طنجاوي
أصدر قاضي الأمور المستعجلة بالمحكمة الابتدائية بمراكش، أول أمس الجمعة (21 يونيو) حكما يتم بمقتضاه السماح للتلميذة "آ.ش" بالولوج إلى المؤسسة التعليمية فيكتور هيجو بحجابها تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 500 درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ مع شمول الأمر بالنفاذ المعجل وتحميل المدعى عليها الصائر.
واعتبرت الهيئة القضائية في حكما الذي اطلع "طنجاوي" على فحواه، قرار المدعى عليها (المؤسسة التعليمية) بمنع ابنة المدعية من الولوج إلى الفصل الدراسي بسبب ارتدائها الملابس ترمز إلى معتقدها الديني "غير مشروع، ومخالفا للمقتضيات الدستورية والقانونية".
وأوضح الحكم أن هذا الأمر "يجعل قاضي المستعجلات مختصا للبت في الطلب لتوفر شرطي اختصاصه المحددين بمقتضى الفصلين 149 و152 من قانون المسطرة المدنية".
وأكد المصدر ذاته أن "واقعة المنع مع ما يرتب عنها من فوات بعض الدروس يشكل خطرا محدقا بالحق في التعليم المكفول لابنة المدعية، وهو ما يجعل عنصر الاستعجال قائما في النازلة ومبررا لتدخلنا من أجل أمر المدعى عليها بالسماح لابنة المدعية بالولوج للمؤسسة".
وذهبت الهيئة القضائية إلى أن"ارتداء ابنة المدعية للحجاب يندرج ضمن ممارستها لحريتها الشخصية، وليس فيه أي مساس بصحة السلامة العامة أو إخلال بالآداب العامة، ولا يشكل أي تهديد لحرية وحقوق الآخرين"
وأكدت على أن منع ابنة المدعية من الولوج إلى المدرسة بسبب ارتداء ملابس ترمز إلى معتقدها الديني"يشكل خرقا لمبادئ حقوق الطفل في التعليم الأساسي التي ضمنتها له جميع المواثيق الدولية والقوانين الوطنية، والتي لا يمكن أن تنتهك من أي طرف كان حتى لا يتم حرمان البنت من أهم حقوقها الكونية والدستورية ألا وهو حق التمدرس".
وسجلت أن "المدعى عليها لم تدل بالنظام الداخلي المحتج به، كما أنه بالاطلاع على ظاهر اتفاقية شراكة التعاون الثقافي والتنمية المبرمة بين حكومة الجمهورية الفرنسية والحكومة المغربية الموقعة بالرباط بتاريخ 25 يوليوز 2003 المدلى بها من طرف المدعى عليها، يتبين أنها خالية من أي مقتضى يمنع على التلاميذ ارتداء ملابس ترمز إلى معتقدهم الديني".
وتابعت الهيئة القضائية بأنه "وعلى فرض ثبوت صحة هذا الدفع، فإنه لا يمكن الركون إليه لمخالفته للمواثيق الدولية والقوانين الوطنية ذات الصلة بالحقوق المدنية للأفراد والتي يتعين على كل مؤسسة تعليمية مراعاتها وملاءمة نظامهم الداخلي معها".
وذكرت بأن"القانون الفرنسي بدوره قد قيد وضع الأنظمة الداخلية للمؤسسات التعليميات، بوجوب احترام تشريع الدولة التي توجد المؤسسة بترابها، إعمالا لما جاء في المادة 11-451 من قانون التربية الفرنسي".
وأورد الحكم أن "المملكة المغربية، العضو العامل النشيط في المنتظم الدولي، تلتزم في ديباجة دستورها على حماية منظومتي حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والنهوض بها، والإسهام في تطويرهما، مع مراعاه الطابع الكوني لتلك الحقوق وعدم قابليتها للتجزيء، وجعل الاتفاقيات الدولية تسمو فور نشرها على التشريعات الوطنية”، مشيرة إلى أن “مجموعة من الاتفاقيات الدولية في مجال حقوق الإنسان، التي تعد المملكة المغربية طرفا ملتزما بما جاء فيها، نصت على تعهد الدول الأطراف بضمان جعل ممارسة الحقوق المنصوص عليها في هذه المواثيق بريئة من أي تمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو غير ذلك من الأسباب".
كما توقف الحكم عند"ما جاء في الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري المصادق عليها في 18 دجنبر 1970، التي نصت في مادتها الخامسة على حق الأفراد في حرية الفكر والعقيدة والدين، وما نصت عليه المادتان 28 و29 من اتفاقية حقوق الطفل المعتمدة من طرف الجمعية العامة للأم المتحدة بتاريخ 20 نونبر 1989 والتي كان المغرب من بين البلدان الأولى التي بادرت إلى الانخراط والمصادقة عليها بنفس السنة بمدينة نيويورك الأمريكية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المصادق عليه في 3 ماي 1979 والذي نص في الفقرة الثالثة من المادة 18 على أنه: لا يجوز إخضاع حرية الإنسان في إظهار دينه أو معتقده إلا للقيود التي يفرضها القانون والتي تكون ضرورية لحماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية".