أخر الأخبار

حكومة العثماني.. قليل من السياسوية وكثير من الفعالية


طنجاوي - محمد العمراني
بتعيين الملك محمد السادس لحكومة سعد الدين العثماني، أمس الأربعاء، منهيا بذلك أزمة تشكيل حكومة ما بعد انتخابات السابع من أكتوبر 2016، دامت ستة أشهر، ينتصب سؤال مدى استجابة الهندسة والتركيبة الحكومية لمضامين خطاب دكار، الذي وضع فيه الملك محمد السادس الأسس والمعايير الواجب على أساسها أن تتشكل الحكومة.
لم يعد خافيا أن عبد الإله بنكيران فشل في استيعاب، حاجة المغرب إلى حكومة قوية منسجمة وفعالة، قادرة على مسايرة الدينامية الملكية، وفي مستوى التحديات المطروحة على البلد، وعندما أوصل المشاورات إلى النفق المسدود، كان لا بد للملك من التدخل بمقتضى ما يمنحه له الدستور من اختصاصات وصلاحيات.
و بعيدا عن أي أحكام متسرعة أو متشنجة، يمكن القول أن حكومة سعد الدين العثماني تمتلك الكثير من مقومات الفعالية و النجاعة، ستجعلها ولا شك في مستوى انتظارات المواطنين ومتطلبات المرحلة.
فعلى مستوى الهيكلة الحكومية، ورغم أن التحالف الحكومي مكون من ستة أحزاب، فإن فريق سعد الدين العثماني يضم 25 وزيرا فقط، سيشرفون على أقطاب وزارية كبرى، الأمر الذي سيرفع من المردودية والفعالية و النجاعة.
وحتى انضمام حزب الاتحاد الاشتراكي، الذي وضع عليه بنكيران فيتو، غير مفهوم إلى يوم الناس هذا، رغم أنه الحزب الفائز برئاسة مجلس النواب، لم يشكل أي عرقلة، ولم يؤثر في البنية الصلبة للحكومة، كما أن إدريس لشكر لم يستوزر، مما يطرح الكثير من التساؤلات حول الأسباب الحقيقية وراء إصرار بنكيران على رفض إشراك هذا الحزب في الحكومة؟!..
لكن ماذا عن حضور معيار الكفاءة في اختيار أعضاء الحكومة؟
يجب الإقرار أن فريق سعد الدين العثماني يضم كفاءات وازنة لا يمكن التشكيك فيها، وأثبتت فعالياتها في حكومة بنكيران، نخص بالذكر وزراء الخارجية، الفلاحة، الصناعة والتجارة، المالية...، بل حتى قطاع التعليم، الذي ظل تدبيره موضوع انتقادات حادة، تقرر تجميعه في قطب واحد، يضم التربية الوطنية والتعليم العالي، وتم وضع مسؤول على رأسه من طينة محمد حصاد، وهو الذي يجر وراءه خبرة ومسار مهني جد متميز، يؤكد أن الملك محمد السادس يضع تأهيل منظومة التعليم ضمن أولويات المرحلة المقبلة.
نفس الأمر ينطق على وزير الداخلية، عبد الوافي الفتيت، الحاصل على تكوين أكاديمي عال، فهو خريج البوليتيكنيك والمدرسة الوطنية للقناطر والطرق، والمشهود له بمسار مهني متميز، حيث أثبت كفاءة عالية في جميع المسؤوليات التي أسندت إليه، وهي المؤهلات التي أقنعت العثماني لاقتراحه على أنظار الملك من أجل تحمل مسؤولية هذا القطاع الحساس.
أما عن الانتقادات الموجهة لسعد الدين العثماني بخصوص تحجيم حضور حزب العدالة والتنمية في الهندسة الحكومية، فيجب الاعتراف أنه حزب المصباح لا يتوفر على كفاءات من العيار الثقيل، مؤهلة لتدبير قطاعات استراتيجيه، وهو ما سبق لبنكيران أن أقر به في أكثر من مناسبة، ومع ذلك فإن خيرة أطر الحزب حافظت على موقعها في التركيبة الحكومية.
خلاصة القول، أن الحرص الملكي على حماية الاختيار الديمقراطي، وإصراره على تشكيل حكومة غير مبنية على الأغلبية العددية، وعلى منطق الريع في توزيع المناصب الحكومية من جهة، واستيعاب العثماني لمتطلبات المرحلة، واستحضاره للمصالح العليا للوطن من جهة ثانية، كان من نتائجه ميلاد فريق حكومي أبعد ما يكون عن السياسوية الضيقة، فريق حكومي يمتلك مقومات النجاعة والفعالية، قادر على تنزيل الرؤية الملكية لمغرب المستقبل، فريق في مستوى انتظارات الشعب المغربي.

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي 'tanjaoui.ma'

تعليقات الزوّار (0)



أضف تعليقك



من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

أخر المستجدات

تابعنا على فيسبوك

النشرة البريدية

توصل بجديدنا عبر البريد الإلكتروني

@