طنجاوي - بقلم: عبد العزيز حيون
في عز السنة الدراسية، ونحن على بعد زمن قليل من استضافة مدينة طنجة لمباريات من نهائيات كأس الأمم الإفريقية لكرة القدم والرغبة المشروعة في جعل مدينة البوغاز وجهة سياحية أساسية في المخطط الوطني، تفتقر الحاضرة الشمالية لممرات الراجلين، التي إما أنها مُغيبة بالتمام أو أنها غير مُرئية عكس ما تفرضه قوانين المرور المعتمدة في بلادنا، ما يضع سلامة المشاة على المحك.
ضُعف شبكة ممرات الراجلين أو غيابها بالمرة لا يقتصر على الأحياء الهامشية وغير المجهزة، وإنما هو بارز حتى في وسط مدينة طنجة، حتى أن الغالبية العظمى للشوارع والساحات والمدارات لا تتواجد بها ولا تحيط بها ممرات الراجلين كما تلزم شروط السلامة ،وحتى وإن وجدت هذه الممرات، على قلتها، فإنها تستعمل مكانا لركن السيارات دون أدنى اعتبار لحقوق الراجلين وما قد يسبب مشيهم على الطريق من حوادث قد تكون أحيانا مميتة.
ضُعف انتشار ممرات الراجلين أو المشاة في مدينة طنجة هو لا محالة ناتج عن نقص في التخطيط العمراني وربما الاقتناع بأن هذه الممرات ليست ضرورية ولا أساسية في حاضرة تشهد يوميا ازدحاما كبيرا يجعل حركة السير والجولان مضطربة وتعرف اختناقا وفوضى مرورية لا تطاق، مما يُؤثر على سلامة المشاة ويُقلل من إمكانية الوصول الآمن إلى المرافق المختلفة والمرور بسلاسة من رصيف الى رصيف كما تفرض الضرورة.
الجهات المعنية مُلزمة بتعميم ممرات الراجلين وزيادة عددها وتطبيق قوانين المرور لضمان سلامة مستخدمي الطريق، في مدينة تعتبر أيضا واجهة من الوجهات الحضارية للمغرب الذي قطع أشواطا مهمة في تطوير البنيات التحتية وتجويد الفضاء الحضاري، في مقابل مخططات محلية لا تضع، في أحيان كثيرة، احتياجات الراجلين في صلب التخطيط العمراني ولا تأخذ في الحسبان سلامة المواطنين وأهمية تيسير حركة عبورهم وعبور باقي مستعملي الطريق.
ويتبين جليا أيضا أن التوسع السكني والعمراني غير المضبوط يؤدي إلى زيادة الضغط على الطرق دون توفير بنية تحتية كافية لحركة الراجلين، في الوقت الذي يجب على الهيئات المنتخبة المعنية والقيمين على مخططات التنمية الحضرية أن يولوا أولوية لتوفير ممرات آمنة ومجهزة بشكل جيد بعلامات التشوير الأفقية والعمودية وإشارات ضوئية اذا اقتضى الحال في جميع أنحاء المدينة، مع ضرورة زيادة عدد ممرات الراجلين بألوان ساطعة وليس بألوان سوداء قاتمة من الصعب الانتباه إليها، خاصة في المناطق التي تعرف حركة دؤوبة ومزدحمة، مثل المدارس والأسواق والمستشفيات ووسط المدينة والمرافق العمومية على اختلاف الخدمات التي تقدمها.
ولا بد من الإشارة الى أن من شروط وضع ممرات الراجلين، كما هو معترف بها دوليا ووفق القانون المغربي المعني، يجب وضع ممرات المُشاة في أماكن بارزة، مع مراعاة شروط السلامة اللازمة مثل إشارات المرور تضمن رؤية واضحة للسائقين والمشاة على حد سواء، مع التأكد من أن الممرات مجهزة بأفضل المعايير لضمان سلامة مستخدمي الطريق، مع الالتزام بالمسافة القانونية بين التقاطعات لضمان سلامة الحركة المرورية.
وقد منح القانون المغربي الأسبقية للراجلين عند عبور ممراتهم المخصصة ويُلزم السائقين بالتوقف التام، ويُعاقب السائقون الذين لا يحترمون هذه الأسبقية بغرامة تتراوح بين 300 و400 درهم، بينما يُغرم الراجلون بغرامة 25 درهما في حال عبورهم بشكل عشوائي وهم يجنبون الممرات المخصصة لهم، خاصة إذا كانت موجودة على بعد أقل من 50 مترا.
ممرات الراجلين ليست ترفا ولا بنية للتجميل بل هي بنية حضارية ضرورية وهي ضرورة أساسية لضمان السلامة المرورية وتوفير بيئة آمنة للمشاة وحمايتهم من المركبات السريعة وتقليل الحوادث على اختلاف درجات خطورتها.