أخر الأخبار

معاناة وقلق ومطالب.. "كورونا" تزيد واقع المهاجرين بالمغرب مَرَارَة

طنجاوي - يوسف الحايك

ضيقت حالة الطوارئ الصحية، التي فرضتها السلطات المغربية، منذ يوم الجمعة (20 مارس)، الماضي، من حركة علي عيسى أبكار، الطالب من دولة تشاد، المقيم بمدينة تطوان.
ويقول علي ذو 29 سنة في اتصال مع "طنجاوي" إنه لا يغادر الإقامة التي يقطنها بتطوان إلا للضرورة كالسوق أو محل البقالة المجاور، بعدما توقف عن السفر إلى مدينتي طنجة والرباط ضمن الأنشطة التي دأب على المشاركة فيها بصفته الكاتب العام لمنظمة الشباب الإفريقي بالمغرب حتى إشعار آخر.

صورة قاتمة!
الوضعية المستقرة لعيسى أبكار لا تتأتى لغيره من المهاجرين الآخرين المقيمين بالمغرب؛ لاسيما أولئك المتحدرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، وممن هم في وضعية غير قانونية.
وفي هذا الصدد، كشف علي في أنه وباعتباره أحد المتطوعين في مجال مساعدة المهاجرين بالمغرب أن "عددا ليس بالقليل من المهاجرين يعيشون أوضاعا صعبة بعدما ألزمتهم حالة الطوارئ الصحية بالبقاء في منازلهم".
ونبه عيسى أبكار أن أكثر الفئات تضررا من هذا الوضع هم الأطفال وكبار السن، بالنظر لضعف مناعتهم في مواجهة المرض، لافتا إلى ما يعانونه من ظروف قاسية في ظل شح المساعدات والإعانات التي يمكن أن تخفف من حدة في هذه الظروف الاستثنائية.
ويرى علي أنه على الرغم من توجه المؤسسات الحكومية المغربية والمنظمات الدولية وفعاليات المجتمع المدني بالمغرب نحو اتخاذ مبادرات لمد يد العون لهؤلاء المهاجرين إلا أن هذه التحركات "لا يمكن أن تكون كافية للتخفيف من معاناتهم في ظل هذه الفترة الصعبة".
وقال إن هذه الشريحة من المهاجرين ينتابهم الشعور بالخوف من المصير المجهول الذي ينتظرهم في ظل صعوبة الاندماج؛ خاصة وأن عددا منهم لا يتوفرون على أوراق إقامة بالمغرب.
الصورة القاتمة التي يرسمها علي عيسى أبكار عن وضعية هذه الفئة من المهاجرين في ظل جائحة "كورونا"، تزكيها الدكتورة رجاء مارصو، وهي طبيبة متطوعة في العمل الإنساني ومساعدة المهاجرين، مؤكدة أن ظروفهم "كانت صعبة قبل الجائحة وزادت صعوبة".
وتزيد مارصو في تصريح مكتوب لـ"طنجاوي"، بالتأكيد على أن "وضعيتهم الآن تفاقمت وأصبحت مأساوية أكثر".
وقالت مارصو إنها وقفت من خلال إجرائها مكالمات هاتفية مع بعض المهاجرين، على ازدياد معاناتهم في ظل إجراءات الحجر الصحي.
وأوضحت أن أغلب المهاجرين كانوا يعتمدون على التجارة البسيطة والتسول من أجل سد رمق العيش، والآن يجدون أنفسهم مجبرين على المكوث بمنازلهم بدون عمل أو دخل، بل إن بعضهم بدون مأوى!.

مبادرات.. ولكن !
وحول الخطوات التي بادرت إليها، في هذا الاتجاه، تورد مارصو قائلة "بالنسبة لي أبقى رهن إشارتهم بكل ما يتعلق بالاستشارات الطبية عن بعد عبر الهاتف".
وأردفت "أما إذا كان الأمر يستدعي الحضور أطلب منهم المجيء إلى المركز الصحي حيث أعمل، وكذلك أحاول الاتصال ببعض المحسنين من أجل تقديم يد المساعدة خاصة توفير المواد الغذائية...".
وتعتبر مارصو أن الإجراءات التي اتخذتها السلطات المغربية "جيدة" لكنها غير كافية؛ مبرزة أن عددا من المهاجرين "لا يتوفرون على نظام المساعدة الطبية ولم يستفيدوا من الدعم".
وسجلت الطبيبة ذاتها وجود جملة من الصعوبات التي تعترض مد يد العون لهؤلاء المهاجرين، والتي تكمن بحسبها "في كيفية تقديم المساعدات الغذائية خاصة مع الحجر الصحي؛ إذ يجب احترام ضوابط الوقاية حتى لا يصاب أحدهم لا قدر الله".
وفي غياب مشاريع تدعم المهاجرين غير النظاميين ـ خصوصا في مدينة تطوان ـ تعقد المتحدثة ذاتها الأمل على تضافر جهود المجتمع المدني والجمعيات والمحسنين من أجل تقديم الدعم لهذه الفئة والتخفيف عنها خصوصا في هذه الفترة الصعبة.

نقطة ضوء
في المقابل، قال وليد أحمد، الشاب المصري الذي يشتغل بمجال التجارة الالكترونية بمدينة الرباط "أنا ولله الحمد لا أعاني من أية مشاكل إطلاقا".
وأضاف أحمد البالغ من العمر 36 سنة في حديث مكتوب مع "طنجاوي" عبر خدمة "ميسنجر" قائلا "لدي عملي وأموري جيدة".
وعن رأيه في الإجراءات التي اتخذتها السلطات المغربية لتطويق تفشي جائحة "كورونا" المستجد (كوفيد 19)، قال المتحدث ذاته "أحترم جدا قرار الحكومة المغربية في هذه الوضعية".
وأضاف أن هذه الخطوات إن دلت على شيء إنما تدل على تقدير الحكومة بكافة أفرادها لصحة الشعب عموما سواء مغاربة أو مقيمين"، على حد قوله.
وأعلنت وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، في مارس الماضي، عن إطلاق برنامج للدعم المؤقت للمواطنين الذين توقفوا عن العمل بسبب تفشي فيروس "كورونا" المستجد لفائدة المنخرطين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والحاملين لبطاقة المساعدة الطبية "راميد"، والعاملين في القطاع غير المهيكل، دون الإشارة إلى المهاجرين المقيمين بالمملكة.

قلق
ولم يخفِ حسن بن طالب الصحافي المتخصص في مجال الهجرة، قلقه من الوضع الحالي للمهاجرين غير النظاميين.
واعتبر بن طالب في حديثه لـ"طنجاوي" أن واقع هذه الفئة قد "ازداد سوءا مع فرض الحجر الصحي؛ وما ترتب عنه من تضييق لمجال التحرك بالمدن، وما رافق ذلك من صعوبات في العمل، وتأمين الأكل، والعلاج، ناهيك عن الإحساس بالخوف من المرض.
وسجل المتحدث ذاته غياب معطيات رقمية بخصوص عدد المهاجرين المصابين بالمرض سواء على المستوى الوطني أو الدولي.
واستنادا إلى شهادات مجموعة من المهاجرين والفاعلين الجمعويين أكد بن طالب أن هؤلاء المهاجرين مازالوا يعيشون في ظروف صحية "غير ملائمة سواء منهم المقيمين بشوارع المملكة أو المستأجرين لغرف أو منازل".
وعن رأيه في مبادرات الجمعيات العاملة في مجال الهجرة قال المتحدث ذاته إنها تبقى "عاجزة وغير قادرة على التحرك لارتباطها شديد بالدولة واعتمادها على إعانات الدولة، إلى جانب مشكل ضمان سلامة صحة متطوعي هذه الجمعيات".
وأكد بن طالب على أن المطلوب للتخفيف من معاناة هؤلاء المهاجرين هو ضرورة تكفل الدولة بهم كما هو الشأن بالنسبة للأشخاص في وضعية الشارع (...).


مطالب
وعلى صعيد مواز، طالبت جمعيات الجالية الإفريقية بالمغرب بالتفاتة إلى المهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء في ظل تفشي جائحة "كورونا".

وأثارت هذه الجمعيات، والجاليات الإفريقية في المغرب، المنضوية تحت لواء "PASCOMS"، في بلاغ لها، انتباه الحكومة المغربية إلى أن الإجراءات، التي تم اتخاذها في إطار حالة الطوارئ الصحية في البلاد، أثرت في حياة المهاجرين، خصوصا الذين يعيشون في ظروف صعبة، حيث لم يتمكن عدد من الذين لا يتوفرون على أوراق إقامة قانونية من الحصول على ورقة التنقل.
وتوقفت عند عدم إدراج هذه الفئة من المهاجرين المتضررين ضمن برنامج التعويض عن الضرر، خصوصا أن جلهم غير منخرط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ويشتغل في القطاع غير المهيكل.
ونادت بإرساء تدابير لمواكبة المهاجرين، وطالبي اللجوء، في هذه الظروف، لتجنيب هذه الفئة كارثة إنسانية، في الأيام المقبلة، بما يجعل التدابير المتخذة لمواجهة الجائحة تشمل جميع مكونات المجتمع المغربي، بشكل لا يغفل أي فئة منهم.

استبعاد وتمييز
وعلى الصعيد الدولي، طالبت المفوضية السامية لحقوق الإنسان والمنظمة الدولية للهجرة ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومنظمة الصحة العالمية بحماية حقوق وصحة اللاجئين والمهاجرين وعديمي الجنسية ضمن مواجهة العالم لجائحة فيروس "كورونا" المستجد (كوفيد 19).
وقالت المنظمات الأممية العاملة في مجال الهجرة في بيان نشر على الموقع الرسمي لمنظمة الأمم المتحدة يوم الأربعاء (1 أبريل) الجاري، إن العديد من اللاجئين، والمشردين من ديارهم قسرا، وعديمي الجنسية والمهاجرين "معرضون لخطر متزايد" من الوباء المنتشر عالميا.
وكشفت أن "ثلاثة أرباع اللاجئين في العالم" والعديد من المهاجرين في المناطق النامية تتم استضافتهم في "بلاد تكون فيها الأنظمة الصحية بالفعل ضعيفة وقليلة القدرات."
ورأت الوكالات الأممية أنه "لا يمكن السيطرة على هذا المرض إلا إذا كان هناك نهج شامل يحمي حقوق كل فرد في الحياة والصحة."
وشددت على أنه "لتفادي وقوع كارثة، يجب على الحكومات أن تفعل كل ما في وسعها لحماية حقوق وصحة الجميع."

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي 'tanjaoui.ma'

تعليقات الزوّار (0)



أضف تعليقك



من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

أخر المستجدات

تابعنا على فيسبوك

النشرة البريدية

توصل بجديدنا عبر البريد الإلكتروني

@