محمد العمراني
يعيش سوق الجملة للخضر والفواكه بطنجة على وقع تسيب غير مسبوق، واستفحال خطير للخروقات على مستوى تدبير مختلف مرافقه، والنتيجة إهدار ملايين الدراهم من المال العام، جماعة طنجة في أمس الحاجة إليها لإعادة التوازن المالي لميزانيتها السنوية.
هاته الوضعية الكارثية التي يعيشها سوق الجملة، (سنأتي على تفصيلها في مقالات لاحقا)، تسائل بشكل مباشر مدير هذا المرفق الحيوي، وتضعه في قفص الاتهام، باعتباره المسؤول الاول على تدبير هذا المرفق المهم والحيوي، حيث تؤكد جميع المعطيات ان هذا الشخص، ومنذ تحمله المسؤولية على راس هذا المرفق، في سياق خاص جدا، كانت له اولويات اخرى، وكانت ٱخر اهتماماته هي العمل على تجويد نمط تدبير السوق، والرفع من مداخليه.
المثير في الامر حقا هو التصرفات العنترية لهذا المدير، الذي يدعي توفره على الحماية من طرف مسؤولين نافذين، من ضمنهم رئيس قسم مقبل على التقاعد في غضون الاشهر القليلة المقبلة.
فصاحبنا ومنذ تسلمه مفاتيح تدبير السوق رفع شعار "من معي ومن ضدي"، كان من نتائجه تقسيم المهنيين الى فئتين، الأولى تشمل المقربين من المدير، والذين يدينون له بالولاء، وهم محسوبون على رؤوس الاصابع، يحضون بحمايته، وباتوا اليوم من أصحاب الحل والعقد بالسوق، الذي اصبح بالنسبة لهم تلك الدجاجة التي تبيض في جيوبهم ذهبا، فيما الفئة الثانية ممن رفضوا الخنوع له والانصياع لأوامره، فسيوف التعسف و الانتقام مسلطة على رقابهم وجيوبهم، ولا مجيب لتظلماتهم .
هاته الوضعية تدفعنا الى إعادة نبش السياق الذي تم فيه تعيينه مديرا لهذا المرفق، حيث لم يعد خافيا ان الاصرار على تنصيبه، إنما كان يدخل ضمن مخطط محبوك للتحكم في جميع مراحل وتدابير الترحيل من السوق الكائن بمنطقة المجد الى سوق الجملة الجديد، لكن صرامة الوالي مهيدية افسدت مخطط التحكم في نتائج مباراة الوكلاء، ومع ذلك فإن اللوبي المشهود له بالخبرة في استغلال ثغرات بنود دفاتر التحملات، نجح في تطويع النظام المعلوماتي، و في الالتفاف على كل ٱليات الرقابة، والنتيجة التحكم في صنبور الامتيازات التي تدر الملايين في جيوب قلة من المحظوظين، فيما الاغلبية الساحقة تتقاتل يوميا لتخطي ما بات يعرف بحاجز 2 في المئة.
الخطير في الامر، ان اللوبي، الذي عبد الطريق لهذا المدير،اخفى عن اصحاب القرار، مساره المهني (سبق إعفاؤه من مهامه بسوق الجملة في ماي 2013، بعد رصد العديد من الاختلافات الخطيرة )، مثلما تكتم - هذا اللوبي- عن تكوينه الدراسي الذي لا يؤهله لتحمل اي مسؤولية مهما كانت صغيرة، (وحبذا لو طلب عمدة طنجة الاطلاع على مساره التعليمي والمهني)، فما بالك بمدير لسوق الجملة، الذي يوفر مداخيل جد مهمة لفائدة جماعة طنجة، وبالتالي فإن الذي خطط لتنصيب هذا المدير يعتبر ولاشك شريكا له في جريمة التدليس، والمساهمة في تبديد المال العام، رغم ان هناك محاولات جاهدة لتلميع صورته بجميع الطرق، وصلت حد استغلال المجهودات الكبيرة التي بذلها العمدة الحالي للرفع من مداخيل السوق .
وامام هاته الفضيحة التي تتطلب دخول جميع اجهزة الرقابة على الخط (المفتشية العامة للداخلية، المفتشية العامة للمالية، المجلس الجهوي للحسابات), فإن الموضوعية تقتضي الاعتراف بأن العمدة الحالي منير الليموري لا يتحمل أي قسط من المسؤولية فيما يقع بسوق الجملة، باعتباره لم يمر على تسلمه مفاتيح الطابق السابع بقصر البلدية سوى ثلاثة أشهر، علما انه ابان عن جديته وصرامته في التعاطي مع ملف سوق الجملة بما يستحق من اهتمام، ملتزما بالتجاوب مع المطالب العادلة لمهنيي وتجار هذا المرفق.
واذا كان العمدة الليموري غير مسؤول على الاطلاق عن الوضع الكارثي الذي ٱل إليه هذا السوق، فإنه مطالب باتخاذ قرارات حاسمة لإعادة الامور الى نصابها، ووضع حد لهاته الاختلات، لانه بصراحة من العيب والعار ان يستمر مثل هذا المدير على راس أهم مرفق جماعي بمدينة من حجم طنجة.