طنجاوي – حفصة ركراك
كشف مدمنون سابقون للمخدرات بطنجة، في الندوة التي عقدتها جمعية حسنونة لمساندة متعاطي المخدرات، مساء أمس الجمعة، عن حجم الإحساس بالألم المعنوي والجسدي الذي كانوا يعانونه، وعن التهميش الذي كان يطالهم من الجهات المسؤولة، ما يضطرهم إلى الانعزال عن المجتمع، وابتكار طرق مشروعة وغير مشروعة لبلوغ مراميهم.
وخلال هاته الندوة، التي حضرها والي جهة طنجة تطوان الحسيمة، وممثلي القسم الاجتماعي بولاية طنجة، وممثلي الشرطة القضائية، ونائبة عمدة مدينة طنجة السيدة فاطمة بلحسن، وممثل مؤسسة محمد السادس، وممثلي القطاع الاقتصادي، وأعضاء المجتمع المدني، لم يتردد أحد المدمنين عن إماطة اللثام على تفاصيل حياته قائلا: "أنا ضحية هذه الظاهرة، أسرتي بعيدة كل البعد عن هذا العالم، لم أكن أتخيل في حياتي أبدا أنني سأدخن سيجارة واحدة، إلى أن وجدت نفسي مدمنا للهروين، ما اضطرني أن أبتعد عن أسرتي لمدة 13 سنة، و جعلني أعيش كل أنواع التهميش والألم، حيث أصبحت أعمل لصالح شيء أكرهه، ألم يعصرني ويضطرني للبحث عن المال وشراء الهروين لتخفيف حدة الألم، نجوت من ثلاث محاولات للانتحار، لأنني لم أكن راض عن وضعيتي، أحس نفسي مكبلا بالهروين، مهمشا من طرف المجتمع، وعالة على نفسي وعلى الاخرين.. حين صادفت الجمعية، أحسست لأول مرة بآدميتي، بإنسانيتي التي لها حقوق، ساندتني الجمعية لعلاج هذا المرض، ساندتني للوصول إلى حقوقي، قامت بتوعيتي ودعمتني نفسيا ومعنويا، حتى صرت أرى أملا جديدا في حياة أفضل".
وطالب المستفيدون من برنامج العلاج الذي تقدمه الجمعية، المسؤولين والجهات المعنية، بالزيادة في المرافق الطبية والموارد البشرية للأطباء، كما طالبوا السلطات بتحسين التعامل معهم، وتجنب تعذيبهم بالسجون حيث عبر أحدهم: "لو دخلت السجن لخرجت مجرما ولما كنت هذا الإنسان الذي يقف هنا ويتحدث إليكم".
وصرح مصطفى الغشاوي، رئيس جمعية حسنونة لمساندة متعاطي المخدرات، في كلمته الافتتاحية، أن الجمعية تعتمد مقاربة جديدة في إطار استراتيجية الخطة الوطنية لتقليص مخاطر المخدرات، وذلك بشراكة مع منظمة الأمم المتحدة لمحاربة السيدا والتعاون الدولي، حيث أكد الرئيس أن الجمعية قامت بدراسة "المقاربة مع خبراء دوليين وتعميمها على عدة جهات من ربوع الوطن، وقد تابعت العديد من الدول الإفريقية والعربية هذه التجربة وثمنتها واهتمت بها، فقد زارنا الإخوة من الجزائر وليبيا ولبنان وتنزانيا، ولازالت هناك دول أخرى تسعى لزيارتنا في القريب".
وساندت كل من جماعة طنجة في شخص فاطمة بلحسن نيابة عن العمدة، ووزارة الصحة في شخص مندوبها محمد وهبي، مبادرة الجمعية من أجل تقليص المخاطر لدى مدمني المخدرات، معتبرة أن السياسة المحلية تقوم على خدمة الساكنة عن طريق دعم هذه الجمعيات للوصول إلى حل وسط لتقليص مخاطر الظاهرة، واعتبرت فاطمة بلحسن أن المسؤولية هي مشتركة تجمع مختلف الفاعلين من سياسيين وناشطين في المجتمع المدني، من أجل دعم هؤلاء المدمنين نفسيا وإدماجهم في المجتمع وفي سوق الشغل.
وأوضحت فوزية بوزيتون، منسقة مركز الموارد والتكوين في مجال تقليص المخاطر بجمعية حسنونة، أن السبب وراء اهتمام الجمعية بمدمني المخدرات هو علاقة الإدمان بالسيدا ومرض السل، إذ أن المدمن حين يتعرض لهذه الأمراض، بفعل التهميش الذي يعرفه في محيطه المجتمعي، فإنه لا يهتم بوضعه الصحي ويستسلم للمرض ويعرض آخرين للعدوى بفعل سرعة انتقال هذه الأمراض، وأضافت فوزية أن الجمعية اختارت أن تتعامل مع هؤلاء، لأن الدولة غير مؤهلة للتعامل مع هذه الفئة عن قرب، وأشارت المنسقة إلى أن مدمن المخدرات ليس في حاجة لمن يذكره بذنبه ويعاقبه ويعذبه، هو في حاجة لمن يدعمه ويبحث له عن سبل تدريجية للعلاج، وهذا هو المسار الذي تنهجه الجمعية في أفق أن يتم تصميم هذه المناصرة وطنيا ضمن مشروع شراكة مع وزارة الصحة والصندوق العالمي لمكافحة السيدا والسل والمالاريا.