتى وفاته عام 1975، لتنتقل اسبانيا بعدها إلى الديمقراطية.
ورغم إرساء النظام الديمقراطي حاليا، إلا أن شبح حقبة فرانكو ما زال يطارد البلاد. وثمة "اتفاق نسيان" غير مكتوب أُرسي مع مرحلة الانتقال الديمقراطي، وأُزيلت كل تماثيل فرانكو، وغُيّرت أسماء الشوارع.
ودُفن في مقبرة "وادي الشهداء"، مع الآلاف من ضحايا الحرب الأهلية من الجانبين.
لكن عدداً كبيراً من الأسبان يرى أن المكان تجسيد لانتصار القوات الموالية لفرانكو على معارضيه الجمهوريين. كما أن جزءاً من الضريح بُني على يد السجناء السياسيين الذين استغلتهم حقبة فرانكو كيد عاملة إجبارية.
ويعتبر اليمينيون المتشددون محل دفن فرانكو ضريحا، يزورونه كنوع من التقدير للديكتاتور الراحل. كما يجتمعون فيه لإحياء ذكرى وفاته.
لكن الحكومة الاشتراكية الحالية، التي أتت للحكم في يونيو الماضي، جعلت نقل رفات فرانكو على رس وعودها.
وتريد الحكومة أن يصبح وادي الشهداء "مكاناً لإحياء ذكرى ضحايا الحرب وتقديرهم" وترى أن وجود رفاة فرانكو في هذا الضريح إهانة للديمقراطية الناضجة.
ويؤيد الكثير من أبناء ضحايا فرانكو قرار نقل رفاته. لكن الرأي العام الأسباني انقسم حول هذا الأمر.
في غشت، وافقت الحكومة على نقل الرفاة رغم معارضة أسرة فرانكو واليمين المتشدد. وأرادت الحكومة نقل الرفاة إلى مكان أقل أهمية، ليصعب على مؤيديه إحياء ذكراه.
لكن أسرة فرانكو (التي كانت تفضل عدم نقل رفاته من الأساس) تقول إنه يجب نقله إلى مدفن العائلة في كاتدرائية المودينا في قلب مدريد.
وتقول الحكومة إنه لا يجب نقل الرفاة إلى أي مكان يمكن تمجيده فيه. كما قالت إن هناك خطراً أمنياً على الكاتدرائية.
وهنا تدخل الفاتيكان كون الكاتدرائية تتبع الكنيسة الكاثوليكية، وأيّد رأي الحكومة بالبحث عن مكان آخر.
ثم رفضت المحكمة العليا طعن أسرة فرانكو على نقل رفاته الشهر الماضي. وأيدت خطة الحكومة لنقل رفاته بأغلبية الأعضاء.
وتجري اليوم الخميس عملية استخراج الرفاة ، ونقله إلى مقابر "إل بادرو مينغوروبيو".
وأرادت الحكومة نقل الرفاة قبل الانتخابات المقررة في العاشر من نونبر، لذا اختارت 25 أكتوبر كآخر موعد لتنفيذ الخطة. وذكرت صحيفة "إل بايس" اليومية الأسبانية أن استخراج الرفاة سيتم بحضور طبيب شرعي، وأقارب فرانكو، ووزير العدل دولوريس ديلغادو.
وتبلغ تكلفة إزالة الضريح المصنوع من الغرانيت (ووزنه طن ونصف) حوالي 3090 يورو.