محمد كويمن العمارتي*
هل يتم اللجوء إلى التزوير؟، سؤال يفرض نفسه، بعد الحديث عن حياد مفقود في متابعة العملية الانتخابية، أمام إصرار كبير على توفير دعم لا مشروط لأحد الأطراف المتبارية، في سبيل تحقيق التغيير الآن، وليس غدا، فاللعبة لا تحتمل المزيد من التأخير، وما على الناخبين سوى تحديد اختيارهم، إما العمل بنصائح أهل الدعم من الآن، أو تحمل مسؤولية قرارهم غدا وليس أبعد من ذلك، ولا مجال للتردد، فلا توجد منطقة وسطى بين الجنة والنار..
لكن الخطير والمخيف في نفس الوقت، أن الاستجابة لنداء الدعم، مسألة غير مضمونة، ولا يمكن الحسم في مسارها ونتائجها، خاصة وأن الجهة المستفيدة منه (نداء الدعم)، صارت تعول عليه كثيرا في سبيل تحقيق ما تطمح إليه، فيما الطرف الآخر يوظفه لكسب المزيد من المتعاطفين معه، وهو ما أضحى يشكل رؤية ضبابية في تحديد ملامح حصاد اليوم المعلوم، في غياب الثقة بين الداعم والمدعوم، واستمرار البحث عن المجهول..
ولعل الرغبة في فرض الأمر الواقع، قد تدفع بأصحاب الدعم إلى التفكير في طرق أخرى، أكثر نجاعة وذات مردودية سريعة، من خلال العودة إلى المطبخ الداخلي، لإعداد وجبات جاهزة، قد لا تكون مهضومة، وتتحول إلى غصة في حلقهم، فاتخاذ أي خطوة دون احتساب عواقبها ومراعاة مصلحة الوطن أولا وأخيرا، إن كانت تؤخذ فعلا هذه المصلحة في عين الاعتبار، من شأن ذلك أن يقوي العزوف إلى ما لا نهاية، ويعصف بالاستثناء إلى الهاوية..
ولا أعتقد أن أصحاب الدعم يتصرفون بكل هذه السذاجة إلى حد البلادة، لكن يمكن الجزم بأن هناك من يلعبون بالنار، والنار لا تختار حطبها، وفي كثير من الحالات يكون الاقتراب من خط النهاية، ليس علامة للفوز، بقدر ما هو بداية لمواجهة من ينتظرونك في خط النهاية بعدما وعدتهم ببداية بلا نهاية، وصار الوعد كابوسا في حلم مزعج لغد أفضل يحمل شعارا لا يتحقق في نهاية المطاف بدون دعم..
وإذا لم تجدوا طريقة أخرى لتنفيذ التغيير الآن، وفق طموحاتكم، فاحذروا التزوير، ولو أعجبكم، فقد يهلك البلاد والعباد..
*عن أسبوعية "لاكرونيك"