أخر الأخبار

طابع استثنائي/ تحديات/ رهانات/ واختيارات.. قراءة في ملامح أول قانون للمالية في عهد حكومة أخنوش

طنجاوي ـ يوسف الحايك

أياما قليلة بعد تنصيبها، أعدت حكومة عزيز أخنوش الجديدة أول مشروع قانون للمالية في عهدها.
وقدمت نادية العلوي، وزيرة الاقتصاد والمالية، أمس الأحد (18 أكتوبر)، عرضا أمام الملك، حول الخطوط العريضة لمشروع القانون المالي لسنة 2022.
وأكدت الوزيرة أنه تم إعداد هذا المشروع في سياق مطبوع ببروز بوادر لانتعاش الاقتصاد الوطني، واستخلاص الدروس من تدبير الأزمة الوبائية، وبداية تنزيل النموذج التنموي، باعتباره مسؤولية وطنية، تتطلب مشاركة كل الطاقات والقوى الحية للبلاد.
وأبرزت حرص الحكومة على أن يكون مشروع قانون المالية منطلقا لتنفيذ التوجيهات الملكية، وللبرنامج الحكومي.
وبعد أن ناقش مجلس الحكومة، أول أمس السبت (18 أكتوبر)، عرضا لوزيرة الاقتصاد والمالية حول الإجراءات التحضيرية لإعداد مشروع قانون المالية للسنة المالية 2022، أعلنت رئاسة الحكومة اليوم الاثنين (18 أكتوبر)، تأجيل الجلسة تقديم وزيرة المالية مشروع قانون المالية، في جلسة مشتركة بين مجلسي النواب والمستشارين التي كانت مبرمجة، إلى وقت لاحق.

طابع استثنائي
ويتفق خبراء على الطابع الاستثنائي الذي تقدم فيه الحكومة الجديدة مشروع القانون المالي الجديد للسنة المقبلة، والتحديات التي تواجهها.
وفي هذا السياق، قال رشيد ساري، الخبير الاقتصادي إن القانون المالي المرتقب سيكون بنون النسوة لأول مرة في تاريخ المغرب مع تعيين نادية العلوي كأول امرأة وزيرة للمالية والتي ستقدمه إلى البرلمان.
وأوضح مشروع قانون المالية تمت صياغته بناء على توقعات الحكومة المنتهية ولايتها، وفي إطار المذكرة التوجيهية لرئيس الحكومة السابق سعد الدين العثماني.
وذكر ساري في تصريح لـ"طنجاوي" بأنه وفق هذه المذكرة التوجيهية كان متوقعا أن يصل معدل النمو 3.2 في المائة، ومحصول زراعي ما بين 70 و74 مليون قنطار، إضافة إلى أنه تحدث عن الأوراش الاجتماعية والتغطية الصحية، وخطة الإنعاش الاقتصادي.

تحديات ورهانات
وسجل المتحدث ذاته وجود تحديات كبرى تعترض تعاطي الحكومة الجديدة مع تنزيل القانون المالي؛ ومنها تجاوز معدل النمو المتمثل في 3,2 في المائة الذي توقعته الحكومة السابقة، والسعي إلى  تحقيق نمو يصل على الأقل إلى 4 في المائة تماشيا مع تقرير لجنة النموذج الجديد، والذي يتطلب تحقيق معدلات نمو تتراوح بين 4 في المائة في مرحلة أولى و10 في المائة في مرحلة ثانية أي في غضون 15 سنة. 
وتابع ساري أن من التحديات التي تواجها الحكومة الجديدة أيضا، العمل على تنزيل مشروع الحماية الاجتماعية في شطره الأول المتمثل في تعميم التغطية الصحية، معتبرا أن هذا المشروع الملكي تواكبه رهانات النجاح المتوخاة، وتواجهه تحديات أبرزها البحث عن مصادر التمويل.
كما أن الحكومة مطالبة أيضا ـ بحسب ساري ـ بتفعيل خطة الإنعاش الاقتصادي و"هنا نتحدث عن صندوق محمد السادس للاستثمار بميزانية تقدر بـ45 مليار درهم، برسم قانون المالية لسنة 2021 رصدت له 15 مليار درهم ولكن كان من المتوقع من الحكومة المنتهية ولايتها 30 مليار درهم وهو ما لم يتحقق".
ورأى ساري أنه على الحكومة البحث عن 30 مليار درهم إما في شكل عمليات اكتتاب، أو البحث عن مجموعة من الشركاء سواء من الدول الشقيقة والصديقة للمغرب، من خلال شركات مع الاتحاد الأوروبي ودول التعاون الخليج والولايات المتحدة الأمريكية، والصين التي تجمعنا بها شراكات.
واستدل على ذلك حديث عزيز أخنوش، وهو يقدم البرنامج الحكومي للخمس سنوات المقبلة، أمام البرلمان بإسهاب عن مصادر تمويل مجموعة من الاستثمارات الواعدة في المجال الصحي والتعليمي، متسائلا عن المصادر التمويلية المتاحة أمام الحكومة لتنزيل هذه المشاريع الطموحة وذات أهداف كبرى.
وأكد ساري على ضرورة احترام الحكومة الجديدة الأجندة المتعلقة بالمشاريع الملكية الكبرى؛ ومنها الحماية الاجتماعية والانعاش الاقتصادي وتفعيل النموذج التنموي الجديد، وهو ما أشار إليه الخطاب الملكي في افتتاح السنة التشريعية بشكل واضح من خلال الدعوة على التنزيل الفعلي للنموذج التنموي الجديد ومساهمة الجميع حكومة وبرلمان في إنجاحه.
كما أعرب المتحدث ذاته عن أمله في ألا يكون مشروع قانون المالية لسنة 2022 تقشفيا، وقانونا يميز بين الطبقات الاجتماعية، ويثقل كاهل الطبقة الوسطى بمجموعة من الضرائب، والعمل على توسيع قاعدة الطبقة المتوسطة، داعيا إلى الرفع من قدرتها الشرائية وذلك من خلال البحث عن مجموعة من المشاريع الاستثمارية للحد البطالة، وإنجاح هذه الأوراش الاجتماعية.

ملامح
من جهته، سجل الحسين الفرواح، رئيس المركز الافريقي للأبحاث والدراسات في الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، أنه مباشرة بعد تنصيبها من طرف البرلمان بعد التصويت على البرنامج الحكومي من طرف مجلس النواب طبقا للفصل 88 من الدستور، باشرت الحكومة المنصبة عملها لإدخال بعض التغييرات الشكلية المتعلقة بدمج واستحداث بعض القطاعات الوزارية، والجوهرية لتأخذ بعين الاعتبار بعض الإجراءات التي جاء بها البرنامج الحكومي الذي استمد جوهره من تقاطعات البرامج الانتخابية للأحزاب المشكلة للأغلبية. 
واعتبر الفرواح في تصريح مماثل لـ"طنجاوي" أن من أبرز ملامح مشروع قانون المالي لسنة 2022، تنزيل مشروع تعميم الحماية الاجتماعية التي ستهم أزيد من 22 مليون مغربي في أفق سنة 2025، وتسريع إنعاش الاقتصاد الوطني للخروج من تداعيات جائحة كورونا لتبلغ نسبة النمو الاقتصادي التوقعية بين 5.7 في المائة و6.2 في المائة حسب تقديرات على التوالي كل من صندوق النقد الدولي وبنك المغرب، و تنزيل مخرجات النموذج التنموي الجديد أبرزها الإجراءات التي تهم قطاعي التعليم والصحة.
ونبه الخبير الاقتصادي ذاته إلى أن الحكومة الجديدة ستواجه إكراهات وتحديات؛ أبرزها الجانب التمويلي بالنظر لأهمية الإجراءات التي تصبو الحكومة لتنزيلها أساسا الحماية الاجتماعية بمبلغ مهم يتراوح 51 مليار درهم سنويا، وورش التعليم الذي مازالت تعيقه مجموعة من الإكراهات منها الهدر المدرسي ومشكل الأساتذة المتعاقدين واسترجاع مكانة المدرسة بالمجتمع...، إضافة إلى إشكالية البطالة التي تتجاوز نسبتها 12 في المائة في ظل جائحة كورونا، دون إغفال تحسين العرض الصحي ليكون في مستوى برنامج الحماية الاجتماعية الطموح.

اختيارات
وفي مقابل هذه التحديات أكد الفرواح أن حكومة عزيز أخنوش أمامها جملة من الاختيارات؛ في مقدمتها تنزيل القانون الإطار للإصلاح الجبائي لتوسيع الوعاء الضريبي، والاستمرار في إصلاح صندوق المقاصة الذي ما يزال يمتص أكثر من 14 مليار درهم ليكون الاستهداف للفئات الهشة من خلال تعميم السجل الاجتماعي الموحد، وترشيد النفقات غير الضرورية، إلى جانب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتحسين مناخ الأعمال وإصلاح ورقمنة الإدارة العمومية. 
وعلى العكس من ذلك، يرى المتحدث ذاته أن المديونية، وخصوصا الخارجية منها، يبقى هامش المناورة أمامها مقلصا وضئيلا نظرا لما وصلت إليه نسبتها ظل في الحكومة السابقة مع إمكانية الاستدانة للاستثمار المنتج.

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي 'tanjaoui.ma'

تعليقات الزوّار (0)



أضف تعليقك



من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

أخر المستجدات

تابعنا على فيسبوك

النشرة البريدية

توصل بجديدنا عبر البريد الإلكتروني

@