طنجاوي _ يوسف الحايك
بعد مرور ثلاثة أيام من حادث سقوط الطفل ريان في بئر بجماعة تاموروت ضواحي إقليم شفشاون، تزداد المخاوف بوضعه الصحي، لاسيما وأنه سقط على علو مرتفع، ليظل عالقا على عمق يصل إلى 32 مترا.
إصابات متعددة ومخاوف
وفي هذا السياق، قالت الدكتورة نورة كنيوي، الأخصائية في طب الأطفال الرضع والمواليد الجدد، إن "السقوط من علو مرتفع كما هو الحال بالنسبة لهذه البئر التي يمتد ارتفاعها لعشرات الأمتار، حيث سقط الطفل ريان، نكون أمام حالة متعددة الإصابات، مما يضعنا أمام جملة من المخاوف، ويستوجب الاستعداد لمجموعة من الأمور حتى تتكلل عملية إنقاذه بالنجاح.
وأضافت أنه في مقدمة هذه المخاوف حدوث إصابة على مستوى الرأس، والتي تعد من أصعب الإصابات بالنظر لأهمية الدماغ كعنصر حيوي في الجسم، ويمكن أن تكون لإصابته أضرار وخيمة على حياة الطفل.
وأوضحت أن من الأعراض التي تظهر في حال كانت هناك إصابة خطيرة على مستوى الرأس، فقدان الوعي بعد السقوط، والقيء الذي يظهر بعد السقوط، "وهو ما لا يمكن للأسف معرفته في حالة الطفل ريان بسبب عدم التشخيص الطبي فور حادث السقوط"، وفق تعبيرها.
وأكدت أنه طبيا، "نعتبر أنه يعاني من إصابة في الدماغ إلى أن يثبت العكس، بعد إجراء الفحص بالأشعة المقطعية (السكانير) على الدماغ، والتأكد من سلامة الرأس من أية إصابات التي يمكن أن تهدد حياته، وجهازه العصبي.
وتابعت أن من بين الإصابات التي يمكن تشخيصها بالنسبة للحالات متعددة الإصابات، تلك التي تطال العمود الفقري، والنخاع الشوكي، مؤكدة أنها "إصابات خطيرة جدا؛ لأنه يمكن أن تتسبب في حالات الشلل الدائم، مع اختلاف في مستوى حدتها".
العمود الفقري
وفي هذا السياق، نبهت أخصائية ذاتها إلى أنه "يمنع منعا بات تحريك الطفل ريان بعد إنقاذه، مع وجوب نقله في وضعية ثابتة على السرير الطبي الذي سينقل على متنه إلى غاية اجراء الأشعة المقطعية على مستوى العمود الفقري، والتأكد من عدم وجود كسر، مشددة على أن تحريك الطفل يمكن أن يتسبب في إيذاء نخاعه الشوكي، يزيد من صعوبة الحالة، داعية أبويه والموجودين في مكان الحادث إلى عدم الاقتراب من الطفل فور إخراجه أو معانقته أو حمله، وإبقائه في حالة ثابتة الى غاية الاطمئنان على حالته الصحية".
وبالنسبة لقصور العظام، فأكدت كنيوي أن "جميع العظام في جسم الطفل ريان تبقى معرضة لان تكون مصابة بحالة كسر؛ سواء أكان مغلقا أو مفتوحا، مما يتطلب ضرورة إجراء فحص طبي كامل وأيضا الأشعة على جميع عظامه للتأكد من عدم وجود كسر".
النزيف
وزادت الأخصائية ذاتها أن من الاحتمالات الواردة بشأن الحالة الصحية للطفل ريان، تعرضه لنزيف سواء داخلي أو خارجي وهو أمر جد وارد لدى الحالات المتعددة الإصابات".
وأكدت أنه "يمكن أن يتعرض الطفل لجرح عميق إما على المستوى الخارجي من الجسم أو الأعضاء الداخلية كالكبد أو الطحال؛ حيث يمكن أن يعاني الطفل من نزيف ويفقد الدم وهي حالة خطيرة تستلزم تدخلا طبيا مباشرا".
دم وأكسجين
وترى كنيوي أنه " من الضروري إجراء تشخيص دقيق للطفل فور انتشاله من البئر، مع قياس مستوى ضغطه الدموي الذي يعطينا مؤشرا حول ما إذا كان الطفل يفقد الدم أم لا، مع إعطائه محاليل، وتزويده بالدم الذي من الضروري إعداد أكياس منه حسب فصيلة دمه إذا كانت معروفة أو من فصيلة الدم "Oـ" التي تمنح لمختلف أصناف الدم الأخرى في أسرع وقت ممكن".
وتوقفت عند أهمية نسبة الأوكسجين في الدم؛ لاسيما وأن الطفل ريان ظل على عمق كبير لمدة زمنية طويلة، وبالتالي فمن المؤكد أنه يعاني من نقص حاد في الأكسجين، الذي من الواجب تزويده به للرفع من نسبة هذه المادة الحيوية في الجسم بشكل محدد ومضبوط، مع مراقبة حالة رئة الطفل للاطمئنان على خلوها من إصابات تؤثر على هذا العضو وعلى عملية التنفس.
وأبرزت ضرورة مراقبة نسبة هبوط السكر في الدم، بعد أن ظل الطفل لفترة طويلة دون تناول الماء والطعام، وهو ما يمكن قياسه بآلة قياس نسبة السكر في الدم، والعمل على تصحيح نسبة السكر في الدم عبر المحاليل السكرية عبر الدم لتصحيح هذا الهبوط.
ولم يفت الأخصائية التأكيد على خطورة احتمال إصابة الطفل ريان بالجفاف والتعفن، مشددة على ضرورة منحه محاليل بنسب مناسبة لعمره، ولوزنه بسبب تعرضه لحالة جفاف نظرا لقلة استهلاكه للسوائل، مما سيساعد على إعادة الحياة لأعضائه الداخلية التي تحتاج للماء.
وسجلت أنه بحكم أن الطفل سقط وجرح في وسط غير معقم ونظيف، فإن نسبة التعفن تبقى كبيرة، وعليه ضرورة منحه مضادات حيوية مناسبة قبل إجراء تحاليل تظهر نسبة التعفن في الدم لمنح الدواء المناسب.
برودة وألم
في ظل عمق البئر التي سقط فيها الطفل ريان فإن انخفاض درجات الحرارة ـ بحسب الأخصائية ـ يكون كبيرا إلى جانب العوامل السابقة التي تزيد من احتمالية انخفاض درجة حرارة الجسم وهو ما يؤثر على أطراف الجسم؛ خاصة أصابع اليدين والرجلين".
وأكدت على أهمية العمل على تدفئة جسم الطفل بعد إخراجه من البئر، والتحقق من درجة حرارة جسمه لتفادي العواقب المرتبطة بانخفاض درجة حرارة الجسم
واعتبرت أنه من الأكيد أن الطفل ريان "يعاني من ألم كبير في جسمه لأنه في وضعية ثابتة وغير مريحة؛ بحكم أنه لا يتحرك وهو محاصر بين الأحجار والأتربة مما يتسبب في الألم".
وخلصت إلى أن الطفل ريان "مر بتجربة صعبة جدا ببقائه وحيدا في الظلام يواجه الإحساس بالخوف والبرد مما سيترتب عنه آثار نفسية كبيرة جدا، مشيرة إلى أن المواكبة النفسية لهذا الطفل بشكل عملي ولأطول مدة ممكنة تبقى واجبة حتى يستعيد استقراره النفسي ويواصل حياته بشكل طبيعي".
حساب الدكتورة نورة كنيوي على إنستغرام:
@dr.gnioui.noura